الهنود الحمر …تاريخ بين البقاء والفناء(أ.د. حنا عيسى)
الهنود الحمر …تاريخ بين البقاء والفناء(أ.د. حنا عيسى)
صحيفة المنتصف
(حكمة جميلة لأحد حكماء الهنود الحمر تقول : لا تسر خلفي فقد لا أكون مرشدا لك ولا تسر أمامي فقد لا أتقبل أن أكون تابعا لك .. بل سر بجانبي لكي أراك ولنكون متساويين أيضا)
(كان عدد الهنود الحمر فى فترة وصول كريستوفر كولومبس يتراوح ما بين الأربعين إلى تسعين مليون شخص ، أطلقت عليهم أسماء عدة منها الأمم الأولى ، الأمريكان القدماء ، الأمريكان الأصليون ، الهنود الأمريكان.. يشكل الهنود الحمر في الوقت الحالي ما نسبته 1،5 من العدد الاجمالي لسكان الولايات المتحدة ، أي ما يساوي 4،5 مليون نسمة ..اما مسمى الهنود الحمر فقد اطلق على تلك الفئة للتمييز بينهم وبين الهنود الاسيويين )
قبل التعرّف على سكان أمريكا الأصليين لا بد من العودة إلى مرحلة تاريخية مهمة من تاريخ أوروبا وهي مرحلة الكشوف الجغرافية، وذلك للتعرّف على سكان أمريكا الحاليين.
كانت أوروبا قبل حركة الكشوف الجغرافيّة تعيش أزمات دينيّة لا بل وحروب بسبب سيطرة رجال الدين المسيحي على كافة الأمور في بلدانهم، واحتكارهم لتفسير الكتاب المقدّس، وانتشار الفساد بالكنائس، ممّا أدّى إلى ظهور أصوات منتقدة لذلك تدعو إلى احترام حرية الإنسان ورأيه وسميّت هذه الحركة بالحركة الإنسانية، كما وظهر خلال هذه الفترة مفكرين وفلاسفة نشروا الوعي بين الناس وترجموا الكتب وحصلت مصادمات بينهم وبين الكنيسة.
هذه الظروف وغيرها من عوامل سياسيّة دعت بعض الدول إلى البحث عن طرق تجاريّة مع جنوب شرق آسيا لا تمر بآسيا بسبب تحكّم بعض الدول بهذه الطرق وزيادة كلفة حماية هذه التجارة، وبالتالي ارتفاع أثمانها وأحيانا انقطاعها.
أوروبا وآسيا وإفريقيا هي قارات العالم القديم والتي لم يكن يُعرف بتواجد يابس غربها على الشق الغربي للمحيط الأطلسي، ومن هنا كان الهدف هو إيجاد طريق بحري يصل إلى الهند وتمّت حركة الكشوف الجغرافيّة على هذا الأساس، وأوّل ما بدأت حركة الكشوف الجغرافية من البرتغال مستفيدة من الكتب والمعلومات الجغرافية الإسلامية.
ذكرت المصادر التاريخية بأنّ عالم من علماء الصين المسلمين هو أوّل من وصل إلى اليابس في أمريكا، ومن بعده جاء الرحالة كولومبوس ولم يكن يعرف بأنّه اكتشف أرض جديدة، ومن بعده جاء رحالة آخر هو أمريكيو وعرف بأنّ هذه ألأرض لم تكن معروفه وسميت باسمه، وعُرفت هذه القارات بالعالم الجديد وهي أمريكا الشمالية والجنوبية واستراليا.
من بعد هذه الاكتشافات بدأت الهجرة إلى الأرض الجديدة من قِبل الأوروبيين والاستيطان بها، وبدأت الهجرات الأوروبية إلى أرض أمريكا حيث أقاموا المستعمرات التابعة لبلدانهم الأصليّة إلى أن تضاربت مصالحهم فاستقلّوا عنهم بعد حرب الاستقلال، حيث كان الهنود الحمر يسكنون هذه الأراضي.
الهنود الحمر:
هم السكان الأصليون لأمريكا وكانوا يعيشون حياة بدائية بسيطة، ومع تكاثر المهاجرين الأوروبيين واستيطانهم في الأراضي الجديد تراجع شعب الهنود الحمر ولم يكن باستطاعتهم مواجهة موجة الاستيطان الأوروبي المتسلّح بالعلم والمعرفة.
ولهم عدة مسميات عبر التاريخ، ومنها الأمريكان القدماء أو الأصليون، وكما يسموّن أيضاً بالهنود الأمريكان، وهي عبارة عن مسميّات أُطلقت على عرق سكن الأمريكيّتين قبل اكتشافهما من قبل كريستوفر كولومبوس، وكما يطلق عليهم أيضاً اسم الأمم الأولى.
حملت القبائل والحضارات التي نشأت في أمريكا الشمالية اسم الهنود الأمريكيين أو الهنود الحمر، وهي حضارات نحاس وصيادين البر والبحر وخاصة البحيرات الكبرى الكائنة في كندا في أمريكا، وكانوا يعتمدون على النحاس في صناعة الآلات الساخنة والباردة.
خضع الهنود الحمر للاستعمار الأوروبيّ خلال القرن الخامس عشر الميلادي، واستولى المستعمر على أراضي الهنود الحمر ونهبوها وأبادوها، وقُدّر عدد الهنود الحمر في عام 1492م عندما اكتشف كريستوفر كولومبوس الأمريكيتين ما بين أربعين إلى تسعين مليوناً، ويشار إلى أنّ لغاتهم متفاوتة فيما بينهم، وانتقلت إليهم عدوى بعض الأمراض جاءت عبر الأوروبيين كالتيفوئيد والملاريا والكوليرا والطاعون والحصبة، التي قضى عدد كبير من الهنود الحمر بسببها، وكان الأوروبيّون قد مارسوا الظلم والاستبداد على الهنود الحُمر، فبدأ الحُمر بممارسة السلوك الانتحاريّ للتحرر من الظلم والإهانة والعمل الشاق الذين يتعرضون له نساءً ورجالا وأطفالا، إذ كانت تُتبّع عدة أساليب في الانتحار منها قتل الأطفال الرضّع، أو القفز من مناطق مرتفعة، أو تناول ما يسمى بسم المانيوق الزعاف، إلا أن الزعيم الهندي إنريكيز أخذ الثأر للهنود الحُمر وألحق خسائر فادحة بأفراد الاستعمار الإسبانيّ.
يشكّل الهنود الحمر في الوقت الحالي ما نسبته 1.5 من العدد الإجماليّ لسكان الولايات المتحدة، أي ما يساوي 4.5 مليون نسمة ، ويقسّم هذا العدد إلى خمسمئة وست وخمسين قبيلة، وكان الهنود الحمر في الولايات المتحدة في بداية حياتهم يقيمون في الأسكا، ثم انتقلوا للعيش في الجزء الجنوبي والشمالي الغربي من البلاد، ولهم عاداتهم وتقاليدهم التي ما زالوا يتمسكون بها ويمارسونها.
التسمية:
التسمية أُطلق مسمى الهنود على الهنود الحُمر نظراً لما ظنه كريستوفر كولومبوس بأنه قد حطت قدماه على أرض جزر الهند الشرقيّة بالتزامن مع اكتشافه للعالم القديم، أما مسمى الهنود الحمر فقد أطلق على تلك الفئة للتمييز بينهم وبين الهنود الآسيويين.
الديانة:
الديانة تشير دلالات برزت في القرن الخامس عشر الميلادي إلى أنّ الهنود الحُمر ينحدرون من أصول أفريقية عاشت في العالم القديم، وتنشطر قبائلهم ما بين مسيحية وأخرى وثنيّة، ويعود السبب في اعتناق البعض للديانة المسيحية بسبب إرسال الأمريكان البيض حملات تبشيرية إليهم واقناعهم بالدين المسيحيّ.
وما زال العدد الكبير من الهنود الحمر يعيشون في دول أمريكا الشمالية والجنوبية ويتداولون لغتهم الأصلية ولهم عاداتهم وثقافتهم، وبعض الجماعات منهم يعيشون في مجتمعات منعزلة عن الغربيين والبعض أجبرتهم حكومات الولايات المتحدة الأمريكية على العيش في محميات خاصة حيث يواجهون موجة من التمييز بينهم وبين الجنس الأبيض حتّى في المؤسسات الطبية التي ترعاهم والمدارس على قلّتها. كان للهنود الحمر حضاراتهم قبل مجيء الأوروبيين فقد كانت لهم تجمّعات سكانيّة دائمة أو حضرية يمارسون الزراعة وأنظمة عشائرية معقّدة.