شربل “المتحضّر” وبدو الخليج… بقلم محمد السلمي
صحيفة المنتصف
أما التهمة الأخرى القاصمة لظهر الساسة في لبنان، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية ميشال عون، فقد كانت الاتهام الصريح لدول الخليج العربية بدعم الإرهاب من “القاعدة” إلى “داعش”، تلك الفرية التي تنسجم مع الأجندة الإيرانية دون غيرها في محاولاتها النَّيلَ من الدول الخليجية عبر إلصاق تهم الإرهاب بها، بل إن التلميذ شربل تَفوَّق على معلمه الإيراني الذي كان غالبًا ما يجنح إلى التلميح أكثر من التصريح، ولا أعلم إذا كان ذلك محاولة للمنافسة أو لإثبات الولاء للأجندة الإيرانية وممثلها في لبنان ميليشيا “حزب الله”.
العجيب والغريب أن مكتب الرئاسة اللبنانية بدلًا من محاولة تجاوز الأزمة السياسية التي بدأت تلوح في الأفق سريعًا، خرج بتعليق متهالك قال فيه إن تصريحات الوزير شربل تعبِّر عن رأيه الشخصي لا رأي الدولة اللبنانية! فكيف يقبل عاقل مثل هذا التبرير لتصريح مسؤول حالي يتسنّم وزارة الخارجية ويتقلد منصب أعلى جهة دبلوماسية في لبنان؟!
بعدها حاول الوزير شربل الخروج من المأزق من خلال اتهام مَن وصفهم بـ”البعض” بتحريف تصريحاته ومحاولة خلق أزمة مع الدول الخليجية الشقيقة على حد وصفه. فإذا كان الأمر بالفعل كذلك، فلماذا اعتبرت الرئاسة اللبنانية تلك تصريحات تمثِّل شخص الوزير دون غيره؟
لقد عبَّر بعض الشرفاء في لبنان عن إدانتهم واستنكارهم تلك التصريحات غير المسؤولة، وقدّموا اعتذارهم لأشقَّائهم في دول الخليج، وشدَّدوا على أن النخبة السياسية الحالية في لبنان لا تمثِّل توجهاتهم، بل ولا تمثل لبنان الذي يتمنونه أو “لبنان الأَرز” كما يصفونه، وهذه التصريحات وما سيتبعها من تصريحات ومواقف خلال الأيام القادمة غير مستغرَبة من النخب اللبنانية الوطنية المحبَّة لامتدادها العربي.
يعتقد كثيرون في دول الخليج أن على لبنان تقديم اعتذار رسمي صريح لتلك الدول حكومات وشعوبًا، كما أن إقالة شربل من منصبه ستخفّف حالة التوتر الحالية وتبعاتها على لبنان، مع ضرورة أن يحدث ذلك عاجلًا لاحتواء الأزمة قبل فوات الأوان. وفي نظري أن استدعاء معظم دول الخليج سفراءَ لبنان في عواصمها وتقديم مذكرات احتجاج على التصريحات، ما هو إلا خطوة أولى في انتظار رد الفعل اللبناني الرسمي، ووضوح مدى رغبة بيروت في تجاوز الأزمة.
إن صورة لبنان في المخيِّلة العربية والخليجية هي بلد الفن والثقافة والجمال وباريس الشرق، لكن هذا الوصف قد انتهى في عام 2005، والآن يُوصَف بكل العبارات السابقة، مسبوقةً بفعل “كان”. فمتى يُتخلَّص من هذا الفعل الناقص، ويعود لبنان إلى المكانة التي يستحقها؟