أيمن الظواهري.. طبيب مصري يقتفى أثر “بن لادن” حيا وميتا
صحيفة المنتصف
طويت آخر صفحة من حياة الطبيب المصري، زعيم تنظيم “القاعدة” أيمن الظواهري (71 عاما)، في استهداف استخباراتي أمريكي بالعاصمة الأفغانية كابل وفق إعلان واشنطن.
ليتكرر مشهد النهاية ذاته الذي نفذته الولايات المتحدة الأمريكية، قبل 11 عاما ضد سلفه بزعامة التنظيم، أسامة بن لادن.
** الزعامة والمشهد الأخير
وما بين توليه الزعامة في 2011 والمشهد الأخير لأيمن الظواهري في 2022، كانت رحلة صعود لافتة لعقل متشدد رافق ابن لادن، وأسسا معا تنظيم “القاعدة” قبل نحو 3 عقود، والذي لاحقته واشنطن واتخذت أعماله الإرهابية ذريعة لتدخل عسكري بأفغانستان لنحو عقدين.
وفق رواية واشنطن، الإثنين، فإن صاروخا أطلق من طائرة مسيرة أمريكية، حدد موعده قبل أسبوع، كتب مشهد النهاية لحياة الظواهري، محققا هدفها الذي فشلت في تحقيقه مطلع 2006، بعد عملية استهداف قرب الحدود الباكستانية الأفغانية، نجا منها الظواهري آنذاك.
ووفق ذلك يكون الظواهري ضمن أول عملية استهداف لواشنطن في أفغانستان منذ انسحاب قواتها في أغسطس/آب 2021، وثالث صيد ثمين لواشنطن بعهد الرئيس جو بايدن في الـ 6 أشهر الأخيرة، بعد إعلانها قتل زعيمين لتنظيم “داعش” الإرهابي في سوريا أبو إبراهيم الهاشمي القرشي في فبراير/ شباط الماضي، وماهر العقال في يوليو/ تموز الماضي.
وتتزامن تلك العمليات في عام يشهد انتخابات تجديد بالكونغرس في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وربما وفق مراقبين يكون لهذا الصيد الثمين مكاسب حزبية لبايدن في تلك المعركة الانتخابية.
نجاح واشنطن في اغتيال الظواهري، حتى بعد الابتعاد عسكريا عن المشهد الأفغاني، يعود وفق ما تقول إلى اتهامه بالتخطيط في استهداف مدمرة أمريكية في اليمن عام 2000، والمساعدة في تنفيذ أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 في الولايات المتحدة، مما دعاها لإدراجه بقائمة أكثر الإرهابيين المطلوبين لديها ومنح مكافأة تصل إلى 25 مليون دولار لمن يدلى بمعلومات عنه.
وكان آخر ظهور للظواهري في مايو/أيار الماضي، في تسجيل مصور متحدثا عن ذكرى وفاة بن لادن، متهما واشنطن بـ”الضعف”.
لحق الظواهري برفيق نهجه المتشدد قتيلا باستهداف أمريكي أيضا بعد أقل من 3 أشهر من إحيائه ذكرى بن لادن، ونحو 3 عقود من تعارف جمعهما بأفغانستان، مهد لأبرز العمليات الإرهابية التي طالت عدة دول على رأسها الولايات المتحدة.
** النشأة والتفكير
وليس بن لادن وحده من أشعل جذوة العنف في عقل الظواهري أو صدره لقيادة تنظيم مسلح، فرحلة الأخير في مصر بلده الأم التي طالها أيضا بعملياته الإرهابية، تستحوذ أيضا على مساحة أكبر في رحلة الظواهري.
ففي 19 يونيو/ حزيران 1951، ولد الظواهري لعائلة جمعت بين التعمق في الدين والانشغال بالعمل العام، ومن أبرزهم، جده لوالده الشيخ محمد الأحمدي الظواهري، شيخ الأزهر (1929-1935)، وعم أمه عبد الرحمن عزام أول أمين عام للجامعة العربية (1945: 1952).
التقى أيمن في بدايات عمره بجماعة الإخوان كبرى جماعات الإسلام السياسي بمصر، لكن بعد عقود نسب له كتاب “الحصاد المر: الإخوان المسلمون في 60 عاما”، لينقلب على أفكار الجماعة ويتهمها بالانحراف.
في كتابه “الحصاد المر”، كان الظواهري يؤسس لفكر جماعة “الجهاد” (تأسست عام 1973)، الرافض لمن “يحكمون بغير ما أنزل الله”، وحتمية مواجهتهم.
النمط الجديد في فكر الظواهري مع جماعة “الجهاد” لم تغيره دراسته للطب وتخرجه من الجامعة عام 1974، وقاده مبكرا إلى السجن عام 1981 ضمن المتهمين باغتيال الرئيس المصري أنور السادات (17 أكتوبر 1970 – 6 أكتوبر 1981)، متحدثا بلغة إنجليزية وطارحا أفكارا متشددة من خلف قفص الاتهام.
وقتها حكم على الظواهري، بالسجن 3 سنوات بحيازة أسلحة بصورة غير مشروعة، في تجربة عمقت أفكاره المتشددة أكثر، ودفعته بعد الإفراج إلى شد الرحال إلى جدة ثم إلى باكستان ليستقر بعدها في أفغانستان.
ومع عام 1993، أسس الظواهري، جناحا مسلحا لجماعة الجهاد، عرف بتنظيم “طلائع الفتح”، وينسب له تخطيط هجمات إرهابية في مصر طالت مسؤولين مصريين وأجانب، وسفارة مصر في باكستان عام 1995، قبل أن يدان من محكمة مصرية في 1999 بالإعدام غيابيا.
وبخلاف المساس ببلده الأم، عبر هجمات إرهابية، نشط دور الظواهري لا سيما مع تأسيس تنظيم القاعدة مع ابن لادن، وتوليه قيادة التنظيم في 2011، حتى آخر ظهور له في مايو/أيار الماضي محييا ذكرى “بن لادن”.
حتى اللحظة لم يؤكد تنظيم القاعدة إعلان واشنطن مقتل أميره، وهو ما يبرره مراقبون بوجود ترتيبات لتسمية خليفته في قيادة الجماعة.