الوصاية الهاشمية لا تلغى الا بموافقة الموصى له.. بقلم المحامي راجح ابو عصب
المنتصف
ارتباط الأسرة الهاشمية الكريمة بالمسجد الأقصى المبارك والقدس خاصة وفلسطين عامة هو ارتباط وثيق ورأسه ويعود إلى أكثر من أربعة عشر قرناً الى حيث اسرى الله سبحانه وتعالى بدهم الأكبر محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام بمكة المكرمة الى المسجد الأقصى المبارك في بيت المقدس ومن ثم عروج جبريل به عليهما السلام من قبل الصخرة المشرفة في المسجد الأقصى المبارك الى السماوات العلى الى سدرة المنتهى.
فمنذ معجزتي الإسراء والمعراج ارتبط الهاشميون الكرام بالمسجد الأقصى المبارك والقدس وفلسطين وهذا الارتباط باب الى يوم الدين لا يملك أحد أن يلغيه او يشطبه، وقد تجددت الوصاية الهاشمية الكريمة على القدس ومقدساتها الاسلامية والمسيحية في العصر الحديث عندما بايع الفلسطينيون الشريف الحسين بن علي مفجر الثورة العربية الكبرى وزعيم النهضة القومية الحديثة في الوطن العربي عام 1924، عندما توجه وفد فلسطيني كبير ضم عددا من كبار شخصيات فلسطين من : نقباء واشراف وقضاة ومفتين وعلماء وزعماء يتقدمهم موسى كاظم باشا الحسيني رئيس اللجنة التنفيذية للمؤتمر الفلسطيني العربي ومفتي فلسطين الحاج امين الحسيني وراغب النشاشيبي رئيس بلدية القدس ،وكبار رجال رجال الدين المسيحي من البطاركة او نوابهم او رؤساء الاديرة الى مقر الشريف الحسين بن علي في منطقة الشونة غور الأردن. حيث بايع الوفد الشريف الحسين بن علي خليفة واماماً للمسلمين باعتباره ملكاً عربياً والذي أوصى ان يدفن في رحاب المسجد الأقصى.
وعندما تولى جلالة الملك المؤسس عبدالله الاول عرش المملكة الاردنية الهاشمية اعقاب حرب 1948 توجه وفد فلسطيني ضم كبار الشخصيات من زعماء ووجهاء وشخصيات من القدس والخليل وبيت لحم ورام الله اضافة الى وجهاء النازحين من فلسطينية كانت قد احتلت مثل اللد والرملة وغيرها لمبايعة الملك المؤسس ملكا على الضفتين في مؤتمر عقد في منطقة الشونة غور الاردن في الاول من كانون الاول عام 1948 وعليه اصبحت الضفة الغربية جزء لا يتجزء من المملكة الاردنية الهاشمية.
**وقد حافظ الملك المؤسس عبد الله الأول طيب الله ثراه على الوصاية الهاشمية، وكان يحرص دائما على أن يؤدي صلاة الجمعة في المسجد الأقصىالمبارك مصطحب معه حفيده الحسين بن طلال طيب الله ثراه حتى سقط شهيدا عند
ابواب المسجد الأقصى المبارك وهو يهم بالدخول اليه لأداء صلاة الجمعة وكان الى جانبه
لحظة اغتياله الغادرة حفيده الأمير الحسين بن طلال .
وعندما تسلم الملك الحسين بن طلال حكم المملكة الاردنية الهاشمية وجلس على العرش
الملكي السامي سار على مسيرة اجداده الكرام في الوصاية على الأماكن المقدسة والقدس وكان باستمرار يزور المدينة المقدسة ويلتقي بكافة أطياف المواطنين المقدسيين،
ولشدة تعلقه بالقدس عند على بناء قصر له في حي تل القول في ضاحية بيت حنينا شمال القدس على مرتفع مطل على الأقصى المبارك ليكون مقرا له في المدينة المقدسة ولكن حرب الخامس من حزيران من عام 1967 حالت دون اتمام بقاء المقر الملكي .
وباع الراحل الكبير الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه قصره في العاصمة البريطانية لندن لأعمار مسجد قبة الصخرة المشرف وهذه القبة الذهبية التي تتلألأ في سماء القدس فوق مسجد قبة الصخرة المشرفة، تذكر بمأثر العاهل الأردني
الراحل الكبير، وتؤكد كذلك حرص الهاشميين الكرام على التمسك بالوصايه الهاشمية ،
وظل الاردن الشقيق حتى بعد اعلان فك ارتباطه بالضفة الغربية عام 1988 وبناء على طلب من الرئيس ياسر عرفات بدفع رواتب موظفي الأوقاف في القدس، وكذلك
رواتب موظفي المحكمة الشرعية في المدينة المقدسة رغم ازمته المالية التي يعيشها
جراء نكوث دول عربية خليجية عن الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه الأردن الشقيق بل
ان الحكومة الأردنية، قررت زيادة عدد موظفي المسجد الأقصى والأوقاف قداف مؤخراً
اعقاب انتهاكات المتطرفين اليهود باحات المسجد الأقصى المبارك.
وتابع الملك عبدالله الثاني مسيرة اجداده الهاشميين الكرام في التمسك بالوصاية الهاشمية
على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس وقد اعترفت اسرائيل بهذه الوصاية
في معاهدة السلام التي وقعها الملك الأردني الحسين بن طلال مع رئيس وزراء اسرائيل
اسحق رابين عام 1994 .
ولتأكيد تلك الوصاية الهاشمية فان الرئيس محمود عباس والملك عبد الله الثاني وقعا
وثيقة الوصاية الهاشمية الأردنية على مقدسات القدس الاسلامية والمسيحية في العاصة
الأردنية عمان يوم الحادي والثلاثين من شهر آذار من عام 2013.
وبذلك فان الوصاية الهاشمية الكريمة لمقدسات القدس الاسلامية والمسيحية ثابتة
تاريخيا وقانونيا فتاريخيا تعود هذه الوصاية الى وقت معجزتي الاسراء والمعراج
وكذلك في المبايعة الفلسطينية للشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه وكذلك قانونيا
بموجب الاعتراف الاسرائيلي في معاهدة السلام وكذلك في الوثيقة التي وقعها الرئيس عباس والملك عبد الله الثاني .
ومن هنا فلا يملك احد ايا كان ومهما كانت مرتبته او منزلته ولا تملك ابو دولة ولا اي انسان ان يلغي هذه الوصاية الا بموافقة الموصى له وهم الاسرة الهاشمية العربية وعلى رأسهم جلالة الملك عبد الله الثاني وهم لن يتنازلو ابدا عن هذه الوصاية لانها امانه لن ينكثوا بها ولن يتخلى عنها .
وقد راجت مؤخرا شائعات وانباء عن ان بعض المقدسيين يعتزمون تشكيل وفد من اجل الذهاب الى دولة عربية لمبايعة زعيمها بالوصاية على مقدسات القدس الاسلامية
والمسيحية، وقد أثارت هذه الشائعات وتلك الأنباء البلبلة في الشارع المقدسي و يخشي
المقدسيون من حدوث فتنة وما لا يحمد عقباه جراء هذه الخطوة المرفوضه فلسطينيا
بصورة عامة ومقدسي بصورة خاصة .
وان على اللذين يعتزمون القيام بذلك أن ينتهوا عما ينوون فعله لأنهم لا يمثلون
المقدسيين ولا يمثلون الفلسطينيين وانما يمثلون انفسهم لذا لا يحق لهم في هذا الوقت
الذي تمر به القدس باخطر مراحلها خاصة بعد قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل
و نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس وقد رفض الرئيس عباس قرار
ترامب بشدة وقطع كل الاتصالات مع الجانب الأميركي .
والمقدسيون بكل فئاتهم وانتماءاتهم يرفضون محاولات العبث هذه التي ستزيد الفتنة في
صفوفهم وهم يعتبرون أن ممثلهم الشرعي الوحيد هو الرئيس محمود عباس ولا أحد
غيره والرئيس محمود عباس متمسك بالوصاية الهاشمية على مقدسات القدس وهو
ينسق باستمرار مع الملك عبد الله الثاني الذي يُعتبر مع الرئيس عباس اكبر مدافع عن
المدينة المقدسة ومواطنيها .
كما أن المقدسيين يحفظون للاسرة الهاشمية فضائلها قبل حرب عام 1967 ويحفظون
حرص الهاشميين الكرام على القدس ومقدساتها وخاصة المسجد الأقصى ولن يسمحوا لاحد
بأن يلغي هذه الوصاية او يتلاعب بها فهي ثابتة تاريخيا وقانونيا ولا يملك أحد الغائها الا بموافقة الموصى له وكما قلنا فان الهاشميين الكرام لن يوافقوا ابدا على إلغائها وسيظلون المدافعين الأوائل عن القدس ومقدساتها مهما كانت التضحيات فهي أمانة في اعناقهم الى يوم الدين وهي وديعة إلهية استودعهم الله عز وجل إياهاو هم خير من يحافظ على هذه الوديعة وهم الاوفياء المخلصين لهذه الوديعة الالهية ،والله الموفق
الكاتب المقدسي والمحلل السياسي
المحامي راجح ابو عصب
القدس