أخبار المنتصف
أخبار عاجلة
مقالات

ضم إسرائيل للأغوار: بين تصفية القضية الفلسطينية وعودة الخيارالأردني بقلم د.أمجد شهاب

ضم إسرائيل للأغوار: بين تصفية القضية الفلسطينية وعودة الخيارالأردني
بقلم الدكتور أمجد شهاب

الكاتب المقدسي د امجد شهاب -المنتصف
الكاتب المقدسي د امجد شهاب -المنتصف

صحيفة المنتصف

عندما اجتاح شارون أراضي السلطة الفلسطينىية عام 2002، وحاصر الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، انهارت فعليًا فكرة حل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وبدأنا فعليًا التفكير بالبدائل المطروحة أمام الفلسطينيين، وذلك أثناء دراستي لأطروحة الدكتوراة في فرنسا والتي حملت عنوان: “فلسطين: مشروع دولة (مجهض)”، وكنت أعمل ايضًا محررًا سياسيًا في ثاني أكبر الجرائد الفرنسية.
شرحت خلالها عن البدائل المطروحة بعد انهيار فكرة حل الدولتين. وكان من ضمن البدائل المطروحه القبول بدولة (ثنائية القومية) والتي كانت مطروحة من قبل عدة شخصيات. وأثبتت من خلال التحليلات والأبحاث، استحالة تنفيذها وقبولها من القيادة السياسية والمجتمع اليهودي، وتأكد ذلك بمصادقة البرلمان (الكنيست) على قانون يهودية الدولة عام 2018. وطرحنا فكرة العودة للخيار الأردني كأحد البدائل الأفضل، لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من تهويد للضفة الغربية والقدس بشطرها الشرقي، بعد انهيار مشروع الدولة الفلسطينية ورفض إسرائيل فكرة إنشاء الدولة الفلسطينية على الأراضي التي احتلها عام 1967.

كيف يحاول نتنياهو تصفية القضية الفلسطينية؟

بعد 27 عامًا من توقيع الاتفاقية في واشنطن بحضور الرئيس الامريكي بيل كلينتون، وتحت رعاية الأمم المتحدة والدول الغربية تصاعد الاستيطان بوتيرة مجنونة بالضفة الغربية، ليصل عدد المستوطنين اليوم الى أكثر من 750 الف مستوطن يعيشون في مئات المستوطنات، وفقد المقدسيون أكثر من 95% من أراضي القدس بشطرها الشرقي، وأكثر من ثلث سكانها يعيشون الآن خلف الجدار العنصري الذي بدأ شارون ببنائه عام 2002. بالاضافة إلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية السيئة، ونسبة الفقر التي تعدّت الآن نسبة 80% من سكان المدينة المقدسة.
عمدت إسرائيل على تفريغ المشروع الوطني الفلسطيني ببناء دولة مستقلة على حدود الأراضي التي احتلتها عام 1967، وذلك بالقضاء على العناصر القانونية لها (الشعب والأرض والسلطة)؛ فقطعت أوصال الأراضي الفلسطينية بإنشاء المستوطنات والطرق ومئات الحواجز ….. وشتّتت الشعب الفلسطيني جغرافيًا مع اختلاف أوضاعه القانونية حسب المناطق التي يسكنها، وخاصة في فلسطين الانتدابية (فلسطيني ال48 وسكان القدس وقطاع غزة والضفة الغربية). وحرمت السلطة الفلسطينية من السيطرة على الأراضي الفلسطينية وسكانها بالضفة الغربية، مع إبقاء هذه الأراضي مقسمة إلى 3 مناطق (أ وب وج). وجعلت السلطة الفلسطينية بدون سلطة كما صرح أكثر من مرة كبير المفاوضين د.صائب عريقات؛ بحيث لا تسيطر السلطة على المعابر الحدودية، ولا على المناطق المقسمة، ولا المجال الجوي للضفة الغربية. بالإضافة إلى حرمان الفلسطينيين من الشروط السياسية لاقامة الدولة، رغم مرور عقود على توقيع اتفاقية إعلان المبادئ التالية: لا يملكون جيشًا، ولا عملة وطنية، ولا استقلالية قرارها السياسي.

كيف سيغلق نتنياهو ملفات قضايا الحل النهائي؟

حسب ما كان يعتقد المفاوض الفلسطيني فإن إعلان المبادئ وإقامة السلطة الوطنية هي مرحلة انتقالية تسبق بناء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، ومدة هذه المرحلة 5 سنوات كان المفروض أن تنتهي عام 1999. إنّ القضايا العالقة للتفاوض في المرحلة النهائية هي: (اللاجئين والقدس والمستوطنات والحدود والمياه). استطاع نتنياهو – من خلال ترأسه منصب رئيس الوزاء لمدة تزيد الآن عن 13 عامًا – أن يحوّل المجتمع الاسرائيلي بغالبيته نحو اليمين واليمين المتطرف، حتى أصبح هناك إجماع في إسرائيل على أنّ الدولة الفلسطينية هي نقيض لوجود إسرائيل. كما أنّ مصادقة البرلمان الإسرائيلي على قانون القومية (يهودية الدولة) عام 2018، يعني إغلاق ملف قضية اللاجئين وإخراجه من دائرة التفاوض. وإنّ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنّ القدس هي العاصمة الأبدية لدولة إسرائيل، ونقل سفارة الولايات المتحدة – الراعية الأساسية لعملية السلام بالشرق الأوسط – إليها، هو بمثابة إنهاء للملف الثاني لقضايا الحل النهائي لمدينة القدس، والتي من المفروض أن تكون العاصمة المستقبلية للدولة الفلسطينية.
وقبل أسبوع تم الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة نتنياهو بعد الاتفاق على ضم المستوطنات والأغوار بشهر أب المقبل 2020 مع مباركة الولايات المتحدة، وبذلك ينهي نتنياهو الملفات الثلاثة المتبقية، بما تسمى المفاوضات على الوضع النهائي مع الفلسطينيين، (ملف المستوطنات والحدود والمياه)، ويقضي نهائيًا على فكرة المشروع الوطني الفلسطيني وبناء الدولة.

لماذا استمرار وجود السلطة الفلسطينية مصلحة إسرائيلية بالدرجة الاولى؟

صرح أكثر من مرة صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير: أنّ وزير الأمن الإسرائيلي هو الرئيس الفعلي للسلطة الفلسطينية، وأنّ منسق “الإدارة المدنية” التابعة للاحتلال هو رئيس الوزراء الفلسطيني.
ويعني ذلك أنّ الاحتلال هو من يتحكم بكل مفاصل الحياة، فقد حوّلت الضفة الغربية إلى سوق استهلاكي للبضائع الإسرائيلية، التي تُدخل على الاقتصاد الإسرائيلي سنويًا مليارات الدولارات، بالإضافة إلى الأيدي العاملة الرخيصة في سوق الخدمات والبناء الإسرائيلي، ناهينا عن التنسيق الأمني الذي يساعد في ضمان أمن المستوطنات وأمن إسرائيل. كما تساهم السلطة في تحمّل أعباء الاحتلال من صحة وتعليم …..إلخ.

لماذا الخيار الأردني هو البديل المتبقي لوقف الضم؟

كما يعلم الجميع تأسّست منظمة التحرير الفلسطينية في مدينة القدس – والتي كانت جزء من المملكة الأردنية الهاشمية عام 1964 – وقد حضر الاجتماع الملك حسين بن طلال، كان الهدف هو إعطاء الفرصة للفلسطينيين لتحرير أرضهم، ولكن للأسف حاولت المنظمة – على مدار 55 عامًا الأخيرة – الاعتماد على الآخرين، بالانتقال من المنظومة الشيوعية (الاتحاد السوفياتي) تارة، والعالم العربي تارة أخرى. وبالنهاية فتحت خط مباشر مع السلطات الأمريكية والاحتلال الإسرائيلي، وذلك بعد اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1987، وأدّى ذلك إلى وقوعها في مصيدة إعلان المبادئ المعروفة (باتفاقيات أوسلو)، واعترفت المنظمة بحق إسرائيل بالوجود على 78% من أراضي فلسطين الانتدابية.
إنّ الهمّ الفلسطيني الآن ينحصر فقط لإنقاذ ما تبقّى من الضفة الغربية والقدس بشطرها الشرقي، وفكّ الحصار عن قطاع غزة التي انسحبت منه، ولا ترغب به إسرائيل سوى أن يبقى سوق استهلاكي لصادراتها.
تبدو محاولات السلطة بإنقاذ الضفة الغربية، أو ما تبقى منها، ضعيفة جدًّا؛ مما سيشجع نتنياهو على المضيّ قدمًا بالإجراءات التي من المتوقع التصويت عليها بشكل رسمي في شهر آب المقبل أي بعد أقل من شهرين.

والسؤال المطروح الآن كيف يمكن إنقاذ ما تبقّى من أراضي الضفة الغربية والقدس من التهويد من خلال الضم والاستيطان؟
ضمّت المملكة الأردنية الهاشمية الضفة الغربية بشكل رسمي عام 1950، ورغم اعتراف بريطانيا والباكستان والعراق، إلا أنّ الجامعة العربية آنذاك رفضت ذلك.
وكانت رؤية الملك حسين بن طلال بطرح فكرة إنشاء المملكة العربية المتحدة، من خلال خطابه الشهير في 15/3/1972، تهدف إلى إنقاذ القدس بشطرها الشرقي والضفة الغربية من التهويد والاستيطان والضم، وقد رفضت الفصائل الفلسطينية ومعظم الدول العربية آنذاك. فهل تتراجع الدول العربية والفلسطينيين عن موقفهم السابق ويطلبوا من المملكة الأردنية الهاشمية التدخل؟
shihabamjad@hotmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى


تمكين الإشعارات yes no