الخلاف السعودي الأمريكي الغامض و التطبيع مع إسرائيل… بقلم مضر المومني
صحيفة المنتصف
يلحظ المراقب للشأن العربي الأمريكي أن هناك خلافاً اشبه بالغامض والمبطن نسبياً بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية ، ونعلم جميعا أن السعودية غردت خارج السرب الأمريكي في عدة محاور لا سيما الأمنية والأقتصادية منها، واتجهت السعودية منفردةً نحو مصالحةٍ إيرانية رغماً عن السياسة الأمريكية تجاه إيران ، كما وسبق ان رفضت القيادة السعودية الإنصياع للسياسة الأمريكية تجاه خفظ الإنتاج النفطي وغيرها من الإجراءات المعاكسةِ لإدارة واشنطن، حتى المفاجئة الكبرى غير المتوقعة، وعبور السعودية نحو عمق الشرق والإنضمام الى اتفاقية شنغهاي مع الصين ،،،، واقعياً كل ما سبق كان مفاجئاً لا سيما لم يعهد العالم العربي خروجاً او تمرداً ” ان جاز التعبير ” على السياسةِ الأمريكيةِ في الشرق الأوسط بهذه القوة من بلد عربي ، وخصوصاً اننا على يقين ان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان هو من يقود هذه السياسة المحنكة وهو أيضاً من قاد سياسة الانفتاح والنهوض ببلدٍ عانى من التشدد الديني والكبت الإجتماعي ونجح بالنهوض والتحديث والتطوير مع الإعتدال بفترة وجيزة ،،
إذا نحن متفقون على أن هناك خلافاً غامضا بين واشنطن والسعودية لم تتضح اسبابه ولم تعلن رسمياً ، كما نحن متفقون ان السعودية على طريق التطبيع العادي مع إسرائيل أسوة بباقي دول الخليج تحت مظلة اتفاقيات ابرهام ، لكن تأخر السعودية بالتوقيع على اتفاقية سلام مع اسرائيل ارسى علينا بوادر الغموض ولوّح بان هناك خلافاً أيضا على أسس وقواعد اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل التي تريدها السعودية وحسب ثوابتها ورؤيتها.
حتى هذه المرحلة بقيت الامور مبهمةً بالنسبةِ للخلاف الأمريكي السعودي وبالنسبةِ لإتفاق التطبيع السعودي الإسرائيلي ، الى ان زارا إسرائيل مؤخراً السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام وهو سياسي بارز في الحزب الجمهوري الأمريكي ومقرب من الرئيس الأمريكي جو بايدن ، وكشف لنا هذا الزائر للشرق الأوسط وفي اسرائيل تحديداً عن حقائق مغيبةٍ وغير معلنة.
السيناتور غراهام كشف لنا ان رغبة واشنطن وإدارة بايدن تطمح لتطبيع غير اعتيادي او غير تقليدي بين السعودية وإسرائيل بل وان واشنطن وضعت شرطاً للتطبيع بين إسرائيل وأكبر بلد عربي وإسلامي بل بلدٍ يعتبر البلد القيادي للعالم العربي اجمع ، وتشترط إدارة بايدن على السعودية ان تعترف بدولة إسرائيل ” بالدولة اليهودية الوحيدة ” في العالم ، واكد السيناتور الأمريكي انه نقل الرسالة المشروطة للأمير محمد بن سلمان ،و الواضح للمراقب والمحلل ان الأمير الشاب بن سلمان يرفض هذا الشرط بتاتاً الأمر الذي استدعى الى تأخر أي إجراءاتٍ سعوديةٍ تجاه التطبيع مع إسرائيل ، كما استدعى هذا الشرط ،انسلاخ السعودية وبكل قوة وحزم عن سياسة واشنطن في الشرق الأوسط.
رغم طموح نتنياهو بشكل خاص وإسرائيل بشكل عام الى اتفاق سلام مع السعودية الا انهم وبالإجماع ،على ما يبدوا يميلون الى سياسة التأني والحذر لتكون اتفاقية كاملة بالنسبة لهم،، كيف لا والسعودية اكبر بلد عربي وإسلامي واقتصادي وقيادي للعالم العربي ، وصرح نتنياهو اكثر من مرة ان السلام مع السعودية من شأنهِ ان ينهي الصراع العربي الإسرائيلي ويبدو ان نتنياهو يعي تماماً ان لا نهاية للصراع العربي الإسرائيلي الا باتفاقية سلامٍ وتطبيعٍ مع السعودية.
إذا هل السعودية في مأزقٍ عربي ودولي ام انها تعمل بمنظومة الدولة الكبرى ذات الشأن المستقل غير المنصاع لقوى الغرب ذات العواقب والنتائج المبهمة.
على ما يبدوا بل من المؤكد ان السلطات السعودية تعي تماما الموقف من مخاطر وايجابيات ، ولم تنزلق لإدارة بايدن بشكل متسرع ، ولا أُرجح ان يكون التطبيع السعودي الإسرائيلي في الوقت الراهن اكثر من التطبيع العادي بل سنرى تطبيعا فاتراً واقل مما شهدناه مع سابقاتها من الدول العربية.