صناعة الإعلام وأزمة كورونا…بقلم أسعد العزوني
صناعة الإعلام وأزمة كورونا
أسعد العزوني
صحيفة المنتصف
إنخرطت في سلك الإعلام لأربعين عاما خلت في الداخل والخارج،تدرجت فيها في كل مفاصله ،دون روافع ،بل على العكس كان هناك من يضع الدواليب والعصي وقضبان الفولاذ في طريقي،لكن الله كان يسلّم،إلى ان إشتكى عليّ مركز ضغط صهيوني في واشنطن عام 2012 وهو معهد بحوث ودراسات الشرق الأوسط الإعلامية”MEMRI”،وتمت مقايضتي بالمساعدات الأمريكية،ووجدت نفسي في الشارع هكذا ،رغم أنني عضو في نقابة الصحفيين الأردنيين وإتحاد الصحفيين العرب والإتحاد الدولي للصحفيين ،وأظن هذه ان هذه المؤسسات الثلاث لم تنجح سوى في الحفاظ على وجودها على الورق،لأنها على أرض الواقع لا حول لها ولا قوة،وهذا هو سر إستكلاب الجميع على الصحفيين .
أكتب اليوم ليس لشيء سوى لتبيان سر إنهيار الصحافة الورقية التي هيمنت عليها الدولة في الوطن العربي بعامة ،مع أن الصحافة الأجنبية ليست أفضل حالا من صحافتنا العربية ،سوى بوجود فارق بسيط أتقنوه جيدا،فرئيس التحرير هناك يتم تعيينه حسب وزن مخه ،وليس حجم رافعته وجهته ،بعكس الصحافة العربية التي يتم تعيين رئيس التحرير فيها ممن يتسمون بالطراوة والضحالة ،إلا من رحم ربي وتعب على نفسه بعض الشيء وظهر مختلفا عن الآخرين وهؤلاء قلة قليلة.
هذا بحد ذاته يقودنا إلى أسباب إنهيار الصحافة الورقية ليس في الوطن العربي فحسب بل في العالم أيضا ولكل أسبابه،اما نحن العرب فإننا أسهمنا في ذلك ولم نؤسس لإعلام وطن بل إعلام حكومة ،وتقيدنا بالخبر الرسمي دون أدنى متابعة ان تحليل خشية إتهامنا بالمروق،ولو إستعرضنا صحف الإقليم لوجدنا العجب العجاب،ولذلك ودّع الجميع الذين حرصوا على تثقيف جماهيرهم بنوعية عطسة وسعلة القائد الضرورة الملهم صاحب الصول والجول .
كما أننا رهنا انفسنا بالخبر الصادر عن ماكينة الإعلام الصهيو-امريكية ،ولم نجرؤ على اللعب خارج هذا الإطاركي لا نخرج من جنة ولي النعم الأمريكي ،وفرض العقوبات الأمريكية علينا ،ولذلك لم نختلف عن الأنظمة الشمولية التي مارست التجهيل والتضييق على شعوبها ما ادى إلى إنهيار العباد والبلاد.
مطلوب الخروج عن الخبر الدولي الموجه ،وها نحن نعيش مرحلة كورونا والخبر الأمريكي الذي يطلق على هذا الفايروس لقب فايروس الصين ،مع انه فايروس امريكي أنفلت من عقال المختبرات الأمريكية وقلب السحر على الساحر،وكان يجدر بنا تقسيم المهام على الكادر الصحفي المؤهل وليس المفروض بالبراشوت ،لمتابعة الحالة بعيدا عن أخبار الوكالات الغربية الموجهة ،لتزويد القاريء بحصيلة إخبارية تحليلية توجيهية ،ونكون بذلك قد أسهمنا مع الجهات المعنية في الحد من الكارثة .
لقد تم إضعاف الإعلام العربي من خلال إشباعه بكوادر بعيدة عن المهنة لأسباب عديدة لا مجال لذكرها ،وقد إعتبر هؤلاء انفسهم موظفين بدوام محدود ورواتب مجزية ،وبالتالي لا ضرورة للإبداع فهم محميون ومحظيون ،علما أنهم في حال حشروا في غرفة تنعدم فيها وسائل الإتصال ،يخطئون حتى في كتابة أسمائهم ،مع أنهم يشغلون مواقع قياديه في مؤسساتهم الإعلامية ،ولا يفرقون بين البندورة والباذنجان .
جريمة أخرى إرتكبت بحق الإعلام العربي وهي توجيه الإعلانات لجريدة الحكومة ومنعها عن الصحف الأخرى،إضافة إلى فسح المجال لأي ميكانيكي أو نجار او ما أشبه جمع ثروة لا أحد يعلم مصدرها بتأسيس مؤسسة إعلامية تحت بند الإستحمار الإعلامي الذي يعد جريمة نكراء بحد ذاته.