خمسة دونمات بدوية وقروية في العاصمة..
خمسة دونمات بدوية وقروية في العاصمة..
بقلم ابراهيم عبدالمجيد القيسي.
صحيفة المنتصف
لم أتمكن الأحد من حضور فعالية رعاها د. عمر الرزاز رئيس الوزراء، والسبب هو مرافقتي لابن عمي
د. حسين في المستشفى، وهذا تصريح كامل يبين سبب اعتذاري، مع العلم بأنني أنا الخسران بالطبع، حيث كنت أود حضور هذه الفعالية التنموية الرائدة، وأوجه سؤالا بل أشكر د. الرزاز على إصراره على رعايتها، وقبل هذا إصراره على «الاستدامة» في أي مشروع تنموي جديد يدعم الانتاج ويقدم فرص عمل جديدة لا سيما لشبابنا في الأطراف والبوادي والأرياف ..
وضع رئيس الوزراء حجر الأساسي لمشروع نوعي اقيم على 5 دونمات بالقرب من الدوار السابع في العاصمة عمان، وهو المعرض الدائم لمنتجات البادية والريف، وعلى هامشة تم توقيع مذكرة تفاهم مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للبدء بإجراءات تنفيذ المعرض المذكور المطلوب..
كتبت كثيرا عن مثل هذه المعارض، وذكرت بعض قصص النجاح فيها، والتقيت ببعض المواطنين من مختلف المناطق الأردنية خارج عمان، ويمكنني القول بأن كل واحد من هؤلاء المواطنين هو نموذج حقيقي لفكرة التنمية وإيجاد فرص عمل، والأهم من هذا هو نموذج وقصة نجاح، تؤكد مقدرة المواطن الأردني المزارع أو القريب من الزراعة على تحصيل دخل ثانوي موازي، قد يتجاوز 10 آلاف دينار سنويا للعائلة الواحدة، من خلال مشاركته في مثل هذه المعارض التي كانت تقام موسميا في عمان وغيرها لمدة أيام قليلة..
الحكومة؛ رفعت شعار دولة الانتاج وتعزيز فرص التنمية وإيجاد فرص عمل للناس، وركّزت على مفهوم الاستدامة في هذه التنمية، وفي هذا المشروع يتجلى إصرار الرزاز على أن تكون هذه المعارض دائمة وليست مؤقتة أو موسمية، وأن تكون في قلب العاصمة عمان وفي منطقة حيوية، وجاء هذا المشروع بمثابة إنجاز يسجل للحكومة وللزراعة وللصناعة والتجارة أيضا، فالمنتجات الزراعية والنشاط التصنيعي المرافق لها لا يتوقفان على امتداد العام في الأردن، وبسبب تمايز المناخ الاردني فإن هناك انتاجا مستمرا للمحاصيل الزراعية، وهناك أسر تعمل وتسترزق من هذا الانتاج، وبعض هذه الأسر قد لا تعمل في الزراعة بشكل مباشر، لكنها تقطن في هذه المناطق الزراعية، ويمكنها الاستفادة من هذه الميزة، بتصنيع بعض المنتجات الزراعية وتقديمها بجودة عالية، أثبتت قدرتها التنافسية حتى في الأسواق الخارجية، وهناك جمعيات كثيرة منتشرة في هذه المناطق، تستقبل منتجات زراعية مصنّعة من هذا النوع، وتسوقها في الخارج وتوفر دخلا ماليا لأعضائها، أي أن هناك أسر أردنية تحقق دخلا ماليا محترما من هذا العمل المنزلي الموازي، فالمرأة الريفية والبدوية أصبحت موظفة، وبإمكانها أن تقوم بالعملين في آن واحد، وتحقق مثل هذا الدخل الموازي.
حين يكتمل هذا المعرض، سيكون في مقدور أي مواطن في العاصمة «وأنا أول واحد»، أن يذهب الى مثل هذه السوق الريفية التي تحتوي منتجات عالية الجودة، وطبيعية، وبسعر مناسب، وهذا بحد ذاته مجال جديد في العاصمة، يؤمن فرص عمل قد تكون محدودة في البداية لكنها مستمرة وقابلة لمزيد من نمو وتوسعة، ومهما اتسعت أو نمت فهي اساسا مبنية على فكرة دعم الزراعة وتنمية المناطق الريفية ومناطق البادية ودعم المنتجات الصناعية الوطنية، وتمكين وتطوير العمالة الاردنية..
وكلها أطراف فاعلة لكنها كانت في الريف والبادية تعمل بجهد غير منظم ولا مؤسسي، فإذا بوزارة الزراعة تسعى لتطوير مفهوم الاقتصاد والتنمية المستدامة والانتاج من خلال مشاريع نوعية ومدعومة بالكامل أو جزئيا من منظمات دولية، وهي تحقق نتائج إيجابية، عرفناها من خلال معارض مؤقتة، وسوف تصبح دائمة، ومعلما بارزا في العاصمة عمان، ويمكن لنا عندئذ أن نرى البادية والقرية ونستنشق عبقهما ونتذوق خيرهما وبركتهما في عمان من خلال هذه المنتجات العالية الجودة.
قد يقلل المتشائمون السوداويون من مثل هذه الانجازات وآفاقها الواسعة، لكن هذا المعرض مثال على إمكانية فتح مثل هذه الآفاق للتنمية وإيجاد فرص عمل، بل ويمكن أن يتطور هذا المفهوم ويصبح أكاديميا، في تخصصات مهنية حديثة في بعض الكليات والجامعات، وهذا مجال لا يقل أهمية عن غيره، بل فيه ترجمة حقيقية للاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية.