“تعليم للبيع “بقلم بشرى عربيات
تعليم، للبيع
بقلم المستشارة التربوية: بشرى سليمان عربيات
صحيفة المنتصف
منذ سنوات ليست بعيدة، بدأت فكرة التجارة في التعليم بحجة تقديم خدمة التعليم، فتمَّ ترخيصُ عدداً كبيراً من المدارس الخاصة دون مراعاة جودة التعليم فيها، وتمَّ ترخيص عدداً لا بأس به من المراكز الثقافية التي تعمل على تدريس الثانوية العامة، وتعمل على إبعاد الطلبة عن المنهاج المدرسي من خلال بيع ما يسمى بملخص المبحث! وقد عملت هذه المراكز على فتح دورات للمراحل التعليمية المختلفة، ولا توجد رقابة من وزارة التربية والتعليم على هذه المراكز، لا من حيث الأداء،ولا من حيث بيع الملخصات للطلبة، بل إن الوزارة لم تمنع معلمين المدارس الحكومية والخاصة من العمل في تلك المراكزوقد كان هذا كله على حساب مصلحة الطلبة داخل المدارس، وعلى حساب أولياء الأمور الذين يتحملون أعباءً مادية فوق أعبائهم.
لم يكتفي البعض بذلك، فقد قام عددٌ كبير من مدارس القطاع الخاص بتوفير ما يسمى ” بالتعليم المساند ” داخل المدرسة وخارج أوقات الدوام الرسمي، بحيث يقوم المعلمون بإعطاء حصص تقوية – كما يزعُمون – لبعض الطلبة، وهذه الحصص مدفوعة الثمن مسبقاً،بعيداً عن القسط المدرسي، علماً بأن المعلمين أنفسهم داخل الغرف الصفية، هم من يقوم بإعطاء حصص التقوية أو ما يسمى ب supported classes
وكل ما يحدث تحت مرأى ومسمع من وزارة التربية والتعليم، فلم نسمع حتى اللحظة أن تمَّ توجيه تنبيه يتعلق بهذه الممارسات. والسؤال المهم، أليس من الأجدر أن يراعي كل معلم ضميره داخل الغرفة الصفية، كي لا يكرر نفسه في حصص التقوية؟ أم أنه يستخدم أسلوباً مختلفاً من أجل جني المال؟ وهل أصبح التعليم سلعةً للبيع؟ أين هو قسم الإشراف التربوي سواءً كان في مديريات التربية والتعليم، أم في تلك المدارس الخاصة؟ ألا توجد متابعة لمثل هذه الممارسات الغير تربوية؟
إذا خلاصة الأمر أنه تعليمٌ للبيع، وقد زاد الأمر سوءاً بعد تعليق دوام المدارس هذا العام، والمراكز الثقافية مفتوحة! وبالتالي فقد سارعت هذه المراكز باستقطاب الطلبة من مختلف المراحل، وكأنها فرصة ذهبية لبيع التعليم، تماماً مثل بيع أي سلعة، فترى إعلانات لمراكز على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي تستقطب الطلبة من الصف الأول الأساسي، وللأسف أن إعلاناتهم بلغةٍ ضعيفةٍ ركيكةٍ مليئة بالأخطاء اللغوية! ! لمَ لا ؟، وقد تخلَّت وزارة التربية والتعليم عن دورها التربوي والتعليمي بحجة فيروس، وعملت على الترويج لمنصات لا تمتلك خبرة التعليم ولكنها تتاجر في مصلحة الطلبة.
تعليمٌ للبيع ، تماماً كما يتم بيع البضائع، وربما نسمعُ في قادم الأيام عن باعةٍ متجولين ينادون ببيع وشراء التعليم.
لقد آن الأوان يا وزارة التربية والتعليم أن تقومي بدورك المطلوب والمأمول، قبل أن تصبح تجارة التعليم أرخص مما هي عليه وقبل أن تصبح وزارةٌ للبيع .