القيادة ليست مرتاحةً وكذلك نحن..بقلم داود المناصير
“القيادة ليست مرتاحةً وكذلك نحن”
صحيفة المنتصف
في لقاء جلالة الملك عبد الله، قال حرفياً: “أنا مش مرتاح للمؤسسات الحكوميّة”. أي السلطة التنفيذيّة، وهذا مؤشرٌ على أنّ هناك خللاً في أداء بعض المؤسسات وذكرها بالاسم ولا بدّ أن جلالته لديه المعلومات الدقيقة عن مواقع الخلل.
وبالإشارة إلى ما قاله الملك واقتبس، “هناك تحدّياتٌ أمامنا، جيلنا مش قادر يفهم” وهذا مؤشرٌ أيضاً أنّ هناك معيقاتٍ من بعض مُتّخِذِي القرار.
كذلك رئيس الوزراء تحدّث مراراً وتكراراً عن العديد من الأخطاء التي أُرتُكِبت سابقاً وحمّلت الخزينة أعباءً ماليةً وما ترتّب عليها من نتائج كارثيّة أثقلت كاهل المواطن وأرهقته وجعلته في حيرةٍ من أمره وأصبح الجميع يعرف (ومش مرتاح).
إنّ الأردنيّين في حالة ضيقٍ وحنقٍ وغير مرتاحين وإنّ أسباب عدم راحتنا معروفةٌ وتكاد تكون محدّدةً، فالشعب يريد كرامةً ويريد أن يحصل على حقوقه كاملةً وفي مقدّمتها سيادة القانون وعدم التغوّل عليه من السلطة التنفيذيّة، ويريد حريّةً مسؤولةً وحياةً اقتصاديّةً مقبولةً وإصلاحاً سياسيّاً حقيقيّاً في مقدمته تنظيف مؤسسات الدولة من العابرين حاصدي المغانم والأمجاد لنخفّف من حالة الاحتقان والحنق الشعبيّ كذلك مشاكل البطالة لدى الشباب وتعطيل طاقاتهم وسلبيّة العديد من المسؤولين، ومن أسباب عدم الارتياح شعور الأردنيين بأنّ من يتولّى موقع صنع القرار لا يَمُتُّ بِصِلَةٍ إلى تراب الوطن ويتصرّف بأنانيّةٍ لكسب المزيد من الثروة والمغانم وبالمقابل فإن شعور من ضحّى وأخلص فإن نهايته ستكون على قارعة الطريق.
إن الحالة الأردنيّة غير المريحة في ظلّ تزايد الفساد الإداريّ المنظّم الموجّه لتهشيم المكوّن الأردنيّ المؤهل الوحيد للذَوْدِ عن الوطن والوحدة الوطنيّة الحقيقيّة الصانع لها بحبٍّ ورضىً وإنّ محاولة عزله بهذا الشكل والاستعاضة عنه ببدائل رديئةٍ حاقدةٍ تعيش عقدة الأصل والفرع المناقضة لوحدتنا ودستورنا زادت من عدم الارتياح.
إن الململة المُشاهدة وبشكلٍ يوميّ تضعف الجبهة الداخليّة وتسهّل الطريق أمام عدوّنا الأوحد اسرائيل وستسّهل المهمّة لها للتسلّل إلينا لتنفيذ مخططاتها وقد بدأت في برنامجها التوسّعي الذي سيطال الأردنّ حتماً في ظلّ السلبيّة السياسيّة التي لا تكترث بحالة الغضب والشعور بالتهميش الذي سيساهم في إضعاف جبهتنا الداخليّة.
إن الحالة هذة تُدْرَسُ بعنايةٍ وبتمعنٍ من قِبَلِ عدوّنا والسفارات المتعاونة معه وتحلّل كلّ ما يُكتب ويقال وترصد الأصوات والاحتجاجات المتناثرة ولها وسائلها في تفسير الحالة وكيف يمكن اختراقها.
إنّ عدوّنا يدرس الحالة الأردنيّة بعناية والسياسيّ الأردنيّ بسطحيته لا ينظر إلى ما يجري بجديّة وعمق ولا يفسر ما يجري بموضوعيّة وعقلانيّة واعتمد على العقليّة الأمنيّة التي في معظم الأحيان لا زالت تؤمن بالمسكّنات ولا تمتلك الحلول الجذريّة لمشاكلنا التي تجعل أهم مُرْتَكَزَيْن من دعائم الوطن يشعران بالارتياح لأنهما صماما الأمان، القيادةُ ونحن.