“سيناريوهات وعثَرات”… بقلم بشرى سليمان عربيات
سيناريوهات وعثَرات
بقلم المستشارة التربوية: بشرى سليمان عربيات
صحيفة المنتصف
طالعتنا الأخبار قبل يومين حول سيناريوهات وزارة التربية والتعليم للعام الدراسي القادم،والذي من المتوقع أن يبدأ بعد حوالي شهر من الآن، وأشار المسؤولون أن الهدف من ذلك، استدراك الطلبة لما فاتهم من مواد ومفاهيم نتيجة تعطيل الدراسة داخل المدارس بسبب جائحة كورونا. ربما يكون هذا القرار تحديداً يصبُّ في مصلحة أبنائنا الطلبة، ذلك لأنه – وحسب تصريحات سابقة لوزير التربية والتعليم – أن حوالي سبعمائة وخمسين ألف طالب لم يتواجدوا على منصة درسك، وهذا مؤشر خطير يشير إلى أن هذا العدد من الطلبة لم يكملوا الفصل الدراسي الثاني لهذا العام، ولكنهم نجحوا بسبب ما سُمِّيَ بالتقييم الإلكتروني، والذي نعلمُ جميعاً ما شابهُ من خلل أثناء عملية التقييم.
والسؤال الأبرز هنا هو هل تكفي المدة المقترحة لتعويض الطلبة ما فاتهم؟ بل كيف سيعود الطلبة إلى مدارسهم بعد انقطاع عن عملية التعليم زاد عن الأربعة أشهر؟ لا بد من وجود خطة جاذبة تعمل على تحفيز الطلبة للعودة إلى مدارسهم، سواءً كانت عودة مبكرة، أو في وقتها المعتاد، ولا شك أن هذه الخطة بعيدة كل البعد عن ما صرَّحت به الوزارة، إذ كيف يمكنك إقناع طالب في أن يعود للمقعد الدراسي بعد نجاحه المفترض؟ تلك هي العثرة الأولى.
أضف إلى ذلك مقترح تقسيم دوام الطلبة إلى ثلاثة أيام أو يومين في الأسبوع، بشكلٍ متناوب ، تماماً كما حدث عندما تم تطبيق قرار الأرقام الفردية والزوجية للسيارات، ولكن الفرق الواضح أن هؤلاء طلاب وطالبات، فهل تساهم وزارة التربية والتعليم في دفع أبنائنا الطلبة للشارع؟ أعتقد أن هذه هي النتيجة المتوقعة بسبب إنشغال معظم أولياء الأمور في دوامهم، واعتبار وزارة التربية أن مسؤوليتها تنتهي بمجرد مغادرة الطلبة مبنى المدرسة. وهذه هي العثرة الثانية، والتي تعتبر أكثر خطورة لأنها ترتبط بشكلٍ مباشر بالإنسان، هذه ليست عثرة، بل إنها جريمة تدفع بالجيل إلى الشارع، وما أدراك ما الشارع!
أما بالنسبة لاختزال الحصة الدراسية لتصبح خمس وثلاثون دقيقة، بحجة عدم الإكتظاظ، والتي أعتبرها العثرة الثالثة، فلماذا لا يتم فتح المساجد لتدريس المرحلة الأساسية الدنيا – من الأول حتى الثامن الأساسي – ، ذلك لأن دوامهم لا يتجاوز الساعة الواحدة ظهراً، وحتى لو تجاوز الوقت فلا ضير في ذلك، لأن معظم مساجدنا لا تمتلئ بالمصلين سوى في يوم الجمعة وفي شهر رمضان المبارك.
المساجد مباني منتشرة في جميع أرجاء المملكة، وهي مباني جاهزة ولا تحتاج سوى قليل من الإضافات وعدد من الكراسي وألواح white boards متنقلة، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الوقف التعليمي ليس فقط أموال، بل يتجاوز ذلك.
هذا وقد قامت الوزارة باستثناء المدارس الخاصة التي تقوم بتدريس البرامج الأجنبية، وسمحت لهم ببدء العام الدراسي متى يشاؤون، دون قيد أو شرط، وتلك هي العثرة الرابعة، ذلك لأن بعض هذه المدارس لديها البرنامج الوطني إضافةً للبرامج الدولية، فماذا ستفعل؟ وكيف يمكن تحقيق العدالة بين مدارس القطاع الخاص؟ ولماذا تسمح الوزارة لمدرسة بتحديد وقت بدء الدوام، وتقوم بمخالفة المدرسة الأخرى؟ والأهم من ذلك لماذا لا تكون هناك تشاركية حقيقية مع عدد من المدارس الخاصة بحيث تتكفل الوزارة بمبلغ رمزي يُدفع لهذه المدارس على أن تستوعب عدداً من طلبة المدارس الحكومية في نفس المنطقة؟ أرى أنه يجب تغليب مصلحة الطالب، وبجب أن تكون هناك شراكة حقيقية بين القطاع العام والخاص.
ناهيك عن سيناريو المزج بين التعليم عن بعد، والتعليم في المدرسة. ذلك لأنه ليس كل من يملك هاتف محمول قادر على استخدام هذه التقنية، سواءً من الطلبة أو المعلمين. المنطق يقول أنه كي نستفيد من التجربة الماضية، علينا أن لا نتعثر مرة أخرى.
وأخيراً وليس آخراً، هل نعتبر المسابح والنوادي والمقاهي أكثرُ أماناً على صحة الطلبة؟ فلماذا لم يتم تحديد العدد في تلك الأماكن والعمل على تحديده في المدرسة؟ أرى أن هذه عثرة تضاف إلى ما سبق، ويجب الإلتفات إليها أيضاً.
هذه هي بعض العثرات والثغرات في السناريوهات المطروحة، ذلك لأن مصلحة وصحة الطلبة هي الأهم من كل المقترحات، ولن تتحقق مصلحة الطلبة فيما تمَّ طرحه قبل يومين من سيناريوهات.
نعم هي شِدَّة وسوف تزول بإذن الله، ولكن علينا أن نقدم للتعليم كل ما هو مأمول، وكل ما هو معقول.