الفرصة الضائعة في حل القضية الفلسطينية…بقلم موسى العدوان
الفرصة الضائعة في حل القضية الفلسطينية
بقلم موسى العدوان
صحيفة المنتصف
بمناسبة إعلان الرئيس الأمريكي ترامب، عن التوصل إلى اتفاقية سلام بين دولة الإمارات العربية وإسرائيل – وإن كنت أعارضها – لكن علينا أن نتذكر اليوم، فشل جميع القيادات الفلسطينية في إدارة ملف القضية المقدسة، عندما تاجرت بها في اتفاقات هلامية وقمعت المقاومة الوطنية، فسمحت للعدو باستغلالها، وإقامة علاقات دبلوماسية، وتطبيع للعلاقات الرسمية مع معظم الدول العربية، منها ما هو معلن ومنها ما هو سري، يجري في الخفاء.
فمن المعروف أن القضية الفلسطينية مرت بمحاولات عديدة، لإيجاد حل عادل دائم لها مع الكيان الصهيوني، إلا أن تلك المحاولات باءت بالفشل. من بين تلك المحاولات، ما قام به الرئيس الأمريكي كلنتون في أواخر عام 2000، والتي كان للقيادة الفلسطينية آنذاك دور كبير في إفشالها، كما ورد في مذكرات وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت، أجتزئ منها ما يلي :
اجتمعنا مع الرئيس عرفات في البيت الأبيض في أواخر عام 2000، فقال له كلنتون بصدق : بقي لي عشرة أسابيع في الحكم، وأريد أن أستغل هذا الوقت في تحقيق اتفاقية شاملة للسلام، اتفاقية تاريخية، مصالحة حقيقية، أريد أن يكون لك دولتك الخاصة. أعرف تعقيدات هذه القضية، ولكني أعتقد بأنه يمكنك حلها. أريد أن أعرف منك يا رئيس عرفات إن كنت توافقني بذلك، وهل يمكنك أن تشاركني في هذا المسعى ؟ أجاب عرفات : أنا أعتمد عليك فخامة الرئيس، أعتقد أنه يمكننا فعلها سويا، ونحن سنتّبع أي تحرك ستقدم عليه.
تمت الدعوة من قبل الولايات المتحدة لاجتماع الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي، في البيت الأبيض في 20 ديسمبر. وبعد محادثات استمرت لمدة ثلاثة أيام، دعاهم الرئيس كلنتون لاجتماع في القاعة البيضوية وقال لهم : نحن نعرف أنكم جادون في محادثاتكم، ولكن إن استمريتم على هذا المنوال فلن تحققوا المطلوب. وما سأعطيه لكم الآن ليس مقترحا أمريكيا، بل أنه يشير إلى تفكيرنا بخصوص هذه القضية، من أجل الوصول إلى اتفاق بين الطرفين.
إذا رفض أي من الطرفين قبول هذه الأفكار فسنسحبها من فوق الطاولة، ويمكننا التحدث عن التحسينات، ولكن الأفكار غير قابلة للمناقشة. إن مفتاح هذه الأفكار هو القبول بالمقايضة، الفلسطينيون سيملكون السيادة على الحرم الشريف وقبة الصخرة، ولكن يجب ضمان عدم عودة اللاجئين في الشتات إلى إسرائيل، إذ يمكن توطينهم في أية أماكن أخرى مع التعويض. وستملك إسرائيل السيادة على حائط المبكى.
الدولة الفلسطينية الجديدة ستشمل 94 – 96 % من أراضي الضفة الغربية ، إضافة إلى 1- 3 % من الأراضي التي سيتم تبادلها مع إسرائيل، وستكون عاصمتها القدس الشرقية. القوات الإسرائيلية في وادي الأردن ستنسحب من مواقعها خلال فترة 3 سنوات، بينما تدخلها القوات الدولية تدريجيا. وفي نهاية تلك الفترة ستكون أراضي الضفة الغربية متصلة ببعضها، ما عدا تواجد إسرائيلي محدود في مواقع ثابته، تحت سيطرة القوات الدولية. وختم كلنتون حديثه قائلا : أريد الإجابة من قادتكم خلال أربعة أيام.
وفي الأسبوع اللاحق طلبنا من القادة العرب إبداء رأيهم في هذه المقترحات، فأجابوا بأنها مقترحات ” تاريخية ” ووعدوا بدعمها. أما رئيس الوزراء الإسرائيلي باراك، فقد أعلن من خلال التلفزيون يوم 25 ديسمبر، أنه يقبل هذه المقترحات إذا قبلها عرفات. ولكن عرفات أرسل للرئيس الأمريكي رسالة، يعترض بها على السيادة الإسرائيلية على حائط المبكى، وعلى أي تواجد عسكري إسرائيلي في وادي الأردن، وعلى أية تسوية لحقّ العودة، وعلى انسحاب القوات الإسرائيلية الكامل من وادي الأردن خلال 3 سنوات، بل يجب أن تنسحب خلال أشهر وليس سنوات. وهكذا لم يتقدم الفلسطينيون في هذا المجال سنتمترا واحدا. أما الرسالة المطبوعة على الآلة الكاتبة التي وردت للرئيس الأمريكي كلنتون، فكان قد وقعها عرفات بخط يده متمنيا لنا :
Merry Christmas and Happy New Year.
* * *
التعليق :
بذلك الرفض لمقترحات الرئيس كلنتون، وموافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود باراك، هل خدم الرئيس ياسر عرفات القضية الفلسطينية، أم دمّرها وأضاع الفرصة السانحة للحل؟ وهل أوضاع الفلسطينيين بعد ذلك الرفض، تطورت إلى الأحسن أم إلى الأسوأ ؟ الجواب يعرفه الجميع بكل تأكيد . . !
التاريخ : 15 / 8 / 2020