الرئيس واصلاح القضاء وصفقة العصر واموال المقاصة ..بقلم المحامي راجح ابو عصب
المنتصف
في كلمته خلال ترؤسه اجتماع اللجنة المركزية لحركة فتح يوم السبت الماضي تحدث الرئيس محمود عباس عن ثلاث قضايا رئيسية هي اصلاح القضاء وصفقة العصر ” صفقة القرن ” واموال المقاصة التي تحتجز اسرائيل جزءا منها .
في حديثه عن اصلاح القضاء قال الرئيس عباس ان القضاء يجب ان يبقى مستقلا ؟ لذلك نأمل ان تثمر الاصلاحات التي تمت في القضاء عن عودته الى وضعه ومكانته المقدسة الممتازة ليستطيع ان يقوم بواجبه على الوجه الاكمل في خدمة المواطنين كسلطة مستقلة والمعلوم ان الدولة تتكون من سلطات ثلاث هي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية كما ان المعروف ان فصل هذه السلطات الثلاث هو احد مبادىء الديمقراطية اذ انها نموذج للحكم الديمقراطي للدولة اي دولة .
وضمن اطار هذا النموذج تكون الدولة مقسمة الى سلطات كل سلطة منفصلة ومستقلة الصلاحيات والمسؤوليات وتتمثل السلطة القضائية في القضاء وفصل النزاعات بين الناس او المؤسسات .
ومن المعلوم ان السلطة القضائية تتولاها المحاكم المختلفة الانواع والدرجات وتصدر جميع الاحكام كما ان القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم الا القانون والمحاكم مفتوحة امام الجميع ومحمية من التدخل في شؤونها ومجلس القضاء الاعلى في فلسطين هو الهيئة القضائية التي تمثل السلطة القضائية الفلسطينية وتشكل الضمانة الاساسية لاستقلال السلطة القضائية حيث هومسؤول عن الاشراف الاداري على الجهاز القضائي .
وتتمثل رسالة واهداف مجلس القضاء الاعلى في تعزيز استقلال القضاء وضمان كرامة القضاة ونزاهتهم وكفاءتهم تأهيل القضاة والموظفين للعمل في السلك القضائي وتطوير اداة المحاكم وتسهيل اجراءات الدعاوي ومأسسة وتطوير مجلس القضاء الاعلى ومأسسة وتطوير دوائر المجلس كدوائر التدريب والتفتيش القضائي والامانة العامة وغيرها .
وقد قام الرئيس عباس استنادا الى صلاحياته الد ستورية بحل مجلس القضاء الاعلى و اعادة تشكيل هيئات المحاكم في كافة الدرجات .
وقد اشادت نقابة المحامين بقرار الرئيس هذا وشددت على اهمية جهوزية الحكومة على توفير كافة متطلبات عملية اصلاح القضاء ودعت الى تسهيل عمل المجلس الانتقالي وطالبت بتحسين رواتب القضاة وتخصيص موازنات لتطوير وتحسين مقرات المحاكم وخاصة مقر العدل في رام الله.
وقد رأى خبراء قانونيون فلسطينيون ان قرارات الرئيس عباس الخاصة باصلاح القضاء ستشكل مدخلا حقيقيا لاصلاح المنظومة القضائية على اسس مهنية .
وقد جاء القرار باصلاح القضاء وكما قالت وكالة انباء وفا جراء فشل مجلس القضاء الاعلى الذي حله الرئيس في وقف التدهور المتسارع في القضاء واصلاحه والنهوض به كما انه يستجيب للمطالبات المتكررة باصلاح القضاء اضافة الى التراجع المطرد لثقة الجمهور الفلسطيني باداء السلطة القضائية وطول امد التقاضي .
ولا شك ان قرار الرئيس عباس اصلاح الجهاز القضائي هو خطة غاية في الاهمية في تعطيل الجهاز القضائي وفي سرعة البت في القضايا المعروضة امام المحاكم وفي تحقيق العدالة على نحو افضل بكثير مما كان قبل صدور قرار حل مجلس القضاء الاعلى .
ومن ناحيته فان ديوان الرقابة المالية والادارية اكد دعمه بقرار الرئيس عباس اصلاح القضاء وقال ان قرار الرئيس جاء نتيجة عدم تعاون مجلس القضاء الاعلى مع عملية الاصلاح التي كانت محل مطالبة من كافة القطاعات الرسمية والاهلية .
واضاف الديوان قائلا ان قرار الرئيس جاء بعد اجماع المواطنين على ضرورة اصلاح السلطة القضائية حيث ان هذا الاصلاح مطلب عام لا يختلف عليه اثنان في الوطن وان اتخاذ الرئيس اجراءات اصلاحية في مجلس السلطة القضائية انما جاء استجابة لهذا الاجماع وهو امر ايجابي ومحمود وينسجم مع الحل الدستوري لكل مواطن في التقاضي وحق الالتجاء الى قاضيه الطبيعي .
واشار الديوان الى السنوات الاخيرة اتصفت بتدني ثقة المواطنين بالسلطة القضائية خاصة طول مدة التقاضي والازحام القضائي وتباطؤ الفصل في دعاوي المواطنين بشكل غير مسبوق وازدياد عدد الشكاوي المقدمة ضد السلطة القضائية وانتشار الخلاف بين اطراف العدالة وعدم اتخاذ المجلس لاجراءات فاعلة لاصلاح السلطة القضائية .
من كل ما سبق يتبين اهمية خطوة الرئيس عباس في اصلاح القضاء وذلك سعيا لاعادة ثقة المواطن الفلسطيني في قضائه ويحسب للرئيس عباس ان فور توليه رئاسة السلطة الفلسطينية اعاد للقضاء هيبته المفقودة حيث لم تكن قرارات المحاكم تأخذ طرقها للتنفيذ على ارض الواقع خاصة جراء شيوع الانفلات الامني وانتشار الميليشيات وشيوع الفوضى والانفلات الامني .
اما بخصوص صفقة العصر او صفقة القرن فقد قال الرئيس عباس ان قضية صفقة القرن ومؤتمر المنامة الذي عقد في العاصمة البحرينية يومي الخامس والعشرين والسادس والعشرين من شهر حزيران الماضي الماضي بدعوة من الولايات بزعم تحسين الاوضاع المعيشية والاقتصادية للشعب الفلسطيني وذلك لترويج صفقة العصر فقد قال الرئيس ان موقفنا من هذه الصفقة ومن هذا المؤتمر ظل كما هو لم يتغير واكد مجددا رفضه لهذه الصفقة ولمؤتمر المنامة وما صدر عنها .
ومن المعلوم ان صفقة القرن ولدت ميتة وذلك جراء الرفض الفلسطيني القاطع لها كونها تجاوزت كل الخطوط الحمراء الفلسطينية وفي مقدمتهااخراج القدس الشرقية من جدول المباحثات بعد ان اصدرالرئيس ترامب
قراره باعتبار القدس عاصمة موحدة لاسرائيل ونقل سفارته من تل ابيب اليها كما ان هذه الصفقة تتجاهل الشق السياسي للصراع الفلسطيني الاسرائيلي وتركز على اطلال الشق الاقتصادي محله بهدف ابقاء الاوضاع الحالية على ما هي عليه .
كما ان ترامب شطب حل الدولتين دولة فلسطينية الى جانب دولة اسرائيل وهو بذلك اخرج الولايات المتحدة من دور الوسيط النزيه في عملية السلام بعد ان تبنى الموقف الاسرائيلي تماما من حيث قضايا القدس واللاجئين والحدود والدولة الفلسطينية والاستيطان فادارة ترامب لم تعد ترى في الاستيطان عقبة في طريق تحقيق السلام كما كانت ترى الادارات الاميركية السابقة بل ان سفيرها في اسرائيل ديفيد فريدمان قال ان من حق اسرائيل ضم اجزاء واسعة من الضفة لغربية واعتبر الاستيطان شرعيا حتى انه هو نفسه يقيم في احدى المستوطنات وشارك مؤخرا في افتتاح نفق في سلوان وامسك بيده مطرقة شارك في هدم جدار النفق معلنا افتتاح ذلك النفق .
ان موقف القيادة الفلسطينية من صفقة القرن موقف مبدئي لن نتنازل عنه لانه ببساطة يتجاهل كافة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حقه في اقامة دولته الفلسطينية المستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة بعاصمتها القدس ا لشرقية وذلك ضمن حدود الرابع من حزيران من عام 1967 باعتبار ان حل الدولتين هو السبيل لوحيد لانهاء الصراع وتحقيق السلام العادل والشامل .
اما الحلول الاقتصادية فهي ليست بديلا عن الحل السياسي بل هي نتيجة طبيعية له . ذلك ان الحل السياسي يؤدي الى الحل الاقتصادي واحلال السلام يؤدي الى الازدهار الاقتصادي .
واما في قضية اموال المقاصة فقد عاد الرئيس عباس مجددا التأكيد ان القيادة الفلسطينية لن تقبل هذه الاموال منقوصة وقال لن نقبل استلام الاموال منقوصة مهما عانينا لاننا ان قبلنا ذلك معناه اننا تنازلنا عن القدس وهذا الموقف يحظى بتأييد كامل من الشعب الفلسطيني رغم الضائقة الاقتصادية التي نمر بها ,فالضغوط الاقتصادية لن تجبرالشعب الفلسطيني وقيادته على التفريط بسيادته وبحقوقه .
والامر المؤسف في هذا المجال ان الدول العربية لم تفعل حتى الان قرارات قمة تونس الاخيرة وكذلك قرارات وزراء الخارجية العرب وقرارات وزراء المالية العرب الاخيرة بتفعيل شبكة الامان المالية للسلطة المالية وهي ليست بذلك المبلغ الكبير بل هي مجرد مئة مليون دولار شهريا فهل ينتظر الاشقاء العرب انهيار السلطة الفلسطينية ماليا واليس من واجبهم تنفيذ ما التزموا به تجاه دعم لشعب الصامد ؟
اننا نأمل ان تتحرك الدول العربية قبل فوات الاوان لتنفيذ وتفعيل شبكة الامان المالية التي التزموا بها وذلك ليس منه ولا تفضلا بل هو واجب , والله الموفق