أنغام لن تندثر …. عازف اليرغول الفلسطيني يجوب شوارع غزة سعياً لرزقه وحفاظاً على التراث.
صحيفة المنتصف
غزة-تقرير -مصطفى دوحان
أثناء التجول في أحد أسواق وسط مدينة غزة، يطرب محمد حميدة بأصابعه فوق فتحاتها، ليخرج معزوفة موسيقية جميلة لـ”ظريف الطول” أو “الكرادة” وغيرهما من ألوان الغناء التراثي الفلسطيني، وبدأت أصوات اليرغول الشعبية القديمة “المستخدمة في الأعراس الفلسطينية” بالعلو، مستهوية الأطفال وعدداً كبيراً من الزوار.
تُعد آلة اليرغول من الآت التراثيّة الشعبيّة الفلسطينيّة القديمة والمعروفة أيضاً باسم المجوز، وهي تدخل من ضمن الأغاني الفلسطينيّة ورقصاتها. وتصنّف آلة اليرغول من ضمن الآلات النفخيّة الموسيقيّة، وهي بسيطة جداً وسهلة الاستخدام، وقد تَمّ تلقيبها بآلة الفقراء في بعض الأحيان، حيث إنّ مُعظم من يستمع إلى ألحانها وصوتها هم من الناس البسطاء والفقراء.
ينتظر الشاب حميدة (١٩ عام) بزوغ الشمس، ليخطوا بخطواته الى مزارع بلدة بيت حانون، ومن بين أغصان نباتات الغاب أو القصب البرية “البوص” في وادي عزبة بيت حانون شمال قطاع غزة، وبيده الخشنة التي تمزقت منذ الصغر يحلو للشاب الغزيّ محمد حميدة أن يبحث عن الأغصان المثالية لأعواد “البوص” التي تصلح لأن تصبح آلة “اليرغول”، ويمزق بسكينته عقد البوص المزروع.
ويقول حميدة لـ”المنتصف“: “تتطلب صناعة “اليرغول” الكثير من الوقت والمشقة، بدءاً في البحث عن أغصان “البوص” الجيدة، وتجفيفها من خلال أشعة الشمس، ومن ثم تنظيفها وتعقيمها جيداً، ثم ثقبها حسب الدوزان الموسيقي”.
تجوب ألحانه شوارع غزة
ويضيف حميدة قائلا: “منذ بدء فكرة اليرغول في عقلي، بدئت بتسويق يلفت الانتباه، ويدخل الفرح والسرور على الناس، بحيث أقوم بإقناعهم بالشراء من خلال بعض المعزوفات البسيطة، التي أقدمها في الشارع، او في تجمعات المواطنين كالمتنزهات والأسواق الشعبية.
ورغم المشقة والصعوبات التي يواجهها حميدة، الا أنه يشعر بالفرح حين يقبل المواطنين عليه للشراء او الاستماع ففي كلتى الحالتين يحقق ربحاً ليس بالبسيط، اولهم حب الناس لفنه وطريقة أداءه، وعندما يبيع اليرغول في الحالة الاخرى.
ويشير حميدة أن ارتبطت الأغنية التراثية الفلسطينية ارتباطاً كبيراً بالآلات الموسيقية الشعبية، والآلات الموسيقية الشعبية قديمة في فلسطين قدم التاريخ نفسه، مبيناً أن بيع اليرغول اليدوي لاقى ترحيباً كبيراً من المواطنين والمارة، وسط شوارع غزة الرئيسية، محاولاً لفت انتباه الناس من خلال عزفه طيلة سيره في الشوارع.
ويوضح حميدة الأسباب التي دفعته للعمل، يقول: ” بأنه يحاول مواجهة الفقر، الذي منعه من إكمال تعليمه، وخلق حل مؤقت لمشكلة البطالة في قطاع غزة، من خلال استغلال البوص لصنع اليرغول وبيعه في أسواق غزة، ليعيل أسرته التي تعيش في أوضاع اقتصادية صعبة، بسبب الالتزامات المتراكمة على والده، وحاجة عائلته للعيش بطريقة مناسبة، الأمر الذي جعله يشق الطريق الوعر، ليخرج منه بانجاز موسيقى يحلم بأن يلاقي اهتمام كبير من المعنيين بتوفير مساحة مناسبة للعمل من اجل إعالة أسرته التي تنتظره عند عودته للمنزل بعد منتصف كل ليلة.
شاهد الفيديو