بوسنية تنتظر دفن رفاة ولديها ضحايا من مذبحة “سربرينيتسا”
المنتصف
تنتظر الأم “فطا إيساكوفيتش” بفارغ الصبر دفن عظام ولديها، ضحايا مذبحة “سربرينيتسا” في العام 1995، بمقبرة “بوتوشاري”، شمال شرقي البوسنة والهرسك.
الأم البالغة من العمر 73 عاما، والمقيمة في مركز للخدمات الاجتماعية، تعُد الأيام والساعات كي تشهد دفن عظام “عاصم” و”قاسم”، خلال مراسيم دفن ستقام في 11 يوليو/تموز الجاري.
وكباقي سكان سربرينيتسا، لقي الأخوان مصرعهما، أثناء محاولتهما الفرار من المذبحة عبر “طريق الموت”، الذي استخدمه جل الفارين منها، قبل أن يُعثر على عظامهما بمقبرة جماعية، في الفترة الماضية.
ويطلق البوسنيون على الغابات التي فروا عبرها خارج سربرنيتسا اسم “طريق الموت”؛ لأنّ القوات الصربية كانت تنصب فيها الكمائن لإبادتهم.
وبعد إجراء اختبار الحمض النووي “DNA” على العظام التي عُثر عليها في المقبرة، وتحديد هويات أصحابها، يُزمع دفنهم في مقبرة “بوتوشاري”، المخصصة لضحايا المذبحة، وذلك بمناسبة إحياء الذكرى السنوية الـ24 لوقوعها.
وقالت “إيساكوفيتش” للأناضول، والحسرة باديةً عليها، إن أمنيتها الوحيدة هي دفن عظام ولديها، وتوديعهما إلى مثواهما الأخير.
وأضافت أنها تحتفظ بصورهما الشخصية منذ أن غادرا المدينة، وأنها بقيت رفقة ابنتيها فقط وقتها.
وذكرت أن زوجها تُوفي في العام 1993 قبل الحرب، وأنها عاشت لحظات صعبة يستحيل وصفها بالكلمات خلال تلك الفترة.
وبفرحة مختطفة، أفادت الأم المجروحة بأنها محظوظة جدا لأنها ستشهد دفن ولديها، عكس الكثير من الأمهات الذين لن يستطيعوا ذلك؛ إما لأنهم فارقوا الحياة أو لأن جثامين أبنائهم، الذين قضوا في المذبحة لم يُعثر عليها بعد.
وتعد مجزرة “سربرنيتسا” أكبر مأساة إنسانية وقعت في أوروبا عقب الحرب العالمية الثانية (1939-1945)؛ نظرا لكم العنف والمجازر والدمار الذي تخللها.
ففي 11 يوليو/تموز 1995، لجأ مدنيون بوسنيون من “سربرنيتسا” إلى حماية الجنود الهولنديين، بعدما احتلت القوات الصربية بقيادة راتكو ملاديتش المدينة الصغيرة، غير أنّ القوات الهولندية، التي كانت مشاركة ضمن قوات أممية، أعادت تسليمهم للقوات الصربية.
وقضى في تلك المجزرة أكثر من 8 آلاف بوسني من الرجال والفتيان من أبناء المدينة، تراوحت أعمارهم بين 7 أعوام و70 عاما.
وارتكبت القوات الصربية العديد من المجازر بحق مسلمين، إبان فترة “حرب البوسنة”، التي بدأت في 1992 وانتهت في 1995، عقب توقيع اتفاقية “دايتون”، وتسببت الحرب بإبادة أكثر من 300 ألف شخص، وفق أرقام الأمم المتحدة.
ودفن الصرب المسلمين البوسنيين في مقابر جماعية، وبعد أن وضعت الحرب أوزارها، أطلقت البوسنة أعمال البحث عن المفقودين وانتشال جثث القتلى من المقابر الجماعية وتحديد هوياتهم؛ لدفن مجموعة منهم كل عام في ذكرى تلك الواقعة الأليمة من تاريخ البشرية.
ورغم مرور 24 عاما على مذبحة “سربرنيتسا” لم يتم العثور على رفات أكثر من 1000 من ضحاياها.
الاناضول