انقذوا شركة كهرباء القدس قبل فوات الاوان
المحامي راجح ابو عصب
صحيفة المنتصف
تعد شركة كهرباء القدس المؤسسة العربية والوحيدة العاملة في القدس الشرقية بعد ان اغلقت اسرائيل كافة المؤسسات المقدسية العاملة في المدينة بذرائع شتى ولا شك ان الشركة تعد صرحا مقدسيا في سماء المدينة المقدسية وهي منذ ان بدأت العمل في المدينة منذ عام 1914 شهدت تحديات وازمات خطيرة خاصة بعد حرب الايام الستة في حزيران من عام 1967 حيث عملت اسرائيل على وقف اعمالها في القدس الشرقية واخراج امتيازها منها وقد اوقفت امتياز الشركة في اجزاء من مدينة القدس .
كما انها منعت الشركة من تطوير محطة التوليد التابعة لها في شعفاط والتي اقيمت في عام 1956 على قطعة ارض مساحتها 15639 مترا مربعا وافتتحت رسميا في 1959\8\17 وهذا الامر اضطر الشركة في ثمانينيات القرن العشرين الماضي الى شراء الكهرباء من الشركة الاسرتئيلية حيث اصبحت تعامل كمستورد للطاقة وليست كمنتج لها .
وقد ازدادت الضغوط الاسرائيلية مؤخرا على شركة كهرباء القدس الساعية لانهاء امتيازها الذي حصلت عليه منذ انشائها قبل 105 اعوام وذلك جراء تراكم ديون الشركة للشركة الاسرائيلية وتمثلت تلك الضغوط ببدء الشركة الاسرائيلية بنشر برنامج لقطع وتقنين التيار الكهربائي عن شركة كهرباء القدس الامر الذي ادى الى تشويش عمل الشركة في معظم اماكن امتيازها ما اضطرها الى اعلان برنامج لجمهور مشتركيها عن المناطق التي ستتأثر بقطع التيار الكهربائي وتشمل تلك المناطق القدس ورام الله والبيرة وبيت لحم .
وقد حذر المهندس هشام العمري رئيس مجلس الادارة والمدير العام لشركة كهرباء القدس في تصريح صحفي مؤخرا من ان المعانة الناجمة عن تنفيذ الشركة الاسرائيلية قرارها الخاص بقطع التيار الكهربائي منتصف شهر تشرين الثاني القادم ستكون مضاعفة وذلك جراء زيارة فترات القطع وخاصة ان القطع سيكون في فصل الشتاء .
وقد اشار العمري الى ان الشركة تسلمت مؤخرا انذارا جديدا من الشركة الاسرائيلية يتضمن قطع التيار الكهربائي من بداية 17 تشرين الثاني القادم ويستمر لثلاثة اسابيع وجاء في الانذار انه سيتم قطع التيار يوميا عن ثلاثة خطوط رئيسية بدلا من خطين كما هو جار الان وهذا يعني انه بعد ان كان يقطع التيار لمدة ساعتين لمرة واحدة في الشهر حاليا سيرتفع القطع وفق هذا الانذار الجديد عن نفس المنطقة ثلاث مرات في الشهر وقال العمري ان هذا القطع سيؤثر اولا على الملتزمين بدفع فاتورة استهلاكهم قبل المتخلفين عن الدفع .
واشار العمري ان شركة كهرباء القدس لا دخل لها من قريب ولا من بعيد في جدول قطع التيار الكهربائي بل هي تتسلم هذا الجدول من الشركة الاسرائيلية ذلك ان شركة كهرباء القدس تشتري التيار من الشركة الاسرائيلية عبر نقاط والجانب الاسرائيلي هو الذي يحدد النقاط التي سيتم قطع التيار عنها وقال ان هناك ثلاث وعشرين نقطة ربط نزود محافظات رام الله والبيرة وبيت لحم واريحا وغلاف القدس وهي الناطق التي ستتأثر بانقطاع التيار .
وحذر العمري من ان المعاناة ستتضاعف لان القطع سيكون مع بدء موسم الشتاء حيث تزداد حاجة المشتركين الى التيار الكهربائي حيث لن تكون هناك كهرباء واكد ان المستشفيات والعيادات والمدارس قد تتأثر بانقطاع التيار الكهربائي .
وعدد المهندس العمري الاسباب التي ادت الى الازمة المالية الخانقة التي تعيشها الشركة وتراكم ديونها للشركة الاسرائيلية وقال ان في مقدمة تلك الاسباب استمرار ظاهرة سرقة التيار الكهربائي ورغم كل محاولات الشركة لوقف هذه الظاهرة واضاف العمري قائلا : ان القول ان شركة كهرباء القدس هي شركة خاصة هو قول صحيح لكنها تدير مرفقا امنيا حيويا واستراتيجيا ويمس حياة كل مواطن في كل ناحية من نواحي حياته .
والواقع ان سرقة التيار الكهربائي تعد مسألة خيانة وطنية الى جانب انها محرمة شرعا كما انها مرفوضة اخلاقا وعرفا فكيف يببيح هذا السارق لنفسه ان يأكل مالا حراما .
وهذا المال الحرام اعتبره الاسلام سحتا ونهى عنه وتوعد اليه بعذاب شديد في الاخرة حيث قال سبحانه وتعالى : ” يا ايها الذين امنو لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل ” سورة النساء الاية 29 .
ان سارقي التيار الكهربائي انما يساهمون في هدم الشركة العربية الوحيدة الباقية في القدس والتي يعتاش من ورائها اكثر من الفين من الموظفين وهؤلاء السارقون يعلمون انها لو كانت شركة اسرائيلية لما جرأوا على السرقة لانهم يعلمون ان مصيرهم عندئذ السجن كما ان الامر الاكثر قباحة والاكثر سوءا قيام عدد من السارقين ببيع التيار المسروق لمن حولهم من الشقق السكنية او للمستأجرين الذين يستأجرون شققا في عماراتهم .
والامر الاكثر قبحا والاكثر عارا قيام اثرياء من اصحاب الملايين من اصحاب مصانع او فلل بسرقة التيار الكهبائي كما النت الشركة عن اكتشافها سرقة للتيار الكهربائي بمبلغ مليوني شيكل وذلك على يد عدد من المشتركين الذين يملكون منشأت صناعية وفلل سكنية بصفتهم الشخصية وبصفتهم شركاء في شركة تجارية وصناعية كبرى في محافظة رام الله والبيرة .
وفي ذات السياق فان بعض سارقي التيار الكهربائي لا يتورعون عن الاعتداء على موظي شركة الكهرباء عندما يأتون لوقف السرقات حتى ان بعض الموظفين سقطوا ضحايا تلك الاعتداء ات عندما قام السارقون باسقاطهم عن السلالم العالية خلال محاولاتهم فصل التيار عن اولئك السارقين ودعا المهندس ا لعمري الحكومة الفلسطينية الى تقديم الدعم والمساندة الامنية لموظفي الشركة خلال قيامهم بواجبهم لوقف الاعتداءات عليهم .
وقال ان السبب الاخر لمديونية الشركة تخلف كثير من المشتركين عن سداد فواتير ما يستهلكونه من التيار الكهربائي وهؤلاء ايضا يساهمون في هدم هذا الصرح المقدسي الكبير ونحن نسال اولئك المتخلفين عن السداد لو وضعت الشركة الاسرائيلية يدها على شركة كهرباء القدس ماذا سيفعلون ؟ لا شك انهم سيقفون في طوابير لدفع ضريبة الارنونا لبلدية القدس وهم يفعلون ذلك خوفا من الحجز على ممتلكاتهم وخوفا من السجن ايضا !!!!!
وفي المقابلة الصحفية الاخيرة قال المهندس هشام العمري ان من اسباب المديونية الكبيرة على الشركة قضية المخيمات حيث كانت الحكومات السابقة تدفع عن تلك المخيمات لكن حكومة رامي الحمدالله طلبت قبل استقالتها من شركة الكهرباء رسميا عدم المس بالمخيمات وهذا الامر ادى الى تراكم المديونية على المخيمات واشار الى ان قيمة فاتورة المخيمات هي 530 مليون شيكل ولا تستطيع الشركة تحمل هذا المبلغ وحدها ولذا فعلى الحكومة الفلسطينية ان تتحمل مسؤوليتها في هذا الامر حيث ان وضع هذه القضيه على الشركه وحدها سيجعلها اي الشركة في مهب الريح .
والواقع ان الكثير من المواطنين ولشديد الاسف استغلوا اعفاء المخيمات من دفع التيار الكهربائي بصورة سيئة اذ لجأوا الى فتح مصانع ومحادد ومناجر ومخابز وملاحم في تلك المخيمات هذا عن محلات السوبرماركت ومخازن البلاط وغيرها من مواد البناء ويستهلكون كميات كبيرة من التيار الكهربائي وتزداد تلك الكميات في فصل الصيف حيث ترى العديد من مكيفات اللواء في المحل الواحد .
وقال المهندس العمري ان وزارة المالية الفلسطينية لم تقم بتسديد مبلغ 330 مليون شيكل
الى الجانب السرائيلي وذلك بموجب الاتفاقيه بين السلطه الفلسطينيه واسرائيل حيث هناك التزامات
على شركة الكهرباء نحو السلطة الفلسطينية وقد قامت الشركه بتسديد كامل التزاماتها الى وزارة المالية الفلسطينية ولكن الرصيد المتبقي للجانب الاسرائيلي والذي يبلغ 30 مليون شيكل لم تقم الوزارة الفلسطينية بدفعه الى الجانب الاسرائيلي .
من كل ما سبق يتبين ان شركة كهرباء القدس تواجه خطرا جسيما يتهدد وجودها واذا لم تكن هناك حلول دائمة واستمر الوضع كما هو الان فان عمر الشركة البالغ 105 اعوام كما قال المهندس العمري سينتهي اي ان الشركة ستنهار ولن يبقى لها وجود على ارض الواقع .
ونقول ان الوقفات التضامنية التي قام بها بعض المقدسيين والوقفات الاحتجاجية موظفي الشركة لن تجدي نفعا ولن تنقذا الشركة من المصير الذي يتهددها اذا ظلت الامور كما هي ان الطريقة الامثل لحماية الشركة من الانهيار يقع اولا على عاتق الحكومة الفلسطينية ويتمثل اولا في تفعيل قانون العقوبات الفلسطيني بتشديد عقوبة سرقة التيار الكهربائي على سارقي التيار الكهربائي والذي وقعه الرئيس عباس عام 2012 والذي ينص على السجن الفعلي لمدة اربعة اشهر على السارقين وغرامة تصل الى 1500 دينار والذي لم يطبق حتى الان على السارقين رغم مرور اكبر من سبعة اعوام على اصداره .
والامر الثاني ان على السلطة الفلسطينية وبالتعاون مع شركة كهرباء القدس وضع قوائم بسارقي التيار او المتخلفين عن تسديد فواتير الشركة من حملة الهوية الزرقاء من المقدسين ووضع اسمائهم على المعابر وكذلك فان العديد من هؤلاء لهم ارصدة مالية في البنوك في الضفة الغربية ويمكن خصم ما عليهم من ديون للشركة من تلك الارصدة وكذلك فان على الحكومة الفلسطينية وضع حل جذري لمسألة الكهرباء في المخيمات خاصة اولئك الذين اقاموا فيها مصانع ومخازن ومتاجر ومحادد ومجمعات تجارية والزامهم بدفع ما يستهلكونه من تيار كهربائي كذلك وضع حراسة على موظفي الشركة خلال عملهم في مناطق السلطة الوطنية .
كما ان على رجال الدين في خطب الجمع تناول موضوع السرقات والتخلف عن تسديد فواتير الكهرباء حيثان العديد من السارقين والمتخلقفين يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الاقصى وغيره من مساجد الضفةالغربية وهنا المفارقة كيف يسرقون ويقفون يصلون بين يدي خالقهم وهم يعملون انهم سيقضون بين يديه للحساب .
ان الامر جد لا هزل ويجب انقاذ شركة كهرباء القدس قبل فوات الاوان فهل نحن فاعلون ؟؟
ان هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها الشركة وتهدد بانهيارها جراء تراكم ديونها للشركة الاسرائيلية تتطلب ان يتدخل الرئيس محمود عباس شخصيا في هذه القضية التي تمس الامن الوطني الفلسطيني حيث قطع التيار بصورة موسعة منذ منتصف الشهرالقادم سوف يمس بالمصارف والبنوك والمستشفيات والعيادات والمصانع والمؤسسات التجارية والفنادق وحتى المدارس والمعاهد والجامعات ونحن نتمنى على الرئيس عباس ان يدعو الى اجتماع يترأسه شخصيا ويشارك فيه رئيس الوزراء د. محمد اشتيه وهو رجل اقتصاد من الدرجة الاولى وكذلك وزير المالية ووزيرالطاقة والمهندس هشام العمري وان ينتج عن الاجتماع قرارات حاسمة من شأنها وضع حلول دائمة وليست مرحلية ولا جزئية لانقاذ الشركة .
وفي طليعة القرارات التي يجب ان يتخذها الاجتماع الزام بعض كبار الاثرياء من اصحاب المصانع بدفع ما عليهم من ديون للشركة والتي تجاوزت مائة مليون شيكل ومعظم هؤلاء في مناطق ج ويحملون الهوية الفلسطينية وكذلك وقف السرقات حيث ان هناك افرادا يسرقون الكهرباء من خطوط الضغط العالي ويبيعونها للمواطنين دون ان يدفع اي مبلغ للشركة واضافة الى ذلك فان الواجب الزام مؤسسات عامة وخاصة بتسديد ديونها التي تراكمت عليها للشركة واخيرا اصدار قوائم باسماء المتخلفين عن الدفع ونشرها على موقع وكالة وفا الرسمية ومن ثم تستطيع الصحف المحلية نشرها عن وفا دون ان تتحمل اية مسألة قانونية ولسماح لموظفي الشركة بحماية امنية من قوى الامن الفلسطينية بدخول المخيمات وقراءة العدادات والزام المشاركين خاصة اصحاب المصانع والمجمعات التجارية وغيرها فيها بدفع اثمان ما يستهلكونه من التيار .
ان شركة كهرباء القدس تستغيث يوميا في اعلانات في الصحف اليومية لتحصيل ديونها ووقف السرقات وان واجب الجميع مسؤولين ومواطنين اجابة تلك الاستغاثات والنداءات قبل فوات الاان فهل من مجيب نأمل ذلك قبل ضياع الشركة وعندها لاينفع البكاء ولا العويل ولا الادانة ولا الاستنكار ولا الاحتجاج .
وكما تعلمون القدس يوجد بها فراغ سياسي وامني واقتصادي واجتماعي وثقافي كالبيت الذي لا يوجد
به سقف وخليها على فوضى المولى . والله الموفق