“وباءٌ، أصابَ التعليم”بقلم بشرى عربيات
وباءٌ، أصابَ التعليم
بقلم المستشارة التربوية: بشرى سليمان عربيات
صحيفة المنتصف
يمرُّ التعليمُ في أزمةٍ حقيقية، أصابت مفاصلَ التعليمِ المختلفة، بحيث أصبح من الصعب استمرار عملية التعليم، ونقل الطلبة من مرحلة دراسية لأخرى، دون أن يكونَ هناك فاقدٌ تعليميّ وقيميّ كبير جداً، صارَ ظاهراً للعيان. لقد تعرضت العملية التعليمية داخل المدارس إلى هجمةٍ شرسة، بحجة فيروس، لكنَّ الأخطر من ذلك هو الوباء الذي أصاب التعليم في الصميم، الأمر الذي انعكس على الصحةِ الجسديةِ والنفسية للطلبة في جميع المراحل الدراسية، وفي القطاعات المختلفة.
من المعلوم أن هناك مطاعيم خاصة بالطلبة في مراحلَ مختلفة، يتم أخذها داخل المدارس الحكومية، ونعلمُ جميعاً أنه لا توجد إمكانيات مادية لدى معظم المواطنين لتوفير هذه المطاعيم لأبنائهم، الأمرُ الذي سوف ينعكسُ سلباً على صحتهم الجسدية، ذلك لأن هذه المطاعيم متعلقة بأمراضٍ تفتكُ بالجسم،على سبيل المثال لا الحصر “الكبد الوبائي. ”
لقد أصاب وباءُ الجهل جسمَ التعليم، إنه جهلٌ بكل ما تعني الكلمة من معنى، إبتداءً بالطفل الذي لم يتمكن حتى اليوم من مسك القلم بطريقةٍ صحيحة، وبالتالي لن يتمكنَ من المتابعة على المنصات، مروراً بالطلبة جميعاً الذين أُصيبوا بحالةٍ من الجهل والإكتئاب وجفاف في العيون، وغيرها من الآثار الجانبية التي يتعرضُ لها أي مريض، لكنَّ هذا المرض مختلف، إنه وباءٌ أصابَ التعليم، ولو لم يتم مكافحة هذا الوباء بكافة السُّبُل، لكانت هناك عواقبَ مجتمعية وخيمةً تترتبُ حتماً على ذلك.
وباءٌ، أصاب التعليم، في زمنٍ كان من المفروض أن نرتقي فيه بالتعليم لكن من المؤسف أن يكونَ الدورُ الرئيسيّ لانتشارِ هذا الوباء منسوباً إلى الجهة المسؤولة عن تربية وتعليم الأجيال، لقد ساهمت هذه الجهة بتغلغل هذا الوباء في جسم التعليم دون رحمةٍ ودون تفكير، تدَّعي حماية الطلبة من فيروس!! هذا الفيروس لن يكونَ أشدُّ فتكاً عليهم من الجهل والتخلف وانعدام القيم والأخلاق، ذلك لأن الطلبة ليسو معزولين عن المجتمع، وأنهم معرضون لخطر الفيروس، ولم يم احتوائهم داخل الحرم المدرسي، مع أخذ كافة إجراءات السلامة لهم.
لقد ظهرت الآثارُ الجانبية للوباء الذي أصاب التعليم على الأجيالِ في مختلف المراحل الدراسية، كما ظهرت على المجتمع في كل الإتجاهات القِيَمية، فانتشر الجهل، وارتفع مستوى العنف المجتمعي، وانتشرت الفوضى في جميع مناحي الحياة، ذلك لأن العلمَ يبني بيوتاً لا عمادَ لها، والجهلُ يهدم بيوتَ العزِّ والكرم، فبدلاً من العنايةِ والرعايةِ التي كان يجب على وزارة التربية والتعليم تقديمها وتوفيرها للطلبة، قاموا بإطلاق منصات عقيمة لا ولم ولن تغني الطالب يوماً عن تلقّي الخدمة التعليمية داخل الحرم المدرسيّ، فلماذا سُمِّي حرماً إذاً؟ إلا لأنه يحمي الطلبة من أخطارٍ كثيرةٍ تحدق بهم.
لن ينسى التاريخ لكم أيها المسؤولون عن التعليم، لن ينسى هذا الوباء الذي أصاب التعليم، لكنه سوف ينسى فيروسات وأمراضٍ كثيرة توالت على العالم أجمع في عدة عقود، لن ينسى الأطفال كيف حُرِموا من الضحك واللعب مع أقرانهم داخلَ المدرسة، لن ينسى الطلبة كيف عملتم على تجهيلهم وحرمانهم من أبسطِ حقوقهم، لقد سلبتم فرحتهم بالنجاح من خلال تقييماتٍ إلكترونيةٍ زائفة، لقد سلبتم ضحكاتهم وطفولتهم، لقد سلبتم حقَّهم في التعليم، لقد كنتم سبباً رئيسياً في تعرض الطلبة لجميع الآثار الجانبية الناتجة عن الوباء الذي أصاب التعليم، وسوف تقفون يوم المشهدِ العظيم لتُسئلون عمَّا فعلتم وجنيتم بحق هؤلاء الطلبة، وبحق التعليم، وبحق المجتمع بأكمله، فهل أنتم مدركون؟ يا من كنتم سبباً رئيسياً في الوباء الذي أصاب التعليم، ماذا عساكم تقولون؟ واذا يمكن أن تفعلون؟