أسباب خسارة المعارضة للإنتخابات الرئاسيّة التركيّة… بقلم د.أمجد شهاب
أسباب خسارة المعارضة للإنتخابات الرئاسيّة التركيّة
بقلم د.أمجد شهاب
صحيفة المنتصف
تكتسب الإنتخابات التركيّة أهميّة كبيرة على المستوى المحلّي والإقليميّ والدوليّ، ويسيطر الرئيس رجب طيب أوردرغان وحزبه على الساحة السياسيّة منذ أكثر من عقدين من الزمن بدون أيّة منافسة سياسيّة حقيقيّة.
وعلى ضوء ذلك، تشكّل الإئتلاف السداسي المعارض “تحالف الأمّة” الذي يشمل أحزاب المعارضة الرئيسيّة؛ وهي: حزب الشعب الجمهوري، الحزب الجديد، حزب السعادة، حزب المستقبل، حزب التقدم والديمقراطية والحزب الديمقراطي. ورشح هذا التحالف كمال كليجدار أوغلو للرئاسة، وذلك بعد خلافات حادّة شهدتها “الطاولة السداسية”. تنتمي هذه الأحزاب الـ6 المكوّنة لتحالف الأمّة إلى أيديولوجيّات مختلفة؛ العلمانية الأتاتوركية والقومية، اليمين المحافظ. وعلى الرّغم من إختلاف الأحزاب وتباينها فكريًّا إلّا أنّها تتفق على معارضة الرئيس الحالي أردوغان، وهي تعمل على الإطاحة به خلال الإنتخابات العامة الحالية، وتهدف إلى إعادة النّظام البرلماني إلى البلاد، رافعةً شعار “النّظام البرلمانيّ المعزّز”.
كانت هناك عدّة أخطاء أدّت إلى خسارة المعارضة للإنتخابات البرلمانية، رغم أنّ إستطلاعات الرأي قد أعطت مؤشرات نجاحهم. ولم يعد السؤال: من سيكسب الإنتخابات الرئاسية، بل أصبح السؤال: ما هو حجم الفارق بالأصوات لصالح الرئيس أوردوغان، وما الأسباب لذلك؟ ترد الأسباب كالتالي:
أولًا: إختيار مرشّح المعارضة؛ إنّ المرشّح كمال أوغلو لا يملك كاريزما ولا يملك أسلوب خطابة كما يملك أوردوغان.
ثانيًا: القدرة التنظيمية؛ لم يستطِع المرشّح كمال أوغلو تحشيد النّاخبين مثلما إستطاع الرئيس أوردوغان فعل ذلك.
ثالثًا: حدوث الخلافات داخل “تحالف الأمة”؛ حيث أعطى إنطباعًا بعدم قدرته على التماسك والوحدة، وتنفيذ برنامجه الذي يضمّ أهدافًا مختلفة.
رابعًا: خسارة “تحالف الأمة” بالحصول على أغلبية برلمانية في الدورة الأولى، وهذا بدون أدنى شك سيضعف التصويت لدى مرشحه الرئاسي في الدورة الثانية؛ حيث فَقَد المرشّح المصداقية في تنفيذ وعوده.
خامسًا: تعامل “تحالف الأمة” مع ملف اللاجئين السوريّين بطريقة غير انسانية؛ حيث طالب بطرد اللاجئين من تركيا، على غرار ما قامت به الأحزاب اليمينية المتطرّفة الأوروبية والتي صبغت بطابع عنصري ضد العرب والمسلمين. وذلك أدّى إلى إعطاء نتائج عكسية لصالح الحزب الحاكم ورئيسه أوردوغان.
سادسًا: دخول أحد أحزاب “تحالف الأمّة” وهو حزب الشعب الجمهوري – بشكل منفرد – في تحالف ثنائيّ مع حزب الشعوب الديمقراطي (الذراع السياسي لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض حربًا انفصالية ضد الدولة)، وبدْء تسرّب عدد من الوعود والتعهدات التي قطعها لهم المرشّح كمال كليجدار أوغلو حال فوزه بالرئاسة، طمعًا في إستقطاب قاعدته التصويتية في الإنتخابات؛ حيث كشف سري أوندر النائب عن حزب الشعوب الديمقراطي أنّ إحدى التعهدات هي حصولهم على الحكم الذاتي، دون توضيح المنطقة التي سيتم فيها تحقيق هذا الوعد. ولكنّ الوعد الذي تعهّد به المرشّح يصعب تحقيقه بسبب التناقض الواضح مع أهداف “تحالف الأمة”.
سابعًا: إعتقاد “تحالف الأمّة” أنّ كارثة الزلزال ستؤدي إلى خسارة الحزب الحاكم ورئيسه، وذلك بسبب ضعف البنية التحتيّة، بطء في عمليات الإنقاذ وسيرورة نظام البيروقراطية. ولكنّ الذي حدث هو العكس؛ حيث أنّ نسبة التصويت في مناطق الزلزال كانت عالية لصالح الحزب الحاكم بسبب الإدارة الجيدة لهذا الملف من حيث تقديم المساعدات وتداور اليروقراطية وإلخ.
ثامنًا: تصريحات الرئيس الأمريكي بايدن بالمطالبة بدعم المعارضة “تحالف الأمّة” للتخلّص من الرئيس أوردوغان، بالإضافة إلى موقف الصحافة الغربية وخاصة الأوروبية ضد الرئيس أوردوغان؛ فقد ساعد ذلك على زيادة شعبية أوردوغان لأنّ الأتراك يرفضون التدخلات الأجنبية بالشؤون الداخلية.
تاسعًا: تراكم الإنجازات الكبيرة التي قام بها الرئيس أوردوغان في أكثر من مجال وعلى مدار أكثر من عقدين من الزمن، وهذا ساهم بشكل كبير بالمحافظة على القاعدة الشعبية للحزب الحاكم ورئيسه.
عاشرًا: أطلق سنان أوغان مرشّح تحالف الأجداد رصاصة الرحمة على المعارضة “تحالف الأمّة” وذلك بأن طلب من مؤيديه التصويت لصالح الرئيس أوردوغان.
محلّل سياسيّ ومختصّ بشؤون الإنتخابات