عندما كان الأردن يزرع الأردن ويصدّر..بقلم أسعد العزوني
عندما كان الأردن يزرع الأردن ويصدّره
أسعد العزوني
صحيفة المنتصف
عرف عن الأردن في قديم الزمان براعة أهله في التعدين وخاصة تعدين النحاس،وكذلك “التنفيط”أي إستخراج النفط من باطن الأرض،وهناك آثار ما تزال موجودة تدل على التعدين والتنفيط ،ولا ننسى الإبداع المتمثل في البتراء،ودور سهل حوران “أهراء روما”الذي كان يزود روما بأفضل أنواع القمح لتصنع منه أفضل أنواع المعكرونة التي كانت تقدم في أفضل المطاعم الإيطالية لأفخم الزبائن….
ومن صور الإبداع الأردني المرحوم عيسى الور 1902-1987، ذلك الفلاح البسيط الذي قام بزراعة الأرز في الأردن أوائل خمسينيات القرن المنصرم وفي منطقة سيل الزرقاء الذي كان مهدا للحضارات المبدعة .
تقول إبنته د.إنعام التي تمارس مهنة التدريس في الجامعات البريطانية أن والدها سجل نجاحا باهرا في زراعة الأرز في الأردن ،وكان يصدر إنتاجه لكل من سوريا وفلسطين ،وأنه إستعان بخبراء زراعيين من تركيا ،كما إستورد معدات الزراعة اللازمة من تركيا أيضا مثل المبرش والدرس ،وان هذه المعدات ما تزال موجودة في بيتهم حتى يومنا هذا ،شاهدا صادقا على نجاح والدها الباهر،ورسالة للجميع الذين لا يتقنون زراعة حتى البندورة هذه الأيام.
وتقول د.إنعام بحسرة أن السلطات آنذاك أجبرت والدها على التوقف عن زراعة الأرز خوفا من تفشي مرض الملاريا،كما أوضحت ان والدها كان يزرع القطن أيضا.
وفي سياق متصل يقول الدوق ممدوح البشارات أن والده مارس زراعة الأرز منتصف الخمسينيات في منطقة المخيبة الفوقا وكان ناجحا ،إذ ان الشوال الواحد كان ينتج عنده 70 شوالا ،وكان يقوم بتوزيع الإنتاج مجانا على المواطنين ،لكنه توقف عن ذلك بعد عام واحد.
ما أردت الحديث عنه في هذا الإيضاح أن الأرض الأردنية ليست عقيما ،وان المواطن الأردن ليس عاجزا ،وما نراه اليوم قياسا بالزمن الغابر ناجم عن سياسات مقصودة هدفها شل حركة الأردنيين ،ومنعهم من إستغلال ثرواتهم التي كتبها الله لهم منذ أن خلق الأرض وقدر بقاعها ،وخص أرض الأردن بأن تكون أرض الحشد والرباط ،ولذلك كافأ أهلها مقدما بثروات كثيرة في باطن الأرض ، لكن السياسات المتبعة تصر على إفقار الأردنيين والإيحاء بأن الأرض الأردنية قاحلة لا حياة ولا خير فيها .