القدس ……. اقوال بلا افعال !!
المحامي راجح ابو عصب
صحيفة المنتصف
تعيش القدس اليوم اوضاعا كارثية غير مسبوقة في كافة نواحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والثقافية ويوما بعد يوم تزداد هذه الاوضاع الكارثية سوءا لانه منذ سنوات طويلة وبالتحديد منذ رحيل الزعيم المقدسي فيصل عبد القادر الحسيني في 31 ايار من عام 2001 لم يعد للقدس ولا للمقدسيين مرجعية يرجعون اليها في كافة امورهم الحياتية حيث كان المرحوم الحسيني شخصية قيادية وكان قبلة المقدسيين في كل امور حياتهم وكان قادرا على حل معظم تلك المشاكل التي كانت تواجه المواطنين المقدسيين .
ولكن بعد رحيل فيصل الحسيني لم توجد الشخصية القيادية والكفؤه لاشغال منصبه بعد رحيله المفاجىء خلال زيارة له الى الكويت الشقيق من اجل جلب الدعم للمقدسيين ولاصلاح العلاقات الفلسطينية الكويتية التي ساءت كثيرا عقب اجتياح الرئيس العراقي صدام حسين للكويت في الثاني من شهر اب من عام 1990 وهكذا اصبح المقدسيون فجأة بلا مرجعية يرجعون اليها في مشاكلهم وما اكثر تلك المشاكل خاصة بعد ان تعددت تلك المرجعيات المقدسية ولم تكن هناك وحدة ولا تنسيق بين تلك المرجعيات وانما لم يقتصر الامر على فشل تلك المرجعيات في القيام بمسؤولياتها تجاه ابناء المدينة المقدسة انما تعداه الامر الى وزارة شؤون القدس ايضا حيث لا يشعر المواطن المقدسي باي وجود لتلك الوزارة الا من خلال الظهور في المؤتمرات والحفلات ووسائل الاعلام من صحافة وتلفزيون ووسائط التواصل الاجتماعي من فيس بوك وغيرها .
وقد اصبحت السمة المميزة لتلك المرجعيات ووزارة شؤون القدس ما يعرف ب الشللية كل له شلته وفريقه الملتف حوله فهم لا ينزلون الى الشارع ليتعرفوا على مشاكل المواطن المقدسي ولمساعدته في حل ما امكن من تلك المشاكل .
ومع ان القدس عاصمة الدولة الفلسطينية الموعودة ومع ان الرئيس محمود عباس يصرح باستمرار بانه لن يوقع اي اتفاق سلام مع اسرائيل لا يتضمن الاعتراف بالقدس الشرقية ومع ان القدس مدينة فريدة بين كافة مدن العالم من حيث انها تجمع بين كونها مهد الديانات السماوية الثلاث الاسلام والمسيحية واليهودية هذا عدا عن قيمتها الاثرية التاريخية حيث كانت مهدا لحضارات العالم القديم منذ اجدادنا الكنعانيين ومرورا بمختلف الحضارات من رومانية ويونانية وفرعونية وعربية اسلامية والايوبية والمماليك والعثمانيين كل ذلك جعلها مهوى افئدة كل السياح من كافة اقطار العالم سواء كانت السياحة دينية او كانت لزيارة الاثار حيث تعتبر القدس كلها متحفا اثريا فريدا لا مثيل له في العالم مع كل ذلك فانها تعاني من الاهمال التام من جانب المرجعيات المقدسية ومن ناحية وزارة شؤون القدس .
ومع ان رئيس الوزراء د. محمد اشتية اعلن ان حكومته هي حكومة لكل الفلسطينيين وانها ستكون مفتوحة امام جميع المواطنين الفلسطينيين للاستماع الى مشاكلها والعمل على قدر الامكان لحل تلك المشاكل الا ان المرجعيات التابعة للحكومة الفلسطينية في القدس ووزارة شؤون القدس لم تترجم اعلان د.محمد اشتية على ارض الواقع الى فعال ومع ان د. محمد اشتية اكد على تنفيذ توجيهات الرئيس محمود عباس في كتاب التكليف والتي جاء فيها منح القدس الاولوية ودعم اهلها ووضع خطة لدعم المدينة المقدسة والمحافظة عليها وعلى صمود اهلها مع ضرورة توفير الدعم المالي لتحقيق ذلك.
مع كل اقوال د . محمد اشتية هذه بخصوص القدس العاصمة الموعودة لم يرى المقدسيون شيئا من ذلك على ارض الواقع وذلك لان المرجعيات المقدسية ووزارة شؤون القدس ليست على قدر المسؤولية وانما كل ما تقوم به هو مجرد اقوال لا تترجم الى افعال .
مثلا لم نرى اي تحرك لدعم شركة كهرباء القدس ومنع انهيارها نتيجة الازمة المالية الخانقة جراء سرقات التيار الكهربائي وعدم تسديد الفواتير والاستيلاء او سرقة او تدمير بعض ممتلكات الشركة ما جعل الشركة الاسرائيلية التي تزود شركة الكهرباء المقدسية بالاعلان عن عزمها قطع التيار الكهربائي عن العديد من مناطق امتياز شركة كهرباء القدس .
ان الزيارات التضامنية مع الشركة لن تنقذها من ازمتها المالية بل ان تعمل وزارة شؤون القدس والمرجعيات المقدسية على التواصل مع الشخصيات المقدسية الفاعلة والمسموعة الكلمة من رجال اعمال ومحامين واطباء وصيادلة ورجال دين اسلامي ومسيحي اصدار قوائم مفصلة باسماء سارقي التيار الكهربائي وكذاك اسماء الممتنعين عن تسديد الفواتير والاتصال بهم شخصيا وحثهم على وقف السرقات وتسديد الفواتير ومن لم يستجب تقوم اللجنة باعطاء اسمائهم للحكومة الفلسطينية من اجل حملهم على وقف السرقات وتسديد الفواتير والا وضعت اسماؤهم على المعابر ومنعوا من السفر واوقفت كافة معاملاتهم لدى السلطة الفلسطينية خاصة وان الكثيرين منهم يملكون حسابات في البنوك الفلسطينية في الضفة الغربية .
ان المطلوب الان ودون تأجيل ولا تأخير توحيد المرجعيات المقدسية في مرجعية واحدة وكذلك تفعيل وزارة شؤون القدس بالنزول الى الشارع المقدسي والاتصال مع الشخصيات المقدسية الفاعلة والمؤثرة لمعالجة مشاكل القدس الاجتماعية خاصة ازمة الاسكان وشيوع المخدرات وكذلك مشاكل التعليم والوضع الاقتصادي السيء وكل ذلك بالتعاون مع الحكومة الفلسطينية ومحاولة توفير الدعم للمدينة ولمواطنيها المقدسين من خلال جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي ان الاقوال التي لا تترجم الى افعال لن تحل مشاكل القدس والمقدسيين وصدق الله العظيم اذ يقول : ” با ايها الذين امنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تعلمون سورة الصف الايات 3و2 . والله الموفق .