“تعليقٌ، بلا تعليق “بقلم المستشارة التربوية بشرى سليمان عربيات
تعليقٌ، بلا تعليق
بقلم المستشارة التربوية : بشرى سليمان عربيات
صحيفة المنتصف
منذ بداية جائحة كورونا والقرارت المتخذة بحق الطلبة والتعليم مجحفةً إلى حدٍ كبير، ويعود ذلك إلى عدم جاهزية وزارة التربية والتعليم إلى التعليم عن بُعد، سواءً على المستوى التقني أو على مستوى تدريب كلاً من المعلمين والمعلمات والطلبة على استخدام تكنولوجيا التعليم، إضافةً إلى أن منهاج الحاسوب عقيماً ويحتاج إلى تعديلٍ وتطوير يتناسب مع معطيات العصر الحالي.
جاءت جائحةُ كورونا لتقرعَ جرسَِ الإنذار في وزارة التربية والتعليم، وبدأت القرارات المتعثرة في غالب الأحيان، ذلك لأنها قرارات ناتجة من البحث عن أصعب الحلول! فمن يبحث عن أصعب الحلول، لن يجد حلاً. لم يفكر المسؤول في الوزارة الإستعانة بالجامعات حتى اللحظة، ولم يفكروا بالشراكة مع مدارس القطاع الخاص بل كانوا هدفاً للشركات الخاصة التي تعمل على بيع التعليم الإلزامي بدراهم معدودة واستثمرت هذه الشركات ضعف وزارة التربية والتعليم للترويج لمنتجاتها التي تهدف إلى جيل لا يفكر ولا يفهم، بل يحفظ المادة العلمية فقط، وهذا لا يصب في الهدف الأسمى من التعليم، ألا وهو خلق جيلٍ قادر على مواجهة التحديات، جيلٍ متدرب على التفكير الناقد بحيث لا يكون لقمةً مستساغةً لأهدافٍ غير تربوية.
وتستمرُ الحكاية ببداية العام الدراسي بقراراتٍ هزيلة، تتأرجح بين تناوب وتعليق دوام الطلبة، نعم إنها قرارات هزيلة تفتحُ المدرسةُ فيها أبوابها لفئةٍ دون أخرى، فئة المرحلة الأساسية الدنيا _ الأول والثاني والثالث – إضافةً إلى الصف الثاني عشر!قرارات تحرم بقية المراحل من تلقي العلم داخل الغرفة الصفية،وتوهم المجتمع بخدمة التعليم عن بعد لهؤلاء. تُرى هل غفلت – أم تغافلت – وزارة التربية والتعليم عن أن التعليم إلزامياً من الصف الرابع حتى العاشر الأساسي ! وكيف يمكن لأولياء الأمور إقناع طفلاً في الصف الأول الأساسي الذهاب للمدرسة وأخيه أو أخته في الصف الرابع أو الخامس في البيت! وهل هؤلاء الأطفال لا يمكنهم حمل الفيروسات ونقلها إلى آبائهم أو إخوانهم أو معلماتهم؟ هل يُعقل مثل هذا القرار؟ هل هذه هي الخطة الجاذبة للطلبة والتي كنا نتوقعها من وزارة التربية والتعليم بعد غياب الطلبة أشهراً عن مقاعد الدراسة؟
نعم، إنه قرار تعليقٍ بدون تعليق، تعليقٌ لا يليق بالعملية التعليمية التربوية، تعليقٌ مجحف بحق أطفال الروضة، الذين التحقوا في المدارس الحكومية لأول مرة منذ تأسيس الوزارة، تعليقٌ مجحفٌ بحق طلبة الحادي عشر والذين سوف ينصبُّ عليهم إهتمام الوزارة العام القادم، تعليقٌ مجحفٌ بحق طلبة المراحل الدراسية من الرابع حتى العاشر، لأن عملية التعلم يرافقها إرشاد وتدريب سلوكي ومهارات وسلوكيات كثيرة يفتقر إليها التعليم عن بعد. وأخيراً هذا تعليقٌ بحق المجتمع كافة وبحق أولياء الأمور العاملين في القطاع الحكومي والخاص، إذ كيف يمكنهم الإطمئنان على أبناءهم ليكونوا فريسةً لوسائل التواصل الإجتماعي ووسائل التكنولوجيا الحديثة، إن تعطيل الدراسة في المدارس لا ينفعُ معه حجرٌ ولا لقاح! وإن بقاء الطلبة بعيداً عن المدرسة سيدفعُ بهم إلى الشوارع، وبالتالي يتعرضون لمخاطر الشوارع إضافةً إلى مخاطر الفيروسات.
كنتُ أتمنى أن يكونَ هذا التعليق بدون تعليق، ولكن كان لا بد لي من القيام بالتعليق.