صحيفة المنتصف
ريم ضوا DW
في ظل تصاعد وتيرة الضغط الذي تمارسه إدارة بايدن على السعودية كشفت صحيفة “واشنطن بوست” أن إدارة الرئيس الأمريكي الجديد قررت نشر تقرير استخباراتي بشأن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي وهو التقرير الذي رفض ترامب خروجه للعلن.
يسعى الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إعادة “ضبط” العلاقات مع السعودية، وكخطوة أولى في هذا المسعى، يستبدل محاوره، إذ أنه سيجري محادثات مع الملك سلمان بن عبد العزيز وليس مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. مبدياً عزمه على إظهار الفرق في الملف السعودي مع نهج سلفه دونالد ترامب. إذ أخذ بايدن منذ وصوله إلى السلطة في 20 كانون الثاني/ يناير، خطوات صغيرة تظهر مسافة بين إدارته والرياض.
وقد أشارت المتحدثة باسم الرئاسة الأمريكية جين ساكي خلال مؤتمرها الصحفي قبل أيام لدى سؤالها عن إمكانية إجراء بايدن محادثات هاتفية مع ولي العهد السعودي، الذي كان المحاور المفضّل للإدارة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي السابق، إلى أن هذا الأمر ليس على جدول الأعمال. وأوضحت أن “نظير الرئيس هو الملك سلمان وهو سيتحادث معه في الوقت المناسب”.
كان دعم ترامب للرياض أمرا معلناً، وكانت هي أول عاصمة زارها في بداية ولايته. كما أن علاقته وعلاقة صهره جاريد كوشنر بولي العهد محمد بن سلمان، أحدثتا تغييراً في المعطيات.
ترامب جعل المملكة العربية السعودية ركيزة أساسية لسياسة إدارته في الشرق الأوسط باختياره الرياض كوجهة لأول رحلة رئاسية له إلى الخارج في عام 2017، مشيداً بالمملكة باعتبارها “زعيمة العالم الإسلامي” وصانع ربح رئيسي لصناعة الدفاع الأمريكية.
وقد استقبل ترامب في العام 2018 محمد بن سلمان في البيت الأبيض، وذهب به الأمر إلى أن شدد على “صداقته الكبيرة” مع الأخير. وقال حينها “نفهم بعضنا بعضاً”، في إشارة إلى الرجل القوي في المملكة التي تعدّ أكبر مصدر للنفط في العالم.
مستقبل العلاقات السعودية-الأمريكية
مؤخراً، تشهد السياسة الأمريكية تحولاً بشأن تعاملها مع القضايا المتعلقة بحقوق الانسان، فمن سياسة غض البصر التي كانت إدارة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب تنتهجها، إلى إعادة تلك القضايا إلى صلب الدبلوماسية الأمريكية، ما دفع إدارة الرئيس الديموقراطي بايدن بالذهاب في اتجاه “إعادة تقييم الروابط مع السعودية على خلفية سجلّها في مجال حقوق الإنسان”.
وبهذا فإن رحيل ترامب عن سدة الحكم في واشنطن وعودة الديمقراطيين إلى البيت الأبيض دفعت بالسياسات الأمريكية تجاه السعودية للانقلاب رأساً على عقب. اذ قرر بايدن التراجع عن قرار ترامب بتصنيف جماعة “أنصار الله” الحوثية كمنظمة إرهابية.
وكان الدبلوماسي السابق آرون ديفيد ميلر، الذي عمل مفاوضاً في إدارات ديموقراطية وجمهورية قد نشر تغريدة على تويتر قال فيها إن “بايدن يرسل رسالة لا لبس فيها – ومرحبا بها – إلى السعودية”. وأضاف “أن الأيام التي كان لابن سلمان فيها اتصال مباشر مع البيت الأبيض، قد ولّت، على الأقلّ حتى الآن”.
فبعد أسبوعين من أدائه القسَم الرئاسي، أعلن بايدن وضع حد للدعم الأمريكي للحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، معتبراً أنها تسبّبت بـ”كارثة إنسانية واستراتيجية”. إذ يقاتل الحوثيون المدعومون من إيران الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا. وكانت إدارة الرئيس السابق قد أدرجت الحوثيين في القائمة قبل أيام من انتهاء ولايتها في قرار قالت منظمات إنسانية إن من شأنه أن يعيق وصول المساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
ضغوط متواصلة …فأي استجابة؟
وكاستجابة لضغوط الإدارة الامريكية الجديدة، قامت المملكة العربية السعودية بإطلاق سراح الناشطة لجين الهذلول، ما اعتبر بداية تحرك المملكة لـ”تحسين السعودية لسجلها في حقوق الإنسان، بما في ذلك الإفراج عن النشطاء المدافعين عن حقوق المرأة والسجناء السياسيين الآخرين”، وهو ما طالب به البيت الأبيض.
ويرى الخبير الألماني في الشأن السعودي غيدو شتاينبرغ في حواره مع DW أن “انتقال السلطة في البيت الأبيض لعب دوراً هاماً في إطلاق سراح الهذلول، خاصة وأن بايدن أعلن أثناء حملته الانتخابية عن نيته اتخاذ منهج أكثر صرامة تجاه المملكة”.
وفي ظل تراجع العلاقات الأمريكية السعودية إلى مستويات متدنية جديدة في الأسابيع الأخيرة، مع إلغاء الإدارة الجديدة لمبيعات الأسلحة، وانتقاد انتهاكات حقوق الإنسان ومضايقة المعارضين، والتعهد بـ “إعادة ضبط” العلاقات مع المملكة؛ تخطط إدارة بايدن إلى نشر تقرير استخباراتي أمريكي طال انتظاره يَخلُص إلى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمر بقتل الصحفي جمال خاشقجي في 2018.
إذ كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قررت نشر تقرير الاستخبارات الأمريكية حول دور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بقتل الصحفي السعودي. وقد ذكرت واشنطن بوست أنه “منذ البداية كان واضحاً بالنسبة لوكالة الاستخبارات تورط ابن سلمان بمقتل خاشقجي وبأنه من أمر باغتياله”، غير أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أصر على تجاهل ما توصل إليه التقرير من معلومات وحقائق، وأقدم على حماية ابن سلمان، واصفاً عملية قتل خاشقجي بأنها “عملية مارقة”.
وتابعت الصحيفة الأمريكية: “لقد تفاخر ترامب في مقابلة مع بوب وودوارد بأنه “أنقذ مؤخرته” من محاولات الكونغرس لتحميل ولي العهد المسؤولية”. وأردفت قائلة: “في أوائل عام 2019، أقر الكونغرس قانوناً يمنح إدارة ترامب 30 يوماً لتقديم تقرير غير سري من مكتب مدير الاستخبارات الوطنية، لتحديد أسماء ودور كل مسؤول سعودي حالي أو سابق في السعودية له علاقة بمقتل خاشقجي، إلا أن ترامب قد تجاهل طلب الكونغرس، مشدداً على أنه لن يقدم أي معلومات إضافية على المستوى غير المصنف، ثم أرسلت إلى الكونغرس نسخة عن التقرير السري للوكالة.”
زيادة الضغوط مع تعزيز العلاقات مع الرياض!
وتحاول الإدارة الامريكية إعادة ضبط إيقاع العلاقات مع واحدة من اهم الشركاء الإقليميين في المنطقة، بما يتناسب مع توجهات الإدارة الجديدة من جهة والحفاظ على شراكة وصفت في الكثير من المناسبات بأنها استراتيجية من جهة أخرى. وهذا ما يفسر ذهاب إدارة بايدن في زيادة الضغط على الرياض في وقت تدفع فيه باتجاه تعزيز التعاون.
وقد ذكرت وسائل إعلام سعودية رسمية الجمعة (19فبراير/شباط) أن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن قد اتصل هاتفياً بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي يتولى أيضاً منصب وزير الدفاع واستعرض معه “أوجه العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها وبخاصة في مجال التعاون الدفاعي، بالإضافة إلى بحث تطورات الأحداث الإقليمية”. كما جدد أوستن بدوره “التأكيد على أهمية الشراكة الاستراتيجية الدفاعية بين البلدين.. وجدد إدانة بلاده للهجمات الحوثية على المملكة وأكد التزام الولايات المتحدة بمساعدة المملكة في الدفاع عن نفسها” بحسب الوكالة السعودية”.
ريم ضوا DW