أخبار المنتصف
أخبار عاجلة
فلسطينالرئيسيةمقالات

صنـــدوق القــــدس العقـــــاري بين الواجــــب والحمـــــاية

صنـــدوق القــــدس العقـــــاري
بين الواجــــب والحمـــــاية
بقلم القاضي المقدسي فواز ابراهيم نزار عطية

فواز عطية
القاضي المقدسي فواز عطية

المنتصف

تعددت المقالات في وصف القدس على مرّ العصور، ومهما وصفها الواصفون فلا يمكن الوقوف عند وصف معين أو محدد، إذ بتعدد الاجيال والازمان سيتم وصفها بمختلف العبارات الجميلة التي لا تفي حقها ، فستظلّ القدس محتفظةً بالهالة المقدسة والعظمة الكبيرة التي ورد ذكرها في مُحكم التنزيل في سورة الاسراء، فهي مدينة الأنبياء والرسالات السماوية، وفيها مسرى النبي عليه الصلاة والسلام، وفيها المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وفيها آثار السيد المسيح عليه الصلاة والسلام، فالقدس زهرة المدائن جميعها، هي عنوان التاريخ الانساني وهي مدينة متوجة على عرش الجمال والحضارة والعراقة والأصالة.
تتعرض القدس اليوم إلى أقبح أعمال التخريب الحضاري بطمس هويتها العربية والاسلامية بشتى السبل والوسائل، وبعمليات ممنهجة لتغيير معالمها وآثارها الدينية والتاريخية لتُغلف بطابعٍ لا يمتّ للواقع والتاريخ بأية صلة.
لذلك تستمر المخططات، ويتم وضع الكمائن لأهل القدس ويُضيق عليهم في العيش والمعيشة، ليصل ضعاف النفوس إلى الاستسلام وتسليم أجزاء من المدينة مقابل اثمان لا تساوي وقفة عزة وشموخ على احد ابوابها لمدة خمسة دقائق.
ورغم الحديث عن الخذلان هنا وهناك، فصمود أهلها الذين عانوا الأمرّين من ظلم الاحتلال وأفعاله التعسفية بحق الحجر والبشر، سطر أروع آيات الثبات والرباط، ورغم الحكاية والحكاية في كل زاوية وحارة من حارات القدس، فما زال الأمل سيد الموقف لدى الغالبية العظمى من اهلها بحسن الظن في اخوتهم العرب من اقصى الغرب إلى اقصى الشرق ومن اقصى الشمال إلى اقصى الجنوب، وهذا الامل ينصرف إلى واجبهم القومي والديني اتجاه القدس التي لها في قلوبهم كل محبة وتشوق لزيارتها والصلاة فيها، حيث لا تكف السنتهم الدعاء آناء الليل وأطراف النهار متضرعة للعلي القدير أن يحمي ويثبت اهلها من براثن المتآمرين.
من هذا الوصف الدقيق الذي حمل معاني الصمود وأبها آيات الجمال لمدينة عشقها الكبير والصغير الحر والشريف، أُبدي بعض الأسئلة لأخوتنا العرب والمسلمين ألم يأتي وقت الواجب القومي والديني نحو القدس في ظل احلك الظروف التي تمر بها، ألم يأن لاخوتنا العرب والمسلمين حماية القدس بمقدساتها وتراثها وعبقها التاريخي والديني، ألم يأن لإخوتنا العرب والمسلمين في الدفاع عن القدس بإنشاء صندوق مالي تحت مسمى “صندوق القدس العقاري” لحماية عقارتها وابنيتها وازقتها وحاراتها وشوارعها، لينالوا شرف الدفاع عن القدس بأموالهم لا بأجسادهم بشراء العقارات التي يرغب بعض ابنائها في بيعها من ضنك الحياة حتى لا تصل إلى أيادٍ أجنبية، ألم يأن لهم تخصيص ميزانية محترمة من خلال الصندوق المذكور بهدف منع تسريب العقارات للأجانب، متى سيرى هذا الصندوق النور ليكون تحت رعايتهم وادارتهم فقط دون تدخل من أية جهة كانت، ليتم تحويل هذه العقارات الى اوقاف عامة تخلد ذكراهم.
لا يتوقف دعم القدس بالكلام والمؤتمرات وورشات العمل لتبيان مكانتها التاريخية والدينية فحسب، وإنما بوصلة القدس تتحرك بالحفاظ على العقارات من آفة التسريب التي اصبحت ظاهرة وآفة مرضية بحاجة للعلاج، وهذا العلاج متوفر فقط لدى اخوتنا العرب والمسلمين المقتدرين بإنشاء ودعم ذلك الصندوق، لتكون القدس في عهدتهم للحفاظ على مكانتها العريقة بين مدن العالم، الأمر الذي نؤكد من خلال ما سيق أعلاه، أن أي بوصلة تستعمل من اخوتنا العرب لا تُشير إلى القدس فهي بوصلة مشبوهة.
الجميع يعلم أن القدس ومحيطها عربية واسلامية رويت ارضها بدماء الشهداء على مدار 1400 عام ويزيد، وقبل ذلك سار على ارضها المسيح عليه السلام الذي عان وتحمل بطش المجرمين إلى أن رفعه الله للسماء ليتحمل وزر آلامه كل خائن معتد أثيم.
فجذور القدس تضرب في أعماق قلوب وعقول أمتنا العربية والاسلامية، وهي خالدة في وجدان كل حر شريف، مما تستحق التضحية، فجاد اهلها بالنفس وما تيسر من المال على مر سبعة عقود، فآن الاوان ليجود اخوتنا العرب والمسلمين بالمال الذي هو عصب الحياة لتحييد آفة التسريب وعلاج كل مريض من تلك الآفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى


تمكين الإشعارات yes no