أخبار المنتصف
أخبار عاجلة
مقالات

الصوت العالي..بقلم ابراهيم عبدالمجيد القيسي

الصوت العالي..

ابراهيم عبدالمجيد القيسي

ابراهيم القيسي
الكاتب الاردني ابراهيم القيسي / المنتصف

المنتصف 
كلكم تعرفون الصوت العالي الذي يصدر عمن يرفعون شعارات مطلبية، وخلال متابعتي للشأن المحلي يوميا ومنذ أكثر من عقدين من الزمان، فإنني يمكنني أن أتحدث استنتاجا وتحليلا، بسبب ما تكتظ به ذاكرتي من مواقف وأقوال وتصريحات، ومغامرات نضالوية قامت بها جهات كثيرة، ابتزتنا جميعا أحيانا فحصلت على مكاسب لم تكن لتحصل عليها لولا تراخي حكومات سابقة وضعفها..ولولا ظروف جيوسياسية سادت في المنطقة وفي الأردن، فاستغلها بعضنا وحقق مصالح على حسابنا جميعا، وفتح المزاد لغيره بأن يحذو حذوه.

قبل أيام انطلقت حملة لجمع السلاح غير المرخص، المنتشر بين الناس، فتعالت أصوات ضد هذا التوجه، وتمت شيطنة المسعى وكأن الحكومة ووزارة داخليتها تمثل محتلا يسيطر على البلاد وقراراتها، وكتبنا مقالة وقتها، حذرنا من مثل هذا الفصام في الفكرة والمبدأ لدى بعض منا، حيث توقعت وما زلت أتوقع بأن سوق السلاح السوداء ستزدهر بسبب هذه الحملات وتوقيتها وخطاب معارضيها، أعني بسبب تلك الأصوات التي تعمل على انتاج أزمات سياسية وأمنية واجتماعية، تغذي الفئوية والطبقية وتمنح لمواطنين دون غيرهم حق امتلاك السلاح بلا ترخيص، بينما تشيطن غيرها وتحذر من امتلاكها السلاح لا ترخيصا ولا تجارة سوداء، وهو كلام استفزازي غير مسؤول سيصب في مصلحة تجار السلاح والجريمة، وقال لي أحد المطلعين على هذه التجارة قبل أيام بأن هذا بات ملموسا، حيث تكاثرت حالات شراء أسلحة غير مرخصة !!.

وأمس؛ قرأت بيانا صادرا عن نقابة المعلمين، التي نحترمها لأنها تضم من يستحقون كل التبجيل والاحترام، فهم رسل التنوير والبناء والعطاء، لكنني أسجل استغرابي للمرة الألف:
كيف يريد المعلم أن يميز نفسه عن سائر أبناء الوطن من الموظفين؟
وإن كان يستحق تمييزا كبيرا على صعيد راتبه وامتيازاته، فإنه يجب أن يكون أسبق من غيره في تقدير ظروف الدولة الاقتصادية، حين يطرح مطالبات بامتيازات في مثل هذا الوقت، وينكر حتى الحوار في موضوع «مهنية المعلم»، ويكتفي بالتسمية والوظيفة التعليمية بينما لا يلقي بالا لمخرجات التعليم في مدارسنا مثلا، ولا تحاول نقابته أن تقدم تصورها حول أنماط وأساليب التدريس اللازمة، لتحسين هذه المخرجات..أنا أعلم أن للنقابة مواقف مهمة وإيجابية بهذا الصدد، لكنها خجولة ولم تقدم بدائلها لتطوير مهارات المعلم، وتهيئته ليكون الرائد في تغيير اسلوب التعليم في منظومة مدارسنا العامة والخاصة أيضا.

قد نهتم الى حد ما بضرورة تحسين حياة من يعلمون أبناءنا، لكننا لا يمكننا أن نتناسى ظروفنا المالية، فنتحمل أكبر من قدرتنا وطاقتنا، حتى لو كان هذا سيؤثر على أبنائنا، فالذي لا يملك مالا مثلا، قد يقوم بنقل ابنه من مدرسة خاصة متميزة الى أخرى، أو إلى مدارس القطاع العام الحكومية البعيدة عن مكان اقامته، فهو لن يثقل كاهله بديون من أجل تعليم ابنه تعليما يميزه أكثر عن أقرانه ويعزز فرصه في المستقبل، وهذا الموقف صحيح أيضا حين تقوم به الحكومات، فتؤجل بعض الاستحقاقات وتقلل من بعض النفقات وتغير في بعض السياسات والادارت من أجل التوفير وعدم التوغل في الاستدانة ..
فكيف تقبل أية فئة أو مجموعة أن تميز نفسها عن الآخرين وفي ظرف يتوغل في القسوة والسوء الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.

ألا يعتقد من يرفع هذه المطالبات بأنه إنما يذكي روح التجاوز على المنطق القائل «إن أردت أن تطاع فاطلب المستطاع»؟! ..قد تكون كل المطالبات التي يطلقها الناس في الشوارع وفي وسائل الاعلام محقّة، لكن هل هذا وقتها فعلا؟ ..
الله يرزقنا حكمة ومالا حلالا، وقبل هذا وأثناءه وبعده نسأله تعالى أن يرزقنا مزيدا من نعمة الاستقرار والتوفيق .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى


تمكين الإشعارات yes no