الموسيقار “اميل جمال” امتداد الكلاسيكيات وزمن الفن الجميل… بقلم عمري حسنين
بقلم : الاعلامي عمري حسنين
الموسيقار “اميل جمال” امتداد الكلاسيكيات وزمن الفن الجميل
صحيفة المنتصف
شغفٌ كبير كان يسكنه ويدفعه نحو المزيد من الموسيقى، يستمع أكثر ويتعلم أكثر، تلك الموسيقى التي كانت تلهب حماسه لم تكن عادية، موسيقى كلاسيكية ممزوجة بالكثير من الإتقان والإبداع لملك العود فريد الأطرش وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وغيرهما من عمالقة الفن العربي والغربي، طفل كبر وترعرع على همسات الجمال حتى أصبحت موهبته تشرق على ملامِحه وشغفِه وفي صوتِه؛ وبات يترجمها على آلة الجيتار بمهارة عالية، وبالتوازي مع تطور موهبته بالعزف تطورت لديه موهبة التلحين والكتابة مما جعلت منه فنانا متكاملا.
ولد الفنان اميل جمال في مدينة يركا شمال فلسطين، حاز على اللقب الأول في موضوع الشرق الأوسط والعلوم السياسية والفلسطينية من جامعة حيفا عام 1995، ثم حاز على دبلومة مرشد مؤهل لمجموعات يهودية عربية من كلية اورانيم عام 2004، ثم اتجه مساره نحو التعمق في علوم الموسيقى حيث نال اللقب الأول في الموسيقى من جامعة حيفا عام 2007، وأحرز اللقب الثاني MA في الموسيقى مع اطروحة من أكاديمية الموسيقى في جامعة تل أبيب عام 2011، ثم نال شهادة الدكتوراة في الموسيقى PHD من أكاديمية الموسيقى في جامعة تل أبيب، كل هذه السنوات التي أمضاها في مسيرته التعلمية المُشَبعة بالنجاح لم تبعده عن حلمه وشغفه، بل كانت مكملة لمسيرته الفنية والمهنية التي لم يكف عن تعزيزها بالعلم والاجتهاد، حيث عمل معلماً للموسيقى في وزارة التربية والتعليم، وترأس منصب مدير قسم الثقافة في المجلس المحلي _ يركا، وعمل مرشد ومدرب موسيقى قطري في وزارة التربية والتعليم في قطاع الدروز، ومدرب معلمين في مجال الموسيقى في كلية سميز هكبوتسيم، ومدير عام مؤسسة يارا للموسيقى والفنون ومدير الكونسرفتوار البلدي موزارت.
على أنغام الشرق عزف العديد من المقطوعات الموسيقية ولحن عددا منها، فأنغام الشرق ليست فقط تلك الموسيقى التي تترنم بين أنامله بانسياب وطلاقة وانما هي الفرقة الموسيقية متكاملة الأركان التي أسسها المايسرو اميل جمال قبل اكثر من 12 عام وتضم اليوم مايقارب 35 عازف، تعمل برعاية ودعم من مؤسسة يارا للإنتاج الفني ومعهد بيت موزارت للموسيقى والفنون_يركا ودعم وزارة الثقافة والفنون، جاءت فرقة أنغام الشرق للموسيقى العربية إيماناً منه بأهمية تأسيس صرح موسيقي ابداعي عربي يجمع القدرات الموسيقية المحلية وينمي ويوثق الفن والتراث العربي الموسيقي، حيث أحيى من خلالها الموسيقى الكلاسيكية وكأنها لم تتوقف منذ ذلك الزمن البعيد، وجعل من فرقته هذه بوابة مكللة بالياسمين تشرق على ذلك الزمن العتيق، تقدم عروضا موسيقية عربية كلاسيكية وتراثية تساهم في اثراء الذوق الفني الحاضر.
وفي إطار محاولاته لإيجاد أُطر فنية ثقافية حاضنة للشباب الموهوبين في مجال الموسيقى تأسست جمعية يارا للموسيقى والفنون عام 2005 بتعاون مجموعة شباب وشابات محليين منهم الموسيقار اميل جمال بهدف دعم الفن والفنانين في الوسط العربي عن طريق إقامة مركز لتعليم الموسيقى والفنون وبمبادرة هؤلاء الشباب أقيم أيضا معهد بيت موزارت للموسيقى والفنون عام 2006 والذي تم الاعتراف به من قبل وزارة التربية والتعليم عام 2016 ويضم اليوم قرابة 300 طالب وطالبة حيث يتقدم منهم طلاب لخمس وحدات بجروت، ومن خلال بيت موزارت بادر الفنان اميل جمال بعدد كبير من الأنشطة والعروض في البلاد منها تزافتا تل أبيب، مهرجان العود القدس، مهرجان الربيع في يركا والذي قام بإدارته وتأسيسه، مهرجان يافا، شيفاراير، داليا، حيفا، بالإضافة الى انشاء وإدارة المهرجان الدولي لموسيقى والفلكلور في البلاد مع المركز لتبادل الثقافات .. وشارك أيضا في العديد من المهرجانات خارج البلاد في رومانيا، المجر، أسبانيا، إيطاليا، استونيا، الهند، فرنسا، بلغاريا، روسيا، تركيا، تايلاند.. وغيرها العديد من المهرجانات الدولية، كما ساهم في أعمال وعروض غنائية ومسرحية للمؤسسات التعليمية والمدارس الثانوية في جميع أنحاء البلاد، وأقام عدد من الدورات التعليمية والتدريبية لمعلمين الموسيقى في وزارة التربية والتعليم بالإضافة الى أعمال وعروض غنائية ومسرحية للمؤسسات التعليمية والمدارس الثانوية في جميع أنحاء البلاد، والى جانب كل ذلك كانت له مشاركة فاعلة ومؤثرة في عدد من البرامج والمسابقات الغنائية منها برنامج اراب ستار الذي ذيع على قناة مكان.
للفنان اميل جمال مايقارب 100 مقطوعة موسيقية قام بتلحينها، وشغفه بالآلات الموسيقية لم يقتصر على الآلات الوترية فقط كالعود والجيتار والبزق، وانما يتفنن بالعزف أيضا على الآلات الايقاعية، ومن خلال كل ذلك يحاول جاهدا المساهمة في اثراء الموسيقى العربية وإعادة احياء الموسيقى الشرقية الكلاسيكية من على خشبة المسرح من خلال الكونسيرتات الغنائية التي ترتقي دائما لما تحمله في جعبتها من موسيقى، وبذلك يمكننا القول بان سر بقاء الموسيقى الشرقية الكلاسيكية هو تكرارها وترديدها لتبقى حيّة في مسامعنا، ومن أهم رموز الأرشيف الموسيقي الحي الذي يردد تلك الموسيقى كالبلبل.. يرتشفها ويتمتع بمذاقها الفريد وينثرها علينا كبتلات الورد حتى اصبح يبدو امتداد لتلك الكلاسيكيات الراقية هو الفنان والموسيقار اميل جمال.