هل انتماءنا لاوطاننا ام انتمائنا للعشيرة و القبيلة و الحاكم
بقلم : المهندس محمود “محمدخير” عبيد
هل انتماءنا لاوطاننا ام انتمائنا للعشيرة و القبيلة و الحاكم
صحيفة المنتصف
سؤال يراود الكثيرين منذ ظهور ما يسمى بالخريف العربي و دمار الكثير من البلدان بهذا البركان و انتصار بعض شعوب هذه الدول التي نعتز بها و باهلها الى الحكام اكثر من انتصارهم لأوطانهم حتى و لو كان ثمن هذا الأنتصار لحكامهم على حساب تشريد اهاليهم و قتل الملايين و تدمير الأوطان من اجل بقاء هذا الحاكم او ذاك على كرسيه. فها نحن ترانا نرفع صور الحاكم في كافة دوائر الدولة و مؤسساتها حتى وصلنا الى تأليه حكامنا و نصرتهم على حساب ارضنا و اوطاننا و مقدراتها عوضا” من ان نضع خارطة الوطن او علم الوطن فوق رؤوسنا او صورة ابنائنا لنعلم اننا نعمل من اجلهم و ان الوطن سيكون يوما” ما لهم, فالوطن باق و الحكام الزائفون زائلون الى غير رجعة بجبروتهم و طغيانهم و فسادهم و تدميرهم لشعوبهم و بيعهم لأوطاننا و مقدراتها فكل طاغي و لص و خائن و متجبر و منافق سوف يذهب الى مزبلة التاريخ كما ذهب من سبقوهم من خونة الأوطان فهم ذهبوا و الوطن بقي شامخا” و سوف يبقى قائما الى ان يرث الله الأرض و من عليها. فلو اراد الله ان يبقي احد من خلقة على الأرض لأبقى رسله يحكموا هذا العالم و لكن سخر لهذه الأرض حكاما” طغاة خونة لكي يستهزيء بهم و يمدهم في طغيانهم. فهناك ثمة حساباتٍ فردية، وأخرى جماعية، بعض العقوبات تأتي فرادى، ولكن غيرها يأتي ضمن المجموع، منها ما يطال الظالم في حياته، في نفسه وجسده وما ملك، ومنها ما يدركه في حياته أو بعد مماته، في ماله ونسله و ذريته و اهل بيتهو هناك الكثير من الأمثبه و لكن هل من متعظ، طال الزمن أم قصر، نسي الإنسان أو عجز، فلا شيء ينسى، ولا شيء يترك، وكل شيء محفوظ، صغيره قبل كبيره، وحقيره قبل عظيمه. فرب العالمين لا يهمل أحداً، ولا يحنث في وعده، ولا يتخلى عن المظلومين أياً كان دينهم او عقيدتهم او انتمائهم، فهذه سنته في خلقه، وقانونه بين البشر حتى و لو بعد حين، عاشها الأولون، والأنبياء والمرسلون، ومضت عليها سنة السابقين، إنَّ أمره إذا جاء لا يرده أحد، ولا يقوى على منعه بشر، ولا يتأخر عقابه ممن ظلم و خان امانة و سرق و نهب و اتى على حقوق البشر بغير حق فقد لأن السلطة في يده فكلما تفردت بالسلطة كان العقاب اكبر لأنك ستتحمل كل عواقب التفرد التي تاتي على حقوق البشر، وثأره ممن بغى وتجبر و طغى و ظلم، إنه يمهل ويزيد في الأمل، ولكنه سبحانه لا يهمل، ولا ينسى ولا يدع، يترك الإنسان في غيه سادراً لا يعي ولا يتدبر، يصبر عليه ويتركه، ويحلم في التعامل معه ولا يعاجله، ولكنه إذا جاء الوعد وحان الحين، فإن أخذه أليمٌ شديدٌ، فهل من متعظٍ أو مذَّكر.
كم نحن بحاجة بالعودة الى الأنتماء لأوطاننا التي هجرناها و خذلناها و نصرنا حكام فاسدين قضوا عليها و على ارثها و حضارتها و باعوا ارضها و مقدراتها و خيراتهاواستخدموا شعوبها لصالح اسيادهم و اولياء نعمتهم الذين ينتصرون بهم عوضا” من ان ينتصروا بشعوبهم فهم صبية يفتقدون للعزة و الكرامة لدى ما تسمى بالدول الكبرى و ما هم الا متسولين على حساب شعوبهم من اجل زيادة ارصدتهم في البنوك و التي سوف تكون شاهدا” على فسادهم و طغيانهم يوم الدين و عند لقاء ربهم. لنعود الى هذه الأرض المباركة و الوطن الطيب الذي هجره الكثير من ابناءه لا لشيء فقظ لأنهم لم يجدوا الأمن و الأمان و العدل و المساواة التي يطمحون اليها و يسعوا لأن يورثوها الى ابنائهم و احفادهم و الأجيال القادمة لم يجدوا الا اوطان ملئها الفساد و الطغيان و التجبر و الظلم والمحسوبية و القبلية و تأليه الأنسان من اجل ان يحظى بالرضى فهم لا يريدون ان يورثوا ابنائهم ارض و وطن يحكمه حكام فاسدين هم و زبانيتهم و المتملقين باذيالهم فهؤلاء جميعهم زائلون الى غير رجعة يريدون ان يورثواابنائهم و احفادهم ارض طيبة مباركة شامخة يعتزوا بها و بعطائها و اقليم يعتزوا بوحدة شعبه حتى لو فرقه حكام الكراسي و صبية السادة و تأمروا مع سايكس بيكو من اجل ان يحظوا بكرسي حكم يجلسوا عليه و سلطة ينافقوا و يظلموا و يتسلطوا به على شعوب هذه الأرض الذين خلقهم الله احرارا” و يسعون في الأرض فسادا”. فهل نستطيع ان نعود الى اوطاننا و ننتصر لها و لشعوبها و ان نترك لأبنائنا و احفادنا ارثا” كريما” معافى ام نتركهم يهجرون هذه الأرض الى غير رجعة و يتركوا هذه الأوطان لهؤلاء الحكام و ازلامهم و زبانيتهم و ورثتهم ليحكموا بعضهم بعضا”عوضا” عن ان يتملقوا و ينافقوا لحكام هذه الأرض الذين دمروها و عاثوا بها فسادا” فها هم حكامنا ينتصرون لكافة مشاكل الأرض و قضاياها و يناقشونها في المحافل الدولية و الأقليمية ليسوقوا انفسهم على انهم الحمل الوديع الذين ينامون قريرين العين بهدوء و طمأنينة, لأنهم حكموا شعوبهم فعدلوا و مكنوهم من ان يعيشوا برخاء و اطمئنان و سلام و امنوا لهم كافة وسائل الراحة من مستشفيات و مدارس و متنزهات و شبكة مواصلات و اهمها دخل يضمن لهم حياة كريمة يغنيهم عن السؤال و الأقتراض و لم يبقى لهم مهمة سوى الدفاع عن قضايا المظلومين في الأرض و رفع رايات محاربة الأرهاب التي اوجدوها هم و سادتهم و خلقوها ليدمروا اوطاننا و انهم هم من سوف يعملون على محاربتها باسلحة سادتهم الممولة بتعب و جهد شعوبهم و مقدرات اوطانهم ليغتني اسيادهم و يزدهر اقتصادهم على حساب الشعوب المقهورة. اليس الأجدى بكم محاربة ارهاب الفساد و الجوع و الفقر في اوطانكم قبل ان تسعوا لمحاربة الأرهاب الفكري و الديني و السياسي الذي اوجدتموهم بافعالكم و سوء حكمكم و تصرفاتكم , كفاكم نفاق بان الأنسانية متأصلة بكم و انكم انتم من تخافون على سلم و سلام هذا العالم و تنتصرون للمحبة و السلام و العدل و المحبة و انكم تعملون من اجل شعوب العالم قبل هذا كله حبوا شعوبكم و اخلصوا لهم و لمتطلباتهم فانتم في واقع الامر لا ترددون الا ما يريد ان يسمعه منكم اسيادكم و رؤسائكم و لا تفعلون الا ما يمليه عليكم رؤسائكم متناسين ان ورقة التوت التي كانت تخفي عوراتكم و نفاقكم و كذبكم و خداعكم قد سقطت, فها انتم لا تنتصرون لشعوبكم و اوطانكم و قضاياهم فهؤلاء الشعوب لا يهمكم امرهم و لا يهمكم ان تنتصروا لوجعهم و معاناتهم فشعوبكم بالنسبة لكم ما هم الا حثالة لا يستحقوا اي اهتمام منكم فماذا يجب على الشعوب ان تتوقع من حكام ما هم الا عبيد عند اسيادهم بوظيفة مندوب سامي ممن ولوهم على هذه الشعوب معتقدين انهم مخلدون, متناسين انها لو كانت خلدت لغيرهم لما وصلت لهم و لو انتصر اسيادهم لغيرهم لما جلسوا على كراسيهم اليوم فعندما تنتهي مهمتهم سوف يرمى بهم في مستنقعات الخيانة و الذل و في بحيرات القذارة لدى اسيادهم التي امتلأت بمن سبقوهم من الخائنين لشعوبهم و اوطانهم , فانتم تناسيتم او تغافلتم انكم لو انتصرتم لأوطانكم و شعوبكم لنصروكم حتى لو وقف في وجهكم جيوش العالم و اسياده جميعا” و لكن كيف للشعوب المقموعة, المنكسرة, المسلوبة حقوقها ان تنتصر لمن قمعها و كسرها و سلب خيراتها و خيرات ارضها لصالح اسيادها و حاشيتها و عائلتها, كيف لهم ان يقفوا بجانب من خذلهم عندما انتصروا به, كيف لهم ان يساندوا من باع ارضهم و خيراتها و كان عبدا” للذل و الهوان لأسياده. اعتقد ان علينا ان ننشيء جيل ينادي باسم الوطن و ليس باسم شخص ينتمي و ينتصر للأرض و ليس الى للحاكم علينا ان نضع خارطة هذا الأقليم موحدة فوق رؤسنا و ان نعلق صور ابنائنا في مكاتبنا لنتذكر اننا على هذه الأرض لنورثها لهم معززة مكرمة و علينا ان نجتهد و نعمل من اجل اعادة توحيدها و ان يكون علم الوطن و حمايته و ابقاءه خفاقا” عاليا” هو هدفنا. فالحكام عند اول مطب سوف يبيعون الوطن و شعبه و يلجؤوا الى حضن سادتهم و اولياء امورهم اذا ما استقبلوهم و يهجروكم ليتمتعوا بما جنوه من خيرات اوطانكم و ارضكم و ما نهبوه من مقدرات فكل الدماء التي انتصرت لكرسي الحاكم ذهبت هباءا” منثورا” و كل التدمير الذي حصل من اجل ان يبقى الحاكم على كرسية كان لمصلحة اسياد حكامكم و ليس لمصلحتكم كشعوب لتبقوا متسولين مشردين بعد ان كنتم اهل العزة و الكرامة. لقد حان الوقت ان نستيقظ و ان نعود لنبني اوطاننا لا لنبني كراسي حكامنا و نعمل ما يمليه عليهم اسيادهم. فخيرات هذه الأرض و مواردها البشرية و عقول ابنائها تغنينا عن الحاجة لأي احد فاسياد حكامكم هم من بحاجة اليكم و ليس انتم من بحاجة اليهم لو لم يكونوا بحاجة لكم لما كانت لهم اطماع في ارضكم و اوطاننكم و لكن حكامكم هم من طلبوا الوصاية ليقبعوا على كراسي الذل و الهوان.
فمن يسوق ان مشكلة ارضنا و اوطاننا دينية, عقائدية او عرقية فهو واهم فالدين ليس له علاقة هنا فمن هذه الأرض صدر الله للعالم اجمع المحبة و التسامح و المودة على مر التاريخ منذ ان اصطفاها لتكون مهبط لرسله و ارض لأديان السماء جميعها فاليهودية و المسيحية و الأسلام نشاووا من هذه الأرض و سيدنا ابراهيم كذلك نشا على هذه الأرض. فاعملوا من اجل ارضكم و انتصروا لعزتكم و كرامتكم و لأبنائكم و احفادكم و لا تنتصروا لشخص او عشيرة او قبيلة على حساب وطنكم و ارضكم فمصلحت ابنائكم و احفادكم اهم من اي اعتبارات شخصية او سياسية او عشائرية او قبلية. القوا بالشخصنة و بالعشائرية و القبلية و الجهوية جانبا” و اعملوا من اجل بناء وطنكم و ارضكم و اعملوا لتبقى هذه الأرض حرة مباركة و اعملوا من اجل اعادة زراعة ارضها الطيبة و استثمار مواردها البشرية و المائية و المعدنية المدفونة و لتكن نظرتنا الى توحيدها كما كانت قبل سايكس بيكو و وعد بلفور. اذا لم تنتصروا لأرضكم و وطنكم فلن ينتصر لكم احد و اذا لم تتكاملوا اقتصاديا” و بشريا” و سياسيا” ستبقون لقمة سائغة للجميع, فها نحن نرى ما يحدث من استهتار بشؤون اوطاننا و قضاياه و اوجاعه من قبل اولي الأمر فهم حكام لزبانيتهم و المتملقين من عبيدهم و منافقيهم و المتنفعين منهم فاجيال اوطاننا و تربيتهم و مستقبلهم اخر ما يفكروا به او يهمهم مقابل تسويق انفسهم كالباحث عن وظيفة و يريد ان يبيع نفسة لمدير الشركة من اجل توظيفه و هو ما يقوم به و يحاول ان يظهر بافضل ما عنده لصاحب العمل من اجل الأبقاء عليه عاى كرسية يقدم فروض الولاء و الطاعة.
ان لم نستيقظ من غفوتنا سيلعننا ابنائنا و احفادنا و نحن في قبورنا . اذا لم ننتصر لقضايانا و ارضنا و عزتنا و كرامتنا و اوطاننا لن ينتصر لنا عبيد السادة و سنستيقظ ذات يوم لنجد حتى البيوت التي نسكنها و الأراضي التي نفلحهها قد بيعت لصالح حكامنا و حاشيتهم و اسيادهم و سوف نجد انفسنا دون مأوى و دون وطن. نحن لا نريد عمر بن الخطاب و لا نريد عمر بن عبد العزيز و لكن نريد نزاهتهم و امانتهم و صدقهم و عدلهم و نصرتهم للمظلوم حتى لو كان الظالم عمر بن الخطاب نفسة و حرصهم على اموال الأمة و مقدراتها و التعامل بها بامانة قبل حرصهم على ما دخل الى جيوبهم و جيوب اهل بيتهم و ابنائهم و حاشيتهم و حرصهم على الفقير قبل الغني و على ابن العامل قبل ابن الامبراطور. هل لأوطاننا ان تحمينا و تزود عنا اذا ما استمرينا بغفوتنا و استمروا حكامنا بهدر مواردنا و خيرات ارضنا و اوطاننا. يمكن حان لنا ان نستيقظ من غفوتنا و كفانا كوابيس موجعة و مرعبة. حما الله اوطاننا و شعوبها من كل فاسد و مفسد و خائن و ظالم و سارق و متجبر.