التقييم الإلكتروني.. بقلم المستشارة التربوية بشرى عربيات
التقييم الإلكتروني
بقلم المستشارة التربوية : بشرى عربيات
صحيفة المنتصف
تتراشق الأخبار من هنا وهناك حول إمكانية أن يكون تقييم الطلبة في نهاية العام الدراسي الحالي – بسبب أزمة كورونا – تقييماً إلكترونياً، وقد رأيت أن من واجبي كتربوية مناقشة هذه الفكرة ومدى ملائمتها للواقع التعليمي والإجتماعي.
بدايةً، لا توجد جاهزية للتعليم عن بعد عند معظم المدارس والطلبة، وعند غالبية المعلمين والمعلمات. وما رأيناه على أرض الواقع منذ بداية أزمة كورونا وتعطيل المدارس والجامعات، ما هو سوى ” تجميل للموقف ” من خلال إطلاق منصة ( درسك) ومؤخراً تم الإعلان قبل أسبوعين عن منصة لتدريب المعلمين.
كما أن التقييم الإلكتروني يتطلب مهارات حاسوبية معينة ولم يتم تدريب الطلبة في المدارس الحكومية والخاصة على الإمتحانات الإلكترونية، وبالتالي يترتب على ذلك عدم وجود عدالة مجتمعية. إضافةً إلى أن إمكانية الغش واردة بنسبة لا تقل عن 80 % ، ذلك لأننا في مجتمع تتغلب فيه العاطفة على العقل، وقد يلجأ بعض أولياء الأمور إلى أقاربهم ومعارفهم للجلوس قريباً من الطالب أثناء تأدية الإمتحان ومساعدته في حل الأسئلة، الأمر الذي يتسبب في عدم وجود عدالة بين الطلبة، ناهيك عن الفوضى الإجتماعية التي قد تنتج من استغلال البعض لأولياء الأمور وطلب مبالغ مالية مقابل مساعدة أبنائهم!
كذلك، الجميع يعلم أن الإمكانيات المادية لمعظم أبناء الشعب الأردني لا تسمح بتوفير أجهزة حاسوب لأبنائهم، بحيث يتمكن الطالب من التدرب على هذه الآلية، وإن توفرت الأجهزة ، كيف سيتدرب ومع من سوف يتدرب؟ إضافة إلى أن استخدام الهواتف الذكية تتسبب في أضرار على عملية الإبصار والعمود الفقري للطالب، ونقص في مستوى التركيز.
ولا نغفل عن أنه لا يتم تحديد وقت معين للأسئلة، وبالتالي يتمكن الطالب من الرجوع إلى الكتاب، وهذا لا يحقق العدالة بين الطلبة. والسؤال هو هل يمكن لجميع طلبة الصف الواحد الدخول في وقت واحد لتقديم الإمتحان؟ وهل توجد أجهزة servers كافية بحيث تتوفر الخدمة للطلبة في نفس الوقت؟ كل هذه التساؤلات وغيرها تتردد بين المعلمين وأولياء أمور الطلبة، ومنها لماذا لا تتوفر نماذج متعددة لأسئلة الإختبارات الإلكترونية؟ ناهيك عن إمكانية انقطاع خدمةالإنترنت فجأة أثناء تقديم الإمتحان.
كما تقوم بعض المدارس الخاصة هذه الأيام بإرسال الأسئلة للطلبة عبر تطبيق الواتس، تُرى كيف يمكن تقييم هذا النوع من التقييم الإلكتروني؟
لقد انتشرت في الآونة الأخيرة إشاعات تشير إلى حذف وحدة دراسية من المنهاج للمرحلة الثانوية، وهذا بالضرورة لا يصب في مصلحة الطلبة، ذلك لأنه – ومنذ أكثر من 18 عاماً لا يلتزم كثير من المعلمين بتدريس الكتاب المدرسي حسب التسلسل المرفق من الوزارة. أضف إلى ذلك أن معظم المعلمين والمعلمات منذ عشرين عاماً لا يقومون بتدريس مواد الحادي عشر العلمية بحجة الثانوية العامة والبدء بتدريس التوجيهي وهم في الصف الحادي عشر، ولا توجد رقابة لوزارة التربية والتعليم على ذلك.
وأخيراً، إذا تُركَ الخيار للمدارس لتقييم الطلبة على أساس الأداء في الفصل الدراسي الأول، أو على أي أساس آخر، فإننا نكون قد وضعنا آخر مسمار في نعش التعليم في الأردن.
وللحديث بقية، فهناك الكثير والمثير.