العم أبو علي ..دليل الثقافة في الأردن أسعد العزوني
العم أبو علي ..دليل الثقافة في الأردن
بقلم …أسعد العزوني
صحيفة المنتصف
تمتاز العاصمة عمّان ،وتحديدا وسط البلد بالعديد من الدلالات المكانية التي تشكل خارطة طريق لزائرها الذي يجهل شوارعها ومخارجها ومداخلها ،وفي مقدمة هذه الدلالات المكانية “كشك الثقافة العربية “لصاحبه العم أبو علي ،الذي بات معروفا عالميا بهذا الإسم ،حتى أنه يكفي أن تقول لأحدهم أنك تنتظره بجانب كشك أبو علي ،فإن الزائر يصلك دون عناء.
إحتل العم أبو علي هذه المكانة العالمية بعد الإقرار المحلي الرسمي والشعبي بقيمته المضافة للعاصمة وللأردن عموما ،نظرا لما يتصف به من صفات اهلته للعالمية ،ولنيل هذه الشهرة ،بحيث انه يمثل هدفا متواصلا للإعلام والإعلاميين الجادين الباحثين عن المعرفة،ولا يجدون ضالتهم إلا عند العم أبو علي ،الذي يعد مرجعا ثقافيا أردنيا بإمتياز،كما أنه يشفي غليل من يجلس معه ،لدقة وصدق تحليله للواقع الثقافي الأردني.
يأخذك الوقت وانت تجلس في حضرة العم أبو علي شيخ الثقافة والمثقفين العرب والأردنيين ،ويمتاز بقيمة مضافة اخرى وهي أن يغلّب الأدب على الثقافة ،وأعني بالأدب التأدب وهو يتحدث إلى ضيفه ،فإلى جانب تزويده بوجبة معلومات قيمة ،فإنه يشعره بالأمان ولا يتكبر على أحد ،ويشعر ضيفه بأنه هو الضيف وان الضيف هو صاحب المكان.
السائح العربي المثقف لا يشعر أنه زار الأردن ما لم يمر على كشك الثقافة العربية ويتحدث مع العم أبو علي ،وكذلك الزائر الأردني إلى عمان،ويشترى منه كتبا يبحث عنها ،وتشكل قيمة معلوماتية وثقافية مميزة ،كونه يقتني كتبا تعد من أمهات الكتب،ولا يكتفي العم أبو علي ببيع الكتب ،بل يحرص على توجيه الشباب والصبايا وتشجعيهم على القراء والتثقيف الذاتي.
عندما تجلس عند العم أبو علي ويكون لديك الوقت الكافي للإستماع إليه ،يغنيك عن الغوص في أرشيف الأردن الثقافي ،لأنه هو نفسه يمثل أرشيف البلد الثقافي ،ويخبرك ضاحكا أن الكاتب الفلاني والوزير العلاني مروا عليه وإشتروا منه كتبا ،ويخبرك أن بعض المثقفين الأردنيين كانوا يشترون الكتب ويطلبون منه ان يسجل في الدفتر.
لا أكشف سرا إن قلت أن العم أبو علي هذه الأيام ليس راضيا عن الواقع الثقافي في الأردن ،وينتقد هذا الوضع بشدة بل وبحسرة أحيانا ،لغيرته على الثقافة الأردنية والعربية بشكل عام ،ويقول أن مثقفي أيام زمان كان لهم طعم غير شكل ،في حين ان مثقي هذه الأيام عبارة عن “سكر قليل”.
عند الحديث عن واقع الكاتب الأردني يضع العم أبو علي إصبعه على الجرح ويقول بثبات أن الكاتب الأردني مظلوم ،وانه كمن يجلس في العراء في شهر كانون ،فلا شيء يقيه من البرد أو المطر،وهذا مع الأسف واقع مر يعيشه الكاتب الأردني الذي لا يتلقى أي دعم من الحكومة ،مع أنها تقوم بتكريم ودعم راقصات ومطربات،والسؤال هنا هل الرقص والطرب الخالي من الإحساس أهم من تكريس الهوية الثقافية؟
يشكل العم أبوعلي محجا للكتاب والمثقفين الملتزمين ،ولا ينزل أحدهم على وسط البلد إلا ويسلّم على العم أبو علي ويحييه ،ويدردش معه ويسأله عن آخر ما وصله من الكتب إياها التي تغني فكر من يقرأه ،وبهذا إستحق العم أبو علي أن يكون مرجعية للمثقفين ومحجا لهم في العاصمة عمان،وأهم دلالية مكانية في العاصمة ،ولم لا وهو الذي أسهم في بناء الثقافة الأردنية؟