الهجرة و السياسة…بقلم محمود عبيد
بقلم : المهندس محمود”محمد خير” عبيد
الهجرة و السياسة
صحيفة المنتصف
اعتمد المسلمون منذ 1441 عام على تقويم يسمى التقويم الهجري و الذي هو تقويم قام على اجتهاد و قرار كما وصل لنا من الخليفة عمر بن الخطاب و الذي يعتمد على التقويم القمري و تم احتسابه من يوم عزم سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم على الهجرة الى المدينة اي قبل شهر و 12 يوم كما ورد من بدء الهجرة الفعلية و تم اعتماد هذا التقويم ليتم تمييز تقويم المسلمين عن غيرهم من الأمم, ما يتبادر لذهني و السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم يعتمد التقويم زمن الرسول محمد صلى الله عليه و سلم و لماذا لم يعتمده ابو بكر و لماذا لم يعتمد عمرالتقويم من تاريخ الهجرة الأولى الى الحبشة عندما استقبل النجاشي النصراني المهاجرين المسلمين بالمحبة و السلام و التسامح و الترحاب او لماذا لم يبدأ التقويم من تاريخ نزول الدعوة على سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و لماذا الهجرة و لماذا لم يتم من تاريخ بدء الهجرة و ليس التفكير بالهجرة . فالهجرة لا تميز سيدنا محمد عن بقية الرسل اذا كان سبب اعتماد الهجرة للتمييز فجميع الرسل بدءا” من سيدنا نوح مرورا” بابراهيم و موسى و عيسى هاجروا عن اوطانهم و اهلهم و عشيرتهم ليزودوا و يدافعوا عن دعوتهم و ينشروها بين الأمم و في الأسلام كان هناك الهجرة الأولى لأصحاب رسول الله الى الحبشة. و هل هجرة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم تميزنا كدين او عقيدة بوجود تقويم خاص بنا ام ما يميزنا بديننا هو حرصنا على الألتزام بتعاليمه و مبادئه و اخلاقه و نشر رسالته القائمة على المحبة و التسامح و قبول الأخر بغض النظر عن دينه و عقيدته و عبادته و هو ما جاء في الدستور المدني العالمي الأول الذي وضعه سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم عندما وطات قدماه ارض يثرب كمهاجر و ضيف على اهلها حيث حفظ لمشركين يثرب حقهم في حرية عبادتهم و لليهود و النصارى حقهم في البقاء على دينهم و ممارسة عبادتهم دون اي تاثير او تدخل من المسلمين اضافة الى اقامة اواصر و علاقات اجتماعية و اقتصادية معهم دون وجود ما يمنع ذلك فهم اصحاب الأرض و هذا ما كان في العلاقات مع الجميع في عهد الرسول الى ان دخلت السياسة و الصراع على السلطة باسم الدين و بدعم ممن يسمون انفسهم برجال الدين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم و الذي يحاول المؤرخون و رجال الدين اخفاءه و يحاولون اظهار البعض ممن تولوا امر المسلمين بعد رسول الله انهم منزهون عن اي زلات او مخالفات و هم القدوة التي يجب ان نتبعها بعد رسول الله سواء كانوا على صواب او على خطأ و هم من كادوا لبعضهم البعض من اجل السلطة و قتلوا بعضهم بعضا” فمن المعلوم ان النفس البشرية تعشق المال و السلطة و تحارب و تقتل و تكيد المكائد من اجل ان تعتلي قمة الهرم و تستحوذ على خيرات الأرض و الأمم فكيف لا يكون هناك صراع على السلطة و تكييف بعض الأمور بشكل ديني او مذهبي او عرقي او طائفي بما يتناسب مع عملية الأستحواذ على السلطة و تزوير التاريخ لنظهر بمظهر نحن الأقوام المنزهة عن اي زلات و من حكمونا هم خلفاء الله على الأرض و كيف لا و نحن خير امة اخرجت للناس, نعم كنا خير امة اخرجت للناس ايام الرسول عندما كانت الأخلاق و المباديء و القيم تحكمنا و كان دين المحبة و السلام و التسامح يوجهنا و لكن هذا الأمر لم يستمر بعد وفاة سيدنا محمد عليه السلام و لا نستطيع ان نصف به من جاء بعده من سلاطين و امم الخزي و العار و الفساد و الخيانة القائمة و التي ترتدي ثوب العفة و الفتاوي الصادرة عن رجال الدين و الشيوخ من مسيلمات و دجالين السلطة التي تأله الحاكم و السلطان و تدعوا له ليلا” نهارا” و تمجده على المنابر و هم على يقين انهم يدعون لفاسد و منافق و لص و خائن لأمته و قومه و وطنه و البعض منهم يدعوا لمن قتل اخوتهم و ابناء جلدتهم و مثل بجثثهم هل رايتم احقر من هؤلاء المنحطين المنافقين الذين يسيئوا للدين و للأمة و للوطن بنفاقهم و تمسحهم باذيال اسيادهم. هل نسينا او تناسينا اننا محونا من تاريخ هذه الأمة انه قامت في بعض عصور الأنحطاط ان الحكام و القادة و السلاطين الذين نعتبرهم القدوة و المثل الأعلى و نتغنى بحضارتهم انهم اعتلوا سدة الحكم على جثث الأبرياء و ان حكمهم و سلطانهم في اغلبهم قام على القتل و الخيانة و الفساد. ليس هناك منزه على الأرض. المنزهين هم الرسل فقط و انتهى تنزيههم برحيلهم عن هذه الأرض و لم يورثوا تنزيههم الذي من الله عليهم به لأحد و ما عدا ذلك مهما كانت قيمته الدينية و الدنيوية و السياسية سيبقى ضعيفا” امام الأهواء الشخصية و المغريات بالأستحواذ على السلطة. ها نحن نعيش على تاريخ عمره 1440 عام لا نعلم ما كان في نفوس من مر من علماء و مشايخ و رجال دين و حكام و سلاطين الذين تعاقبوا على حكم هذه الأمة و دونوا التاريخ خلال هذه الفترة من الزمن فكم من رجل دين مسيس احل للخليفة و لزبانيته ما يرضي اهواءه و غرائزه و غروره و يعزز سلطته و حرم ما يضر بالسلطان و يهز عرشه. هل لأحد يعيش في العام 1441 هجري ان يؤكد لي بما يتقبله العقل و بالشواهد و الأدلة و البراهين التي لا تقبل الشك او الطعن انه يستطيع ان يثبت لنا ما كانت عليه اهواء من دونوا التاريخ الذي نقوم على تدريسه لأبنائنا و لسنا واثقين من صحته و حقيقته فقط لأننا توارثنا هذه المعلومات دون التفكير ان كانت على حق و تاريخ الحكام و الخلفاء الذين حكموا هذه الأمة على مر الزمن . هل لنا ان نحكم عقولنا التي انعم الله بها علينا لنستعملها و ليس لننجر كقطيع الغنم خلف تاريخ قد يكون يحمل في طياته الكثير من خزعبلات مسيلمات و دجالين العصور و رجال دين السلاطين و نفاق زبانية الحكام. هل يمكننا ان نعود لفطرتنا التي فطرنا الله عليها و انعم علينا بالعقل لنفكر و لنحلل و لو لبعض الشيء و نؤمن بان الله الواحد الأحد و انه هو من ارسل التوراة على موسى و الأنجيل على عيسى و القران على محمد عليهم السلام و لم يعطي الوصاية او الحصانة او التميز من بعدهم لأحد و حتى قيام الساعة لنجد رجال دين و اشخاص يدعون انهم متدينين و هم فقط من انعم الله عليهم بالمعرفة و العلم و السلطة على الأرض و يستطيعوا ان يكفروا او يشركوا من يريدون متناسين ان الله لم يعطي اي امر لسيدنا جبريل بان ينزل على احد من مسيلمات و دجالين السلاطين و رجال الدين المنافقين المرتدين لثوب الكذب و الخداع من اجل توجيههم كيف يتعاملوا مع اهل الأرض. فاخر دستور انزله الله على البشرية هو القران الكريم و لم يقم باعطائنا اشارة في محكم كتابه ان دجالين السلاطين و مسيلماته يجب ان يتبعوا على الحق و الباطل و ان علينا ان نتبع مذاهبهم و عقائدهم. كفانا استخفافا” بالدين و برسالات رب العالمين و تعاليمه و التعصب لدين او مذهب او عقيدة جميعنا ولدنا على الفطرة و لم يكن لنا يد باختيار ما نحن عليه اليوم من عقيدة او دين و لكن عن نفسي اود ان اؤكد بانني مؤمن بكافة الأديان و الكتب و الرسل و لا يشرفني ان اؤمن او اتبع اي رجل دين يلبس ثوب العفة و الأخلاق و النفاق على البشر و العلم بالدين من اجل التعظيم او مذهب اوجده انسان مثلي قد يخطيء و قد يصيب و لماذا علينا ان ناخذ من المسلمات انه صائب و نحن كبشر على خطأ و علينا تقبيل الأيادي و التمسح باذيالهم للفوز ببركتهم و تقديم الهبات و الأعاطي و نرفع من شانهم و هم ليسوا الا بشر مثلنا حاولوا الأجتهاد بما يتناسب مع اهواء سلاطينهم و متطلبات اتباعهم و زبانيتهم و اذيالهم و تلبية لغرور انفسهم. يا من تدافعون عن اصحاب المذاهب هل عشتم معهم هل تعلمون ما تخفي قلوبهم كل ما تؤمنوا به هو قال عن قيل و ما ورثتموه من عادات و تقاليد و ثقافات عن ابائكم و اجدادكم و ها انتم تورثوها لأبنائكم و انتم لا تعلمون ان كانت صحيحة او خطا و سنبقى كذلك ان لم نصحوا و نعمل بالدين بالشكل الصحيح و نستثمر فطرتنا التي فطرنا الله علينا من خلال اتباع الكتب السماوية فقط دون خزعبلات المذاهب حتى قيام الساعة. لقد اصبحت التجارة بالدين و بالنسب لرسول الله تجارة من لا تجارة له هذه الأيام فما عليك الا ان تضع الشعارات الدينية على سلعتك او تمثل بانك رجل متدين او انك من اكناف رسول الله حتى تضحك على الناس و تروج لنفسك و لسلعتك. واسفاه على ما وصلت اليه ادياننا بمجملها. اعيد و اعلنها على الملا انا اؤمن بالله الواحد الأحد الفرد الصمد و بكتبه التوراة و الأنجيل و القران الكريم و رسله كافة بدءا” من ادم و حتى محمد عليهم السلام و اكفر بمذاهب كافة الأديان التي من وضع رجال الدين بغض النظر عن عقيدتهم او دينهم او مذهبهم لأنهم هم شرارة الفتنة و الفرقة و الحقد و الضغينة بين البشر فمن يشعل الفتنة بين المذاهب هم رجال الدين لمصلحة السياسيين و متعطشين السلطة متبعين حكمة فرق تسد, فها هم السياسيون ياججون الفتنة بين الأديان لصالحهم بمباركة رجال الدين, من يوقظ العنصرية بين الأعراق اليسوا رجال الدين. فلنرمي رجال الدين جانبا” و نبقى على الدين بمحبته و تسامحة و دعوته للسلام بين البشر و لنتعامل بفطرتنا الأنسانية بعيدا” عن اي سياسي او حاكم او سلطان او رجل دين فسوف نجد انفسنا نعيش بمحبة و سلام و تاخي و تسامح كما اراد الله لنا ان نعيش على هذه الأرض عندما اورثنا الله الأرض و ما عليها.
عودة الى ذكرى الهجرة ها هو العالم الأسلامي يحتفل بالعام الهجري و ما زال ابناء هذاه المنطقة من العالم التي هي مهد الحضارات و ارض كافة الديانات كل يوم يهاجرون عن اوطانهم و اهلهم. هل اصبح علينا لزاما” بعد مرور سبعين عاما” على هجرة اهلنا من فلسطين ان نصنع تقويم نسميه تقويم النكبة و نحتفل كل عام بتاريخ 15 ايار بذكرى النكبة و يصبح تقويمنا 1 يناير عام 71 من النكبة. و ها هو الشعب السوري و اليمني و الليبي و العراقي هجر طوعا” و قسرا” عن وطنه و ها هو الشعب الأردني اصبح اكثر من 25% مهاجرين طوعا” عن وطنهم بحثا” عن كرامة العيش و لقمة ياكلوها بعزة و كرامة لأبنائهم و عائلاتهم بعدما اشتدت الأزمة الأقتصادية و تفشى الفساد و السرقة و السوداوية و الخيانة للوطن و مقدراته و تدمير لموارده و الأستحواذ على خيراته لصالح فئة متنفذة و قريبا” سوف نصنع تقويم اردني نؤرخه والله ولدت بالعام 200 من عام الفساد و هجرة ابناء الوطن. ها هو بعض من الشعب الأردني عاد الى اصوله العثمانية( اليس في شهادة الجنسية الأردنية بند تحت مسمى الجنسية قبل الجنسية الأردنية و غالبية شهادة جنسية اجدادنا كانت جنسيتهم عثمانيين) الذين ثرنا عليهم نتيجة تراجع الأوضاع الأقتصادية و انتشار الفقر و الفساد و استحواذ السلاطين على خيرات البلاد و تفشي الجهل و انتصارا” للقومية التي وادت في مهدها من لحظة تحالفنا مع المستعمر و مع عدونا. فها نحن نجد ان جهنم العثمانيين الذين ثرنا عليهم افضل بكثير مما وصل اليه حالنا في كافة اقاليم و الوية سوريا الكبرى و الهلال الخصيب فهل احد يستطيع ان يجزم بان ما قمنا به من ثورة على العثمانيين اتى اكله لا و الف لا بل اعادنا مئات السنين الى الخلف و لن تقوم لنا قائمة حتى قيام الساعة. اقل ما يمكننا القول انه اصبحنا امما و اشتاتا” مترامين في كندا و امريكا و اوروبا وووو.لغاية ما سوف نصل الى يوم لن يجد حكامنا و سلاطيننا شعبا” يحكموه و ابقارا” يحلبوها و يستحوذوا على خيراتها و ارضا” يستولوا على مقدراتها و سوف يغادرونها ليصبحوا محكومين في دول ليس لهم و ارضا” ليست ارضهم بعد ان كفروا بما انعم الله عليهم و خانوا الأمانة التي اؤتمنوا عليها و اقرب مثال اين زين العابدين بن علي بعد ان كان حاكما” ديكتاتوريا” فاسدا” خائنا لمقدرات شعبه و وطنه ها هو لاجيء منبوذ تحت وصاية يهود بني فريضة. و البقية الباقية ممن اساؤوا للأمانة التي استئمنهم الله عليهم بها سيلحقون به اجلا” ام لاحقا” فما من طير و ارتفع الا كما طار وقع فمهما كبرتم و استكبرتم و تجبرتم انتم و عائلاتكم و زبانيتكم سيبقى الله اكبر من الجميع. ما اود ان الخص به الهجرة بدات من الاف السنين و استمرت عبر العصور و ما زالت حتى يومنا هذا . فكل منا يهاجر عن وطنه ليس حبا” بالهجرة و لكن قسرا” و هنا نستذكر حب رسول الله لوطنه و قوله عندما هاجر من مكة “والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلي ولولا أني أخرجت منك ما خرجت” فكم من اهلنا و اخواننا الذين تركوا هذه الأرض و هاجروا منها هربا” من الفساد و تداعي القيم و المباديء و الأخلاق و بطش الحكام و الديكتاتورية المبطنة بثوب الديمقراطية. يطلقوها عند هجرتهم لوطنهم. و لقد استوقفني امر و انا اكتب هذه الخاطرة خلال 100 عام او اكثر ربما لم نجد شخص اتى من الغرب الى اي من دول الخيانة و الفساد و الأستخفاف بمقدرات الشعوب و الأستحواذ عليها طالبا” الهجرة او يطالب بجنسية اي من هذه الدول اليس هذا مقياس يدل على مدى تخلفنا كأمم و ان ما راهنا و من راهنا عليه منذ 100 عام كان رهان خاطيء دفعنا ثمنه من خلال وعد بلفور و سايكس بيكو و احتلال جزء عزيز من الهلال الخصيب و سوريا الكبرى. لا اعلم لماذا نحاول ان نمجد الأخطاء و الزلات و لا نعترف باننا اسأنا الى شعوبنا و امتنا و ها هي هذه الأمة ما زالت تدفع الثمن و ما زال المطبلون و المزمرون والمنافقون و المرائون يمجدون ما ال اليه حالنا نتيجة محاربتنا و ثورتنا على الفساد و الظلم و الجهل العثماني لنقع في مستنقع فساد و ظلم و خيانة اعظم دفعنا ثمنه اكثر بكثير من الدمار و ازهاق للارواح و خسارة للأوطان و المباديء و الأخلاق من اجل الأستحواذ على السلطة و الحكم. لا اعلم اذا كان هذا ما دعى اليه الرسل و ما اوصى به خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه و سلم الذي ندعي لذريته و اله و صحبه في كل صلاه لا ادري هل يستحقون ان ندعي لهم و البعض منهم اساء للدين و للرسالة اكثر من المشركين انفسهم و تجاوزوه بفسادهم و تجبرهم و ظلمهم و كانوا سببا لخسارتنا لجزء عزيز من سوريا الكبرى الا و هو فلسطين الكرامة و العزة و الأباء و الكبرياء.
اكثر من رائع .. شكرا لك