الفنانة “ميرنا جاسر” طرقت باب الابداع و”حرقة انتظار” فتحت لها أبواب العالم.. بقلم عمري حسنين

بقلم : الاعلامي عمري حسنين

الفنانة “ميرنا جاسر” طرقت باب الابداع و”حرقة انتظار” فتحت لها أبواب العالم..

صحيفة المنتصف

لوحة أبدعتها انامل الفنانة التشكيلية العالمية “ميرنا جاسر” بتألق وبراعة، شيء بعيد كل البعد عن التقليدية في التكوين والتلوين، وانفراد في الفكرة ووحيها المتيقظ بالأمل والأحلام، ربما لم تكن دوافع هذا الابداع المتناغم هو الوصول الى جائزة او طرق ابواب العالمية، لكنها وبإبداعها الخالص تمكنت من تسجيل رقم قياسي وانفراد في وقت قصير لتصبح عنوانا على رؤوس صفحات الأخبار الفنية المحلية والعالمية.

ولدت الفنانة ميرنا جاسر في مدينة القدس عام 1985، تلقت تعليمها الابتدائي في مدارس بلدة بيرزيت قضاء رام الله، اكتُشفت موهبتها في مراحل مبكرة من قبل معلم الفنون الأستاذ جلال ضبيط الذي كان يشجعها على الاستمرار في الرسم وتطوير موهبتها حيث لاحظ ان رسوماتها عشوائية تنتمي للمدرسة السريالية وقال لها “ستصبحين شيئا يوما ما”، في حينها لم تكن تعلم ميرنا ماهي السريالية وماذا تعني تلك الكلمة ولم تتعَدَّ رسوماتها حدود الاسكتشات الطفولية، لكن كانت تغلب موهبتها الفطرة الفنية فاستمرت في خط رسوماتها المتواضعة حتى انتقلت الى المرحلة الجامعية حيث كرست كل وقتها واهتمامها في دراسة إدارة الأعمال في جامعة بيرزيت ثم في عملها الحكومي لدى وزارة الاقتصاد الوطني وترأس منصب رئيس قسم الاقتصاد الكلي، ليعود ذلك الشغف ليدق بابها من جديد بعد عشرين عاما خلال فترة الحجر الصحي.

على أنغام الموسيقى العربية والإسبانية والألبانية كان يتولد لديها الشغف، ساعات طويلة كانت تقضيها الفنانة ميرنا جاسر في مرسمها الذي كان بمثابة عالمها الخاص، ابتدأت بالرسم التدريجي من خلال مشاهدة أعمال فنية عالمية والاستفادة منها والتطبيق المباشر بدون تمرين، استخدمت خامات وألوان كانت هي تجربتها الأولى في التعامل معها والتعرف عليها، كألوان الفحم وألوان الزيت والكانفس والأكريليك وغيرها.. وبدأ اسلوبها يتطور بوتيرة أسرع ومن كل لوحة تنجزها كانت تستوحي الهامها لتقفز فورا الى لوحة جديدة بفكرة مبتكرة من خيالها الخصب، وشاركت في معارض محلية كان أولها بمشاركة نخبة من الفنانين من خلال جمعية الروزانا الفلسطينية التي دعمت أول عرض لها على الطلاق في سوق البابورية_بيرزيت عام 2020 برعاية وزارة الثقافة وجمعية الفن المعاصر التي استقبلتها بحفاوة وضمتها كعضو فاعل فيها، الى جانب عضويتها في جمعية الملتقى التشكيلي حنين فرع الخليل.

لاقت لوحاتها اعجاب الجميع، بينما واجهت انتقادا لاذعا من أحد كبار الفنانين بأن أعمالها لا تحمل بصمة خاصة وبأنها متأثرة جدا بالطبيعة الأوروبية وليس المحلية الوطنية.. وانه كفنان يمتلك معرضا لا يستطيع ان يضع لوحاتها في معرضه الخاص كونها لا تحمل بصمة خاصة وكي لا يُنتقد بأنه يضم اليه اعمال اطفال مدارس!

هذا ما قطعها عن شغفها لأسبوعين متتاليين بعد استمرار لم ينقطع لمدة خمسة أشهر، الى ان استجمعت عزيمتها وعادت لتتحدى نفسها واياه بانتهاج أصعب انواع الفن التشكيلي وهو الفن السريالي والذي يعتبر آخر درجات تطور الرسام المحترف المتعلم لأصول الفن، تعلمت بشكل ذاتي من خلال البحث والتطوير، وأبحرت في خيالها لتخرج بعملها السريالي الأول الذي يجمع بين احلامها واثبات ذاتها، ويحمل مضمونا وطنيا سياسيا.. “حرقة انتظار” اللوحة التي تسرد احلامها بالعيش دون احتلال والخلاص من فيروس كورونا، استلهمت فكرتها من منحوتة موجودة على شواطئ ولاية فلوريدا الأمريكية تعود للنحات الأمريكي “دانيال بوبير”.

لاقت اللوحة اعجاب الجميع وانتشارا واسعا واشادة عدد من كبار الفنانين، ونالت جاسر على شرفها عضوية عدد من الجمعيات الفنية المحلية والافتراضية العربية والاوروبية، وتلقت على اثرها عرضا من رئيس المجموعة العربية العالمية فرع لندن ونصحها بالمشاركة في المسابقة العالمية التي يحكم فيها العمل الفني 50 قاضي تحكيم من جامعات أكسفورد وكامبردج في لندن، وتنقلت بين مراحل التصفيات المتعددة مابين تصويت الجمهور واختيار لجنة أولية ولجنة تحكيم عالمية الى ان تفوقت على منافستها السعودية المخضرمة في مجال الفن التشكيلي وانتزعت منها لقب أفضل فنان تشكيلي عربي عن فئة الفن السريالي، وأفضل عمل سريالي عربي على مستوى العالم بجائزة المجموعة العربية العالمية فرع لندن_ 2021.
وبعد هذا النجاح الكبير الذي حققته في فترة وجيزة نالت الفنانة ميرنا جاسر عضوية الاتحاد العالمي للفنانين التشكيليين العرب بالإضافة الى جمعيات ومنتديات عربية وعالمية متنوعة في كل من ليبيا، الجزائر، اليمن، مصر، المغرب وتركيا، وستشارك قريبا بأحد لوحاتها في معرض في العراق من خلال منتدى السومرية للثقافة والفنون، ومعرض آخر في الأردن وهو عبارة عن توأمة بين فنانين أردنيين وفلسطينيين.

انتاجها الفني مازال في بدايته لكن سعيها نحو التعلم والتطوير من موهبتها لا نهاية له، ورغم الانتقاد والتنمر المتواصل والموجه لها تتطلع الفنانة المبدعة ميرنا جاسر الى الاستمرار في تحقيق النجاحات فيما يخص موهبتها واثبات ان احتراف الفن التشكيلي لايقتصر على التعلم بالتلقين ولا عدد اللوحات والمعارض والمسابقات، بل ان هناك مايغذي ذلك الابداع الروحي ويطوره بالتوازي مع الممارسة والاندفاع نحو المزيد من الابداع.