أيها الطليان: هذه سياسة الأمن العام الأردني وأخلاق منتسبيه..بقلم ابراهيم عبدالمجيد القيسي.
صحيفة المنتصف
لا ريبوبليكا أو «ال جمهورية»؛ صحيفة إيطالية تهتم بالشأن العام الإيطالي، وتم تصنيفها عام 2006 كأقوى صحيفة وأوسعها انتشارا على مستوى إيطاليا، تحدثت الزميلة الإيطالية عن الشرطة الأردنية، ونشرت السبت 3 آب الجاري مقالة بعنوان «شرطي وادي رم»، وحتى أختصر على القارىء أورد ترجمة لما قالته «الجمهورية» الإيطالية:
(شرطي وادي رم ..
سيدة إيطالية تتحدث عن رحلتها إلى وادي رم في الأردن حيث فقدت هاتفها بعد التقاطها بعض الصور التذكارية في وادي رم، فتواصلت مع ابنها في إيطاليا ليوقف بطاقتها الهاتفية من الشركة الأم ولكنه فاجأها واستبقها الحديث عن أنه قد تم التواصل معه من قبل شرطي أردني يسأله كيف يمكنه إيصال الهاتف لصاحبته.
حيث قامت السيدة عندئذٍ بالتواصل مع الشرطي وأخبرته أنها على الحدود لتكمل رحلتها السياحية إلى الديار المقدسة ، ولن تتمكن من الحصول على الهاتف وطلبت من الشرطي أن يتلف البطاقة الهاتفية إلا أن الشرطي اصر على ايصال الهاتف لها وسألها عن رحلة العودة فأخبرته أنها ستكون في مطار عمان لمدة ساعة واحدة فقط ، فوعدها الشرطي أنه سيترك لها الهاتف مع الشرطة السياحية في المطار .
وعندما عادت الى مطار عمان قامت بمراجعة الشرطة هناك وقامت باستلام هاتفها ، واكتشفت بأن الشرطي كان قد حاول كثيرا التواصل مع جميع الأسماء الموجودة على هاتفها لحين تمكنه من الوصول لرقم ابنها وهذا جعلها تشعر ان الخير ما زال موجوداً في الدنيا وان ما حصل معها ساعدها بان تظل لديها ثقة بالانسانية وان ترى النور بآخر النفق.)..لا ريبوبليكا الايطالية.
لن أقول بأنه كان يجب على الصحيفة الإيطالية توجيه المقالة لبعض الأردنيين وزوار الأردن، قبل توجيهها لقرائها الإيطاليين، لكنني أشكر الصحيفة وكاتب القصة الإخبارية، وأبين لهما بأنها ليست مجرد أمانة شرطي أردني، هي التي دفعته لبذل جهد إنساني لتوصيل مفقودات سائح وجدها في وادي رم، بل هي سياسة وقوانين وأخلاق وتاريخ قوات مسلحة وأجهزة أمنية أردنية، وهي أيضا وجه سياسي وحضاري للدولة الأردنية، التي يمثلها جلالة الملك عبدالله الثاني، ويقوم بواجبه استنادا لمنظومة أخلاق عربية واسلامية إنسانية مثلى، تحاكي بل تفوق في رفعة مبادئها أعرق الأخلاقيات الديمقراطية العالمية، وذلك هو الدستور الأردني غير المكتوب، الذي يؤمن به الأردن قيادة وشعبا وحكومات وقوانين ومؤسسات مجتمع مدني..
شرطي وادي رم؛ الذي ذكرت الصحيفة قصته، هي قصة كل شرطي أردني، فهم يوميا يقدمون خدمات إنسانية وأخلاقية لكثيرين، وهي تقع خارج حدود عملهم وواجبهم، وهي ربما لو قام بها شرطي في بعض الديمقراطيات الغربية، لتم منعه أو اتهامه بأنه يتهرب من واجبه ويقوم بأعمال غير مطلوبة منه، لكن يحدث هذا في الأردن على الصعيد الشخصي، فيفعله الشرطي والمواطن العادي، ويشعر بأنه واجبه الأخلاقي الأول وهو «مساعدة الناس كلهم»، وثمة في الأردن قوانين بل وأجهزة أمنية كإدارة الشرطة السياحية تتبع لجهاز الأمن العام الكبير، ينفذ قوانين وتعليمات تحمي حياة وممتلكات المواطن والزائر والسائح، وتؤمن لهم كل حقوقهم حتى حين يغادروا البلاد، وهناك قصص ومواقف كثيرة، تم خلالها إعادة مبالغ مالية فقدها سياح وزوار، حتى إن بعضها كانت قيما مالية فائضة عن الأسعار المعتمدة في المرافق السياحية الخاصة، يلزم قرارات محاكم في دول أخرى لاستعادتها، لكن حين تكتشف الشرطة السياحية أن مطعما خاصا أو حتى وسيطة نقل أو أية جهة تقدم خدمة للسائح، أخطأت أو حتى استغفلت سائحا ما وتقاضت أجرا أكثر من الأجر المعروف والمعلن عن خدمتها لزبائنها السياح أو غيرهم، تتواصل هذه الشرطة مع السياح في بلدانهم وتعيد لهم المبالغ الزائدة، مشفوعة بالاعتذار عن أي خطأ سقط فيه تاجر أو سائق من القطاع الخاص.
المثل الأردني يقول «كل الحق ع الطليان»، لكنه يرتدّ علينا نحن، حين تذكرون في صحيفتكم الغراء هذه القصة الإخبارية بينما نحن لا نذكر لكم شيئا بخصوص أن لا نفق مظلما هنا، فكل الأردن ساطعة بهذه المبادىء والأخلاق..
والحق علينا نحن حين لا نذكر شيئا عن الثمن الذي ندفعه داخليا وخارجيا، جراء تمسكنا بمثل هذه الأخلاق الإنسانية المعروفة عن ملوكنا وعن مواقف الأردن الدولية، تجاه كل زائر أو مكروب أو أي شخص لفظته قسوة السياسة والحروب، فوجد في الأردن واحة أمن وأخلاق ومبادىء إنسانية سامية..
ليس الحق عليكم أيها الإيطاليون بل على «ثلة» من أبناء جنسنا وزوارنا، ومواطنين منا لا يجيدون الحديث عن بلدهم ولا يرحموه من تحليقاتهم الخياليةالمضطربة.