“حتى إشعارٍ آخر” بقلم … بشرى عربيات
حتى إشعارٍ آخر
بقلم المستشارة التربوية: بشرى سليمان عربيات
صحيفة المنتصف
” حتى إشعارٍ آخر”، عبارةٌ صدرت عن وزارة التربية والتعليم، عبارةٌ تحملُ في طياتها تهديداً مبطناً، لا تليق بمن يحمل أمانة مسؤولية التربية قبل التعليم، ذلك لأن هذه العبارة تشيرُ إلى عدم إمكانية العودة إلى المدارس هذا العام، علماً بأن التعلُّم والتعليم عن بعد قد فشل فشلاً ذريعاً، ولم يقتصر هذا الفشل على العملية التعليمية، بل انعكس سلباً على الطلبة والمعلمين وعلى المدارس الحكومية والخاصة.
هذه القرارات تشيرُ إلى تخلِّي وزارة التربية والتعليم عن واجبها تجاه أبنائنا الطلبة، وتجاه المعلمين في القطاع الحكومي والخاص، لقد انعكست هذه القرارات سلباً على معظم الأُسر الأردنية، لأنه من الصعب على الأم العاملة الذهاب للعمل والقدرة على العطاء بنفسية إيجابية، وهي تترك أطفالها في البيت أمام الشاشات ليس من أجل متابعة التعليم فقط، فالجميع يعلم الأخطار التي يواجهها الطلبة -سواء كانوا أطفالاً أو مراهقين -أمام شاشات الحاسوب.
لقد تغافلت وزارة التربية والتعليم عن أن هناك مرحلة إلزامية للتعليم من الصف الأول حتى العاشر الأساسي ، وأن هذا الحق كفله الدستور الأردني. هذا الحق لم يكن يوماً لخدمة التعليم عن بعد، لأننا نعلمُ جميعاً أن من واجب وزارة التربية والتعليم متابعة الطلبة المتسربين من المدارس في المرحلة الأساسية الدنيا والعليا، هذا الواجب الذي تغافلت عنه وزارة التربية والتعليم، ليس هذا فحسب، بل دفعت بالطلبة إلى منصات لا تسمن ولا تغني من جوع، دفعوا بالطلبة إلى المجهول، قالوا أن التعليم الإلزامي عبر المنصات وأمام الشاشات، وقاموا بالترويج للشركات الخاصة التي توفر المواد العلمية بطريقة مسجلة مسبقاً، وبالتالي يكون التفاعل بين المعلم والطلبة مفقوداً، وأهملوا جهد وعطاء أكثر من مائة وأربعين ألف معلماً ومعلمة، لقد كانت وزارة التربية والتعليم سبباً رئيسياً في فصل عددٍ لا يستهان به من المعلمين والمعلمات من المدارس الخاصة، كل ما يحدث يشيرُ إلى أن التعليم مستهدف، وتدمير التعليم ممنهج، وبرعايةٍ من وزارة التربية والتعليم.
” حتى إشعارٍ آخر”، عبارةٌ لا يتم استخدامها إلا في حالة وجود عقوبات معينة حين يتم إصدار قراراتٍ معينة، تتبعها هذه العبارة، ولكنها عبارة غير تربوية، ولها أثر سلبي كبير على الأطفال واليافعين، ذلك لأن الوزارة لم تعمل على وجود خطة جاذبة لعودة الطلبة إلى المدارس، ونسيت أن التعليم ليس للتوجيهي فقط! إن من حق جميع الطلبة تلقّي خدمة التعليم داخل الحرم المدرسي، فلماذا سُمِّيَ حرماً إلا لأنه يحمي من يتواجد داخله، حتى هذا الدور وهو حماية الطلبة داخل الحرم المدرسي تخلَّت عنه وزارة التربية والتعليم ، ولم تكتفي بذلك فقط، بل دفعت بالطلبة إلى مخاطر كثيرة لا ينفع معها حجرٌ أو لفاح.
ألا يمكن لوزارة التربية والتعليم أن تكونَ واضحةٌ أكثر من ذلك؟ ألا يمكن أن تعترفَ وزارة التربية والتعليم أنها تساهم بتدمير التعليم من خلال هذه الإجراءات؟ ألا يمكن أن تعترف وزارة التربية والتعليم أنها باعت التعليم بثمنٍ بخس؟ أم أنها لم تدرك أمانة المسؤولية التي تقع على عاتقها تجاه الأجيال؟
وختاماً أذكرهم بقوله تعالى :” سَتُكْتَبُ شَهَٰادَتُهُمْ وَيُسْـَٔلُونَ ”