متى نكرّم المبدع في حياته؟…بقلم أسعد العزّوني
متى نكرّم المبدع في حياته؟…بقلم أسعد العزّوني
صحيفة المنتصف
متى يتم تكريم المبدع في حياته؟سؤال يراودنا منذ عشرات السنين ،نحن الذين إمتطينا صهوة الكلمة ،وروّضناها كما تروّض الخيل صعبة المراس،ووجدنا أنفسنا بعد حين من الدهر أسرى لهذه الكلمة،وأننا نحيا بظلها ونتدفأ بدفئها،ولكننا صدمنا بعد كثير من الوعي الذي لفّنا،بسبب قيام الجهات المعنية بتكريم المبدعين بعد موتهم،دون الإلتفات إليهم وهم أحياء،ومعرفة كيف يعيشون وأي نوع من الفقر والحرمان يلفّهم.
يقول الروائي الفرنسي الفذ أونوريه دي بلزاك الذي فارقنا مبكرا عن عمر ناهز ال51 عاما في هذا السياق:”كلمة مدح واحدة في حياتي أحبّ إليّ من ألف كلمة بعد موتي”،وهذه العبارة التي قيلت قبل عشرات السنين ،هي نصيحة مسجاة لمن أراد فعلا تكريم المبدعين من شعراء وروائيين وقاصّين وباحثين ودارسين ،لنكون بذلك قد إصطدنا عشرة عصافير بحجر واحد.
في حال قمنا بتكريم المبدع في حياته ،فإننا نكون كمن يسقي الشجر بالماء أوقات القيظ والحر،فنراه قد أينع فكرا وأجزل عطاء لأنه وجد من يقدّره ويعرف ويفهم إبداعه،كما أننا نشجع الآخرين على الإبداع ،ولا شك أننا نعطي صورة أخلاقية عن المجتمع والمؤسسات المعنية بالثقافة والإبداع،وسيظهر عندنا جيش كبير من الأطفال يخترقون ساحات الإبداع،وينخرطون في صفوف المبدعين،وعندها نشهد غنى ثقافيا،ونرى مبدعينا يتسابقون لنيل الجوائز المحلية والعالمية.
اليوم السبت وفي رابطة الكتاب الأردنيين في العاصمة عمّان،جرى تكريم فحلين عروبيين من فحول الشعر العربي،من قبل “جريدة كل العرب”وفارسها العروبي د.على المرعبي وإتحاد الكتاب والصحفيين العرب في باريس،وهما الشاعر العراقي حميد سعيد،والشاعر الأردني أديب ناصر،وكم كنت فرحا ومسروا لتكريمهما وهما أحياء ،رغم ان الشاعر حميد سعيد لم يتمكن من الحضور لظروف قاهرة،وتسلم الدرع نيابة عنه الأستاذ سلام الشمّاع،وكان الأستاذ فيصل زكي هو المشرف على عملية التكريم ،بسبب إنشغال د.المرعبي في تكريم أرملة الراحل هواري بومدين في باريس السيدة الفاضلة أنيسة بو مدين.
لا شك أن المبدع والمثقف العربي هو قنديل هذه الأمة،لكنه ولظروف لا مجال للخوض فيها هنا ،وجد نفسه مكشوفا بلا غطاء ولا زيت ،شأنه شأن المسجد الأقصى الذي منع العرب والمسلمون الزيت عن أسرجته،ونحن نطالب الجهات المعنية أن تنتفض على واقعها وتبادر إلى تكريم مبدعيها الحقيقيين ،بعد عمليات فرز شفّافة ،بدلا من تسابق البعض الهجين على تكريم الراقصات ومن على شاكلتهن.