“حقُّ التعلُّمِ عن بُعد” بقلم بشرى سليمان عربيات
حقُّ التعلُّمِ عن بُعد
بقلم المستشارة التربوية: بشرى سليمان عربيات
صحيفة المنتصف
طالعتنا وزارة التربية والتعليم بقرار التعلم عن بعد حتى إشعارٍ آخر، ومن يمعن التفكير في هذا القرار، يجد أن هناك عثرات كثيرة وتحديات كبيرة لتطبيق هذا القرار ومن أبرز هذه التحديات، عدم توافر الأجهزة الذكية في كثير من بيوت الأردنيين، سواءً كان في العاصمة أم في المحافظات. وقد صدر تصريحاً عن وزارة التربية والتعليم قبل أشهر حين كان التعليم عن بعد، وكان أولياء الأمور جالسين في البيوت نتيجة الحظر الشامل،حيثُ اشتمل هذا التصريح على أن سبعمائة وخمسين ألف طالب وطالبة لم يشاركوا في منصة درسك، أي حوالي مليون طالباً وطالبة! ومن العجيب أن تستمر وزارة التربية والتعليم في تعنُّتها لقرار التعليم عن بعد، وهي تعرف تمام المعرفة أن الأجهزة غير متوفرة، ولم تعمل خلال ستة أشهر على توفير أجهزة الحاسوب لكثير من المناطق – كما كانت تعدُ وتصرِّح -.
حسناً، تريدون الإستمرار في التعليم عن بعد، إذاً يجب عليكم يا وزارة التربية والتعليم توفير الأدوات اللازمة لذلك، يجب عليكم التأكد من وجود عدداً من الأجهزة في كل بيت من بيوت الأردنيين، عدداً لا يقلُ عن عدد أفراد الطلبة الأبناء، ولكنكم لم تفعلوا! وأنتم تعرفون تمام المعرفة أن التعليم الإلزامي من الصف الأول حتى العاشر الأساسي، وهذا الحق في التعليم مكفولٌ في الدستور الأردني.
أودُّ تذكيركم يا وزارة التربية والتعليم بمتابعتكم للطلبة المتسربين في هذه المرحلة طيلة السنوات السابقة،فكيف يمكنكم متابعة التسرب عن بعد؟ وكيف يمكنكم تحقيق العدالة الإجتماعية بين جميع طلبة المملكة الأردنية الهاشمية، سواءً كانوا في القطاع الحكومي أو الخاص! كيف يمكنكم التأكد من عدم تفشِّي الأميَّة الرقمية في معظم بيوت الأردنيين؟ وكيف يمكنكم تأمين خدمة الإنترنت لكل بيت؟ لقد قمتم بإصدار قرار التعلم عن بُعد لجميع المراحل الدراسية – بما فيها المرحلة الإلزامية- وأنتم تعرفون تمام المعرفة أنها عملية مستحيلة، ولا يختلف على هذا أي تربوي وأي وليّ أمر.
حسناً، لقد دفعتم بالطلبة إلى التعلُّم عبر منصة عقيمة، ولا تريدون الإعتراف بالخلل الموجود فيها، إذاً، لماذا لا يتم توفير أجهزة إستقبال خدمة الإنترنت مع أجهزة الحاسوب؟ لماذا لم تقم شركات الإتصالات العملاقة بدورها المجتمعي بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم؟ ألا تعلمون كيف ارتفعت أسعار الأجهزة في السوق الأردني؟ ألا تدركون حجم المعاناة التي يواجهها أولياء الأمور يومياً عند النظر في عيون أطفالهم الحائرة، بعد أن قتلتم في نفوسهم فرحة العودة إلى المدرسة!
إذا كنتم تريدون أن يستمر التعليم عن بعد، فإن عليكم واجبات تجاه الطلبة وتجاه المجتمع بأكمله، فكما يقال: إذا أردتَ أن تُطاع، فاطلب المستطاع، ولكنكم قمتم بطلب المستحيل، تطالبون باستمرار التعليم عن بعد في وقتٍ عاد فيه أولياء الأمور إلى أعمالهم،ولا يملكون متسعاً من الوقت لمتابعة أبنائهم، ومنعتم التواصل بين المعلمين والطلبة !
لقد قررتم أن يغيبَ الدورُ التربوي الذي تحملُ وزارتكم عنواناً له، قررتم تجهيلَ الجيل وإبعاده عن الحرم المدرسي، قررتم مكوث الطلبة ساعات أمام أجهزة الحاسوب أو التلفاز، قررتم فرض معلم واحد لجميع الطلبة، قررتم فتح المنصة لطلبة القطاع الخاص، علماً بأن هناك مدارس خاصة بذلت مجهوداً كبيراً مع معلميهم من أجل المحافظة على منظومة التعليم وإيصالها للطلبة بشكلٍ يليق بالعملية التعليمية.
ما الذي تريدون الوصولَ إليه؟ وإلى ماذا تهدفون بهذه القرارات؟ أتريدون حقاً حماية الطلبة من فيروس؟ إذا كان الأمرُ كذلك، فاتركوا للأهل حرية الإختيار، فلستم أكثرُ حرصاً على أبنائهم منهم.