الاسلوب والتأويل…. بقلم صافي خصاونه
الاسلوب والتأويل
بقلم : صافي خصاونه
صحيفة المنتصف
يتعثر الحرف في رحلته من البنان الى القلب ويعترضه الكثير من المثبطات والمعيقات …
تتكالب على الحرف ضواري الاكمة ووحوش الليل ، تتصيده وتتربص به
تغرر به احيانا وتغتال جماله احيانا اخرى …
الحرف تماما كالاكسجين هذا يمد الجسم بالطاقة والحياة وذاك غذاء الروح والنفس ويمدهما بالمعرفة والعلم فتنتعش الذات البشرية وترق وتشف حتى تصير المدارك اغزر وتصير الذاكرة اعم واشمل …
لكن الحرف كثيرا مايتعرض للاغتصاب والعنف فيتجرأ البعض ممن يدعون المعرفة والعلم على الحروف النقية الطاهرة فيشوهون القصد والمرمى منها بما يخدم توجهاتهم الخبيثه وتطلعاتهم الدونية …
وانقل هنا بعض ما قراته بهذا المعنى
حيث ان من فنون الأدب اختيار اللفظ المناسب حتى قالوا لكل مقـام مقـال فيقال للمريض مُعافى وللأعمى بصير وللأعور كريم العين …
وكان هارون الرشيد قد رأى في بيته ذات مرة حزمة من الخيزران فسأل وزيره الفضل بن الربيع ما هذه
فأجابه الوزير عروق الراح يا أمير المؤمنين ولم يقل له انها الخيزران
لأن أم هارون الرشيد كان اسمها الخيزران فالوزير يعرف من يخاطب
فلذلك تحلى بالأدب في الإجابة …
وسأل أحد الخلفاء ابنه من باب الاختبار ما جمع مسواك فأجابه ولده بالأدب الرفيع ضد محاسنك يا أمير
المؤمنين ولم يقل الولد مساويك لأن الأدب هذّب لسانه وحلّى طباعه …
وخرج عمر- رضي الله عنه – يتفقد المدينة ليلًا فرأى نارًا موقدة فوقف وقال يا أهل الضَّوء وكره أن يقول يا أهل النَّار …
و لما سُئِل العباس – رضي الله عنه أنت أكبر أم رسول الله -صل الله عليه وسلم فأجاب العباس قائلًا هو أكبر مني ولكن أنا ولدت قبله …
ما أجملها من إجابة في قمة الأدب لمقام رسول الله عليه الصلاة والسلام …
من هنا فإن اختيار الألفاظ قيمة ضاعت للأسف فى مجتمعاتنا …
فيجب أن نعي جيدًا أن بين كسر القلوب وكسبها خيطًا رفيعا اسمه ” الأسلوب ….
#صافي_خصاونه