المصري يكتب “في ذكرى وعد بلفور المشؤوم ، غزة تنتصر”
في ذكرى وعد بلفور المشؤوم ، غزة تنتصر على المشروع الصهيوني .. بقلم منيب رشيد المصري
صحيفة المنتصف
قبل مئة وستة أعوام أعلن رسميا عن المشروع الصهيوني من خلال وعد بلفور المشؤوم عام 1917، ذلك الوعد الذي منحته الحكومة البريطانية باسم ملك بريطانيا جورج الخامس بعد ضعط ومؤامرة مع الحركة الصهيونية والمسيحية الصهيونية المتجددة لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، واعتبار الشعب الفلسطيني الذي كان يمثل 95% من سكان فلسطين في ذلك الوقت طوائف غير يهودية ولا يملكون إلا حقوقا دينية ومدنية دون أي حقوق سياسية وسيادية، بينما منح اليهود الذين كانوا يشكلون بين 3-5% من سكان فلسطين كامل الحقوق السياسية والدينية والمدنية ودون التأثير على حقوقهم في الدول الأخرى وأينما وجدوا. وللأسف الشديد بأن المعظم يفسر وعد بلفور بطريقة مغايرة وغير صحيحة وكأننا نبحث عن حقوق مدنية ودينية تضمن لنا
العبادة وخدمات البلدية والقروية فقط ولسنا أصحاب الأرض و الشعب الأصلاني منذ العصر الحجري.
وعد بلفور المشؤوم، أكبر مظلمة تاريخية ، وأسوء تصريح عبر التاريخ ، يفتقد لأي أساس قانوني وأخلاقي وإنساني وتاريخي، وقد عارضه الكثير من اليهود المؤمنين بالسلام والحق والأخلاق والقانون أمثال أينشتاين وآفي شليم، حيث حولت الحكومة البريطانية بموجب وعد بلفور المشؤوم مسؤوليتها بتهيئة فلسطين من أجل الاستقلال بموجب الانتداب، إلى احتلال واستعمار عمل بكل جهده لتعزيز الوجود اليهودي وتدريبه وتسليحه وصولا لتسليمه فلسطين عام 1948، وتهجير شعب بأكمله في نكبة مؤلمة عانى بسببها الملايين من أبناء الشعب الفلسطيني وما زال يعانون ، وتبعها نكسة عام 1967.
وللأسف الشديد فإن كل هذه المساعي كانت في إطار رغبة الغرب للتخلص من اليهود وتهجيرهم من أوروبا ، وخلق جسم غريب في المنطقة لخدمة مصالحهم الاستعمارية، وتمزيق الوطن العربي وإضعافه لضمان تحقيق أهداف اتفاقية سايكس بيكو عام 1916وتحقيق مطامع الغرب . مع أن الوطن العربي من استقبل اليهود حين هربوا من مذابح الغرب.
ولأجل مواجهة هذا المخطط قبل الشهيد الراحل ياسر عرفات باتفاقية أوسلوا مرحليا، وحين قمت بمعاتبته عتابا شديدا على قبوله بهذا الاتفاق رغم رفضنا لقرار التقسيم الذي منحنا 46% من فلسطين ، فرد “أوافقك الرأي ” ولكن هذا هو الحل الوحيد المتاح لمواجهة المؤامرة العالمية وإبطال وعد بلفور والانتقال للمطالبة والدفاع عن حقوقنا من داخل فلسطين، فراهن أبو عمار على الضمير العالمي ،وأنصار السلام في العالم والمجتمع الإسرائيلي ولكن للأسف هددوه حين رفض مؤامرة كامب ديفيد واتخذوا قرارا باغتياله حتى قاموا بقتله عام 2004 بعد أن قتلوا فرصة السلام الوحيدة في إسرائيل وهو إسحاق رابين ليرهبوا كل من يفكر بدعم عملية السلام ودعم الحق الفلسطيني .
وفي عام 2017 وبينما كانت تحتفل رئيسة الحكومة البريطانية تريزا ماي بمئوية وعد بلفور بمشاركة جاكوب روتشيلد ونتانياهو،أعلنت الحكومة الإسرائيلية تتويج هذا الوعد بإعلان قانون القومية ويهودية الدولة الإسرائيلية، ولتبدأ الحكومة الإسرائيلية بتوسعة مشاريعها التهويدية والاستعمارية والتهجيرية ، وسعيها لضم الضفة الغربية، ونسف أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة ، ولتلقى هذه المخططات دعم الحكومة الأمريكية من خلال صفقة القرن عام 2020 والتي تأتي امتدادا لوعد بلفور المشؤوم.
في عام 2022 بدأ تنفيذ برنامج تصفية القضية الفلسطينية وتدمير المشروع الوطني الفلسطيني وإنكار الحقوق السياسية والتاريخية الفلسطينية من خلال حكومة يمينية صهيونية تعتبر الأكثر تطرفا عبر التاريخ وهذا ما نص عليه وعد بلفور المشؤوم تماما،فتضاعف الاستيطان ، وسلح المستوطنين ، واستبيح المسجد الأقصى المبارك ، وأصبح الحديث عن بناء الهيكل المزعوم علنا، وأصبحت الضفة الغربية مسرحا يوميا لجرائم الاحتلال والمستوطنين ، وقتل الاطفال والنساء والشباب ، وحرقت المنازل والمزارع والسيارات ، وتصاعد الظلم والإرهاب والوحشية ، في ظل غياب الأمل والأفق بأي حل سياسي.
ورغم كل هذه المظالم مضت الحكومة الإسرائيلية في برامجها التطبيعية مع بعض الدول العربية في تطبيع مجاني شكل طعنة في خاصرة فلسطين ، وليعلن رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي أمام العالم بأسره خلال خطابه الأخير في الأمم المتحدة عن خريطة الشرق الأوسط الجديد والذي تغيب عنه دولة فلسطين بشكل كامل ، ويسوده السلام والازدهار بين إسرائيل ومختلف الدول العربية .
إنها ليست مجرد حكومة يمينية إرهابية متطرفة ، ولكنها حكومة حسم الصراع وتصفية القضية الفلسطينية ، فقد عبروا عن ذلك جهرا لا سرا ، عبروا عن ذلك فعلا وقولا ونهجا، حتى جاء يوم السابع من أكتوبر ، لتنتصر غزة كما العادة ، انتصرت لكل مظالم الشعب الفلسطيني ومعاناته، انتصرت على خطى معركة الكرامة وحرب اكتوبر1973، انتصرت للمسجد الأقصى المبارك ونساءه ورجاله ، انتصرت على الحقد والظلم والإرهاب الصهيوني اليومي بحق الشعب الفلسطيني . ولتحقق بطولات غزة إنجازات عظيمة ،أبرزها :
بطولات غزة نسفت المشروع الصهيوني من أساسه .
بطولات غزة أبطلت وعد بلفور المشؤوم في الذكرى السادسة بعد المئة .
بطولات غزة بددت الحلم الصهيوني بدولة من النيل إلى الفرات .
بطولات غزة كشفت ازدواجية المعايير وغياب الأخلاق والقانون عند الغرب.
بطولات غزة أثبتت أن الشعب الفلسطيني ما زال يتجدد ويدافع عن أرضه وحقوقه التاريخية والعادلة .
بطولات غزة أكدت بأنه لن يكون هناك سلام في هذا العالم دون استعادة كامل الحقوق الفلسطينية .
بطولات غزة فضحت جرائم وإرهاب وعنصرية ووحشية الاحتلال الإسرائيلي وقلته للأطفال والنساء والأبرياء بدم بارد.
بطولات غزة أوقفت مشروع تصفية القضية الفلسطينية وحسم الصراع وتدمير المشروع الوطني الفلسطيني .
بطولات غزة أفشلت كل محاولات إخضاع الشعب الفلسطيني وإجباره بأي حل يقدمه الصهاينة .
بطولات غزة عززت القصة السردية الفلسطينية ، ودمرت الخرافة الصهيونية ومزاعمهم.
بطولات غزة أنشأت جيلا فلسطينيا قويا مناضلا واثقا من نفسه ومؤمنا بنصره مفعم بالعطاء والتضحية والفخر والعزة ،وأنشات جيلا إسرائيليا مهزوما وضعيفا وخائفا.
بطولات غزة دمرت صورة الجيش الذي لا يقهر ، وقهرت هيبة إسرائيل وجردتها من أخلاقها المزعومة .
بطولات غزة أعادت القضية الفلسطينية على أولويات الاجندة العالمية بعد أن حاول الكثيرون تهميشها . واعتبار الفلسطينيين عبئا زائدا .
بطولات غزة خلقت عالما جديدا تنتصر فيه الشعوب الحرة والمدافعة عن السلام والإخلاق للحق الفلسطيني ، وتعبر عن غضبها من الإرهاب الصهيوني .
بطولات غزة غيرت كل شيء حتى نمط حياتنا وأفكارنا ، وحتى وإن كان الثمن باهظا من دماء أبناء شعبنا ، ولكن النتيجة عظيمة حيث سطر أهل غزة بدمائهم الطاهرة وعد الحق والنصر و طمسوا وعد بلفور المشؤوم ، ولأجل ذلك علينا جميعا أن ننتصر لغزة، كل مكونات الشعب الفلسطيني في القدس والضفة الغربية والداخل والشتات. وعلى القيادة الفلسطينية أن تتحرك عاجلا وأن تبني على هذا الإنجاز التاريخي وتعلن إنهاء الإنقسام فورا وتوحيد الطاقات لوقف الحرب الهمجية ، وتبني استراتيجية نضالية شاملة، وتشكيل جبهة وطنية موحدة ،من أجل إنهاء الاحتلال، وفرض حل عادل وشامل على العالم.