في مرماكم.. بقلم ابراهيم عبدالمجيد القيسي
المنتصف
أمس الأول؛ وأثناء مروري أمام وزارة التعليم العالي، شاهدت «اعتصاما» يضم حوالي 30 شخصا، يحملون «يافطات» ويهتفون، يطالبون باستثناءات أيضا، يريدون هذه المرة نظاما خاصا بهم للقبول الموحد في الجامعات، بعد أن استنفدوا كل فرصهم كطلبة سنوات «توجيهي» سابقة، ولا يعجبهم ال5 % من القبولات هذا العام، بل يريدون كل النسبة لكن وفق نظام قبول موحد خاص «فيهم»، علما أن وزارة التربية لم تقرر فجأة التحول لامتحان سنوي واحد للثانوية يتبعه بعد شهر واحد امتحان تكميلي، بل منحت طلبة السنوات السابقة كل التسهيلات لمن يريد أن يرفع معدله أو يعيد الامتحان «القديم» كله، وكان آخر ما قامت به الوزارة اجراء امتحان لهم في الدورة الشتوية الماضية، ومنحتهم فرصة أخرى إضافية حين سمحت لهم تقديم مواد في الامتحان الجديد، ومعاملتهم حسب القانون الذي يتيح لكل طلبة السنوات السابقة التنافس على 5 % من المقاعد في أي عام دراسي جامعي جديد.. مطالباتهم غير محقة وتقفز عن كل التسهيلات الممنوحة، وتصبح «تمييزا» بين الطلبة في حال أذعنت وزارة التعليم العالي لها، وهذا باقي ردي على سعادة النائب الصديق خليل عطية..
هل تعلمون أين وصلت كرة «الثلج» المتدحرجة التي انطلقت على خلفية تغيير امتحان الثانوية العامة؟..
نعم وصلت الى المرحلة الأكثر حرجا للجميع، وهي المقاعد الجامعية والتنافس عليها، فتجربة تغيير امتحان الثانوية العامة، على الشكل الذي يتيح للجميع أن يتجاوزوه بنجاح ودون تعقيدات متعلقة بالرهبة والمبالغة في الاستعداد..
تجربة ألقت ببعض النتائج والتحديات، ولأننا ننظر الى النصف أو الجزء المملوء من الكأس، سنتحدث بإيجابية، ونلفت عناية صانعي قرار التعليم الأساسي العالي إلى ضرورة انتهاء التجربة بالحصول على نتائج إيجابية حاسمة، لتزول التحديات في العام القادم..
نعلم أن أكبر عدد من طلبة الثانوية العامة في الأردن، هو الذي تقدم للامتحان هذا العام159 الف طالب، وعلمنا بأن 77 الف طالب منهم قد نجحوا في الامتحان الرئيسي، وربما سيرتفع عدد الناجحين بواقع 5 آلاف بعد انتهاء الامتحان التكميلي الذي تجريه التربية والتعليم الآن، وبناء على هذه الأرقام فإن الجامعات الحكومية في اختبار صعب، توقعناه وكتبنا عنه أكثر من مقالة في هذه الزاوية، ويجب التحدث قليلا عن الرقم المتوقع الذي تستطيع جامعاتنا استيعابه:
القدرة الاستيعابية في جامعاتنا الحكومية معروفة، وهي حوالي 30 ألف مقعد جامعي عند بداية العام الدراسي الجامعي، و15 الف مقعد بعد نهاية الفصل الدراسي الأول من العام الجامعي، بزيادة أو نقص 2000 مقعد أحيانا، ولأن امتحان الثانوية أصبح امتحانا واحدا، فسوف تكون القدرة الاستيعابية هي مجموع الرقمين (حوالي 50 الف مقعد) في الحالة المثالية، لكننا نتوقع أن يتخذ مجلس التعليم العالي قرارا بزيادتها كما فعل في صيف العام الماضي، حيث قرر إضافة حوالي 7 آلاف مقعد، وإن أضاف هذا العام 10 آلاف مقعد، فإن القدرة الاستيعابية ستكون حول 60 الف مقعد، وهو رقم مثالي ومناسب جدا، على أمل أن لا تتعرض الجامعات في العام القادم لمثل هذا الاختبار، فهي ما زالت تعاني مديونيات وظروف مالية سيئة، ولم تتأهل فعلا لاستيعاب طلبة فوق قدرتها الاستيعابية، حيث لا يوجد بنية تحتية مناسبة.
إن أهم ما نطلبه من الجامعات الحكومية هو الشفافية والتعامل بعدالة مع الطلبة، أي أن لا تكون هناك استثناءات بعيدة عن الاعلام والاعلان والناس، ففي الوقت الذي تعلن فيه جامعة بأن قدرتها الاستيعابية في تخصص ما هي 300 طالب مثلا، نجدهم وصلوا 500 طالب، ولا نجد بينهم ضمن قائمة التنافس أكثر من 120 طالبا فقط، بينما 320 مقعدا ذهبت للموازي وللاستثناءات غير المعلنة وغير المعروفة وغير الخاضعة لقانون ولا تعليمات، ولدي أرقام كثيرة وأمثلة عن حالات سابقة حدثت في أكثر من جامعة تؤكد ما ذكرناه، لكننا ننظر الى الجزء المملوء «لحد الآن»، ونريد المزيد من الشفافية والعدالة، ونريد النجاح لوزارة التعليم العالي ومنظومته ومجلسه وهيئة اعتماد مؤسساته..
الكرة في ملعبكم ولا نريد أن تكون في مرماكم للمرة المليون..
عشتم يا النشامى.