“نطفة مهربة” 100طفل فلسطيني هربوا من السجون الإسرائيلية عنوة…إعداد اسامة برهم
“نطفة مهربة” 100طفل فلسطيني هربوا من السجون الإسرائيلية عنوة…إعداد اسامة برهم
صحيفة المنتصف
عباس السيد 55عاما , من طولكرم , معتقل منذ عام 2000, محكوم ب35 مؤبد و 100 اول من ابتكر فكرة النطف المهربة من السجون الاسرائيلية, حيث حاول “السيد” قبل اعتقاله ونتيجة لمطاردته و استحالة الالتقاء بزوجته الانجاب من خلال تخزين نطف في احد المراكز الصحية و ان يتم استخدامها عند الحاجة , وقتها كان الحديث في امر كهذا ضرب من الجنون و المستحيل و المثير للنقاشات الدينية والاخلاقية ولم يكن مقبولا اجتماعيا , فشل “السيد” في خطته لكنه سجل براءة اختراع فلسطينية بامتياز , اختراع بات يؤرق السجان و يحرج دولة تزج بالأسرى في غرف وجنود و تفتيش و إجراءات قاسية .
عمار الزبن 45عاما, من نابلس , معتقل منذ عام 1998 , محكوم ب27 مؤبد , بعد استشهاد اخيه “بشار و استشهاد والدته” ايضا , بات يخاف بشار من انقطاع نسل العائلة و اندثارها , و ايقن انه في استمرار الحياة نصرا على السجن و السجان ,بدأ بشار يبدع أدبيا و ثقافيا بالسجن , وكان الأجرأ والأول الذي اتخذ قرار الانجاب من خلال تهريب النطف , ففي عام 2012 انجبت زوجته طفلها الاول مهند , وكرر التجربة وانجبت زوجته “صلاح الدين” بعد عامين فقط .
وكان “عمار” مفجر تلك الظاهرة و صاحب الفضل في تعميمها و فهمها وقبولها دينيا وفلسطينيا .
كانت تجربة “عمار” الاولى تحت غطاء فصائلي و ديني , حيث كان تهريب النطف بإشراف رجال ثقات , وبمتابعة كاملة منذ لحظة التهريب حتى الزراعة , و متابعة الحمل و الانجاب ,حيث تنبت المرجعيات الدينية واصدرت أكثر من فتوى بجواز الانجاب تهريبا و عملت الفصائل على حماية الاسر واعطائهم الغطاء والدعم , ناهيك عن تنافس المراكز الصحية في دعم العملية دون عائد مادي, دعما للأسرى وقضيتهم, وفتح “عمار” نافذة حرية جديدة في عتمة الغرف المظلمة , وبدأ الاسرى يتلهفون لخوض التجربة رغم العقوبات التي سنتحدث عنها لاحقا.
“مهند عمار الزبن”, أول طفل في الضفة , “وحسن تامر الزعانين” اول طفل من غزة , وبدأ الاسرى من كل مناطقهم الجغرافية يلتفون حول التجربة , حيث وصل عدد النطف الناجحة قرابة 100 طفل من بينهم 20 تؤام , أما محاولات تهريب النطف فكانت اكثر بكثير , لكن لم تنجح كلها, بعضها تم كشفها من ادارة السجون , وبعضها لم تنجح طبيا, فكان لا بد من عقوبات رادعة للأسرى و اهلهم و الأطفال نفسهم من سلطة الاحتلال و السجان , لما سببته تلك المغامرة من إحراج لهم .
لم يكن تهريب النطف عشوائيا من داخل السجون , ولم يكن فصائليا أو حزبيا , كان بناء على الوضع الاجتماعي للأسير و منهم من كان متزوجا لبضع أشهر فقط, و منهم من فقد أهله نتيجة الموت أو الاستشهاد , و منهم من لديه 3 بنات بدون أولاد , وجلهم من أصحاب الاحكام العالية جدا ,فالأولوية كانت لمن لن يخرج الا بتبادل ,ومنهم من رفض الاحتلال التفاوض عليهم في “صفقة شاليط” , و عليه كان الاختيار لمن سيهرب النطف منصفا ومدروسا وليس عشوائي .
قرر الاحتلال أولا حرمان الأسير من الزيارات و الحقوق داخل السجن , “كالكنتينة” و احيانا وضع الاسير في العزل الانفرادي لفترات طويلة ,ولم يتم الاعتراف بالأطفال كأبناء شرعيين , لا يسمح لهم بزيارة والدهم , و لا يحصلون على الوثائق الثبوتية و رقم هوية , و حتى الاطفال المولودين بالداخل الفلسطيني المحتل و القدس لم يحصلوا حتى اللحظة على شهادة ولادة مثلا ,مما يعيق التحاقهم بالمدارس وممارسة حياتهم العادية و تلقي العلاج ,فتعاملت معهم المؤسسات الحكومية على انهم لا شيء , وهم ليسوا على قيد الحياة .
اما على صعيد القدس والداخل , كان من الاسرى الذين نجحوا في تهريب نطف هو “الاسير اياد المهلوس” الذي انجبت له زوجته ثلاث توائم , و من الداخل كانت ولادة الطفلة “ميلاد” حدثا استثنائيا بفلسطين التاريخية كلها , ميلاد ولدت بعد 34 عاما على اعتقال والدها وليد دقة , وحسب مؤسسات الاسرى هناك ما نسبته 35% من الاسرى متزوجون , هذا ما يعني ان تهريب النطف لن يتوقف طالما بقي الاسرى في اسرهم .
من أهم الفتاوي التي أصدرها العلماء مثل الشيخ الداعية الدكتور عماد حمتو، من علماء الأزهر الشريف: “لا يتعارض تهريب النطفة الخاصة بالأسرى مع الشريعة الإسلامية، فهو يحقق مبدأً شرعيّاً وَفْقاً لشروط ينبغي بها أن تكون واضحة وثابتة من الناحية الشرعية والطبية، بحيث يتأكد الطبيب الذي يقوم بزرع هذه النطفة من شهادة الشهود وحلف اليمين من أن هذه النطفة تعود للأسير المراد زراعة هذه النطفة في زوجته، حتى لا يتسرب أي مفهوم من مفاهيم الشبهة في هذه القضية”, وأصدر الشيخ د. سميح حجاج المفتي والمحاضر بجامعة فلسطين بغزة، والشيخ عبد الباري خلة رئيس لجنة الإفتاء في وزارة الأوقاف والشئون الدينية بقطاع غزة والشيخ الدكتور يوسف القرضاوي والشيخ المرحوم حامد البيتاوي، ومن دائرة الإفتاء بفلسطين وعلى رأسها الشيخ عكرمة صبري.
“إرهابيا ينجب إرهابيا” , هذا كان موقف الصف الاول من الساسة و القادة الاسرائيليون حينما كان يعقد احد الاسرى قرانه وهو بالأسر , كان رفض ادارة السجون لزواج أي اسير أمني واضحا , مع عدم السماح للزوجة بالزيارة العادية كونها ليست من الأقرباء من الدرجة الاولى , ومنعهم من الخلوة الشرعية حال السجناء الاسرائيليون الذين سمحت لهم ادارة السجون بالتقاء زوجاتهم والانجاب مباشرة دون الحاجة لتهريب النطف , مثل “إيجال عامير “قاتل رئيس وزراء اسرائيل “اسحاق رابين” في ميدان عام , و أنجب المذكور بعد السماح له بخلوة مع زوجته , وهو ليس الوحيد الذي تسمح له ادارة السجون بالاجتماع بزوجته في غرف خاصة وهو سجين, مع الاشارة أن دولة الاحتلال تعترف بنسب الأولاد اليهود , دون اللجوء للمحاكم , أما “وليد دقة وزوجته سناء سلامة” لم ينجحا في المحاكم الاسرائيلية من أجل الاعتراف بابنتهم “ميلاد” على انها طفلة شرعية من زواج شرعي و أب شرعي وهي حتى اللحظة بلا هوية .
أطلق المجتمع الفلسطيني على اولئك الاطفال سفراء الحرية , في إيمان منهم أن اولئك الأطفال هم سفراء اسرانا في خارج السجون , واعلن الكل الفلسطيني تبنيهم لأولئك الاطفال , في رسالة فخر منهم لأطفال تحرروا “خاوة” من الأسر, وكلنا ثقة ان اسرانا يبتكرون كل مرة وسيلة جديدة لخلق حياة جديدة , لم يخيفهم العزل و لا القرارات التعسفية في نيل ابسط حقوقهم الانسانية , الإنجاب, حتى لو كان تهريبا .