الحصار على قطر..سنة ثالثة تقدم وإزدهار وإستقرار..بقلم اسعد العزوني
الحصار على قطر..سنة ثالثة تقدم وإزدهار وإستقرار
أسعد العزوني
صحيفة المنتصف
بالأمس مرت علينا الذكرى الثالثة لمؤامرة حيكت ضدنا جميعا في ليل بهيمي،تمثلت في حصار الشعب القطري الشقيق،وفي شهر رمضان شهر الخير والرحمة،وتم طرد الحجاج والمعتمرين القطريين من بيت الله الحرام،وجرى تخييرهم بين قيادتهم وبيت الله،فإختاروا قيادتهم،وقلوبهم تتفطر حزنا لأن الظلم وقع عليهم ممن كانوا يعدونهم أخوة لهم.
من عادتي ألا أتعرض للأسباب التي أدت إلى الحدث الذي أعالجه لإيماني أن إنفجار الدمل هو نتيجة حتمية لوجوده وإهماله والسكوت عنه،بمعنى أن دولة قطر محسودة من قبل الجميع وخاصة أؤلئك الذين كرروا محاولة غدرها مرة ثانية ،وفرضوا عليها حصارا جائرا تمهيدا لغزوها لنهب ثرواتها إنتقاما منها لأنها إستغلت ثرواتها لمصلحة شعبها وحققت تنمية مستدامة بعكس ما يفعلون هم،وكان جيس التسي تسي مرابطا في جزيرة البحرين إنتظارا لأوامر الغدر،ولكن حنكة وذكاء القيادة القطرية ممثلة بالشيخ تميم بن حمد آل ثاني ،أفشلت المؤامرة وأحبطت المخطط.
عند الشروع في معالجة الحدث المقصود أنظر بعين المتفحص الحادة في التوقيت،وما هي الخطوات التي سبقت الحدث،كي يكون التحليل صادقا وشفافا والنتائج مقبولة لأتمكن من الحكم على النوايا،وتحديد الطرف الظالم والمظلوم،أي وضع النقاط على الحروف بعيدا عن العواطف والإصطفافات،ولو كانت دولة قطر هي التي ألحقت الظلم والأذى بالسعودية ،لوقفنا إلى جانب الرياض ،لكن قيادة السعودية سهلت علينا المهمة ،وجاء إصطفافنا مع الدوحة تحصيل حاصل وبدون حرج ،رغم ما تحملناه من هجوم وشتائم ومسبات وإتهامات من الجانب السعودي الذي لا يقبل أحدا ان يقول كلمة حق.
جاء حصار الشعب القطري المبيت منذ زمن ،بعيد وصول المقاول الرئيس ترمب إلى سدة البيت الأبيض،إذ رتبت له الرياض ثلاثة مؤتمرات قمة الأول مؤتمر خليجي أمريكي والثاني عربي أمريكي والثالث إسلامي امريكا،وأحسن الرئيسان الرئيسان الإيراني والتركي بعدم الحضور لمعرفتهما المسبقة بماهية مثل هذه القمم المشبوهة ،إذ كان الهدف منها هو إجبار العرب والمسلمين على قبول المشروع السعودي بعنوان صفقة القرن،الذي سينفذ مشروع شيمون بيرزي وعنوانه الشرق الأوسط الجديد الذي يقوم على تلاقح العقل اليهودي”الذكي”مع المال العربي “السائب”،وسجل جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين الهاشمي وسمو الشيخ تميم مواقف رجولية برفضهما الصريح للتوجه السعودي،الأمر الذي فجر الموقف مع السعودية فورا،وألقمت ترمب 460 مليار دولار عدا ونقدا ناهيك عن 100 مليون لصندوق زوجته الخيري، ونقوطا لا يعلم سوى الله قيمته لإبنته إيفانكا التي سحرتهم وكذلك لزوجها كوشنير، و750 مليون دولار كلفة سهرة رقصة السيف للعائلة الترمبية لمدة سويعات،إضافة إلى هدايا كبيرة لم تستوعبها طائرة ترمب فلحقت به في سفينة ضخمة عبر البحر ،وكانت تحمل من جملة الهدايا قاربا حديثا بطول 250 مترا وسيفا من الذهب المرصع بالألماس بطول 2.5 مترا وهدايا أخرى ثمينة.
ماسبق الحصار من جرائم مبيتة ضد القضية الفلسطينية والأردن،دلالة أكيدة وواضحة على بشاعة الحصار،كما ان مطالب دول الحصار العبثية دليل راسخ على إجرام من خطط للحصار،وهذا يقودنا للقول ان البعرة تدل على البعير والخطوة على المسير،إذ كانت دول الحصار تهدف إلى شطب القضية الفلسطينية لصالح الصهاينة،وشن عدوان غاشم على غزة بمشاركة أمريكية وإسرائيلية ،ولذلك أرادوا إغلاق قناة الجزيرة كي لا تغطي عدوانهم على غزة ،وتفضح توجهاتهم التطبيعية.
أراد المحاصرون لقطر وفي مقدمتهم السعودية شطب النظام الهاشمي في الأردن ،من أجل إنهاء الصراع السعودي –الهاشمي ،كي تكون السعودية هي الشريك الإستراتيجي لمملكة إسرائيل الكبرى، المزمع إنشاؤها بعد هدم الأقصى وإعادة بنار الهيكل المزعوم على أنقاضه،ولذلك شرع ولي العهد السعودي قائد الحصار على قطر ببناء مدينة نيوم كي تكون عاصمة لمملكة إسرائيل الكبرى،وعندما رفض جلالة الملك الهاشمي عبد الله الثاني بن الحسين التساوق معهم في جريمة حصار قطر ،فرضوا عليه حصارا ماليا ،وبعثوا فريقا من المخابرات السعودية إلى الأردن بلباس المستثمرين في التقنية الحديثة لإغتيال جلالته ، بالتنسيق مع النتن ياهو الذي زودهم بأجندة الحركة اليومية لجلالته،لكن الأجهزة الأمنية الأردنية اليقظة وضعتهم في السجون والقصة معروفة كيف تم الإفراج عنهم ومن توسط لهم.
عموما كان حصار قطر عملا ضارا شديد النفع للشعب القطري،إذ نهضت دولة قطر بطريقة أذهلت البعيد قبل القريب،وبدت قطر الصغيرة تغطي مساحة الكون ،وبات عدد سكانها يحاكي عدد سكان العالم،لأن إنفتاحها المدروس على العالم ،وحركة قيادتها وتواجدها في المحافل الدولية ،أعطى فكرة مشرفة عن هذه الدولة الصغيرة المحاصرة،التي أصبحت بحسن تصرف قيادتها هي التي تحاصرهم ،بأخلاقها وأدب شعبها وصلابة قيادتها قياسا لما نراه في بلدان دول الحصار التي تشهد قياداتها نقمة دولة وتتمتع بسمعة سيئة لإجرامها وسوء أفعالها،وهذا ما يفسر هزائمها في ساحات الصراع الخارجية وإنهزامها أمام مواطنيها الذين ينقمون عليها.
قطر بعد الحصار ليست كما كانت قبله ،فهي الآن دولة منتجة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى ،وهي محمية بنسيج وطني تفتقر إليه دول الحصار،إذ أن دولة قطر تشهد وحدة وطنية ولا أروع ،وتعدى ذلك إلى وضع مميز للمقيمين الذين منحهم سمو الشيخ تميم مرتبة الناطق بإسم قطر،علما ان دول الحصار الغنية تضطهد المقيمين وتضغط عليهم للمغادرة بدون منحهم حقوقهم ..وهناك فرق بطبيعة الحال بين مقيمي قطر ومقيمي السعودية على سبيل المثال،وقد عمدت الرياض إلى إعتقال ممثلي حركة حماس المعتمدين فيها رسميا ووضعتهم في السجون رغم كبر سن بعضهم والأمراض التي يعاني منها،ووجهت لهم تهما تمثلت بدعم الإرهاب،في حين تواصل الدوحة دعم الشعب الفلسطيني.
كما أسلفنا فإن الصمود القطري طيلة السنوات الثلاث الماضية كان مقرونا بالإبداع الرسمي والشعبي ،كما أن افنفتاح القطري كان مقرونا بالإحترام المتبادل ،ناهيك عن التحالفات المختارة ،كما أن قطر شهدت في سنى الحصار إقتصادا صاعدا بسرعة الصاروخ ،ولم نسمع عن شكوى قطرية من الإفلاس أو لجوء الدوحة للإقتراض من المؤسسات النقدية العالمية كما هو الحال بالنسبة لدول الحصار الغنية المفلسة التي تقف على حافة الإنهيار الشمامل ،بينما تتلألأ قطر في سماء المجتمع الدولي مثل نجم سهيل.
عند الحديث عن صمود قطر وحسن تصرف قيادتها ،لا بد من التطرق للتحالف الأردني-القطري التكاملي الذي جاء ردا على مواقف دول الحصار المعادية لكل من الأردن وقطر،وجاء هذا التحالف في وقته ليرسم لنا خارطة طريق جديدة ليت الجميع يتبعونها.