“في يوم المعلم” بقلم المستشارة التربوية: بشرى سليمان عربيات
في يوم المعلم
بقلم المستشارة التربوية: بشرى سليمان عربيات
صحيفة المنتصف
يصادف الخامس من شهر تشرين الأول في كل عام ” يوم المعلم “، ونستذكرُ في هذا اليوم معلمينا، وننحني احتراماً وتقديراً لكلِّ من كان حريصاً علينا في مرحلة التعليم المدرسي أو الجامعي، ليس فقط في يوم المعلم، بل نذكرهم بالخير في كل وقت.
برأيي أنه لا توجد ضرورة لوجود يوم خاص بالمعلم، وآخر خاص بالأم، ويوم خاص بالمرأة ويوم عالمي للإحتفال باللغة العربية– على سبيل المثال لا الحصر- ذلك لأن هذه الأيام تقلل من معنى التعليم والأمومة واللغة، لأن تقدير كل ما ذكرت يجب أن لا يرتبط بيوم واحد من أيام السنة.
لكن بالنسبة لهذا العام، فإن يوم المعلم مختلف عن الأعوام السابقة، لأن المعلم أصبح بعيداً عن طلبته، فقد اختيرَ لهم التعليم والتعلُّم عن بعد، هذا البعد كانت له نتائج وتبعات ، إذ لم يستطع المعلم أن يرى بريق المحبة والتقدير في عيون طلبته هذا العام، ولم يستطع الطلبة تقديم وردةً للمعلم تعبيراً عن الشكر والتقدير لعطاء المعلم، لقد تمَّ تغييب صاحب الرسالة عن مشهد العملية التعليمية، ليحلَّ مكانه جهاز حاسوبٍ ربما يكون ناطقاً من خلال ميكروفونات، لكنه لا يملك القدرة على التعبير.
قديماً، نظم أميرُ الشعراء الشاعر أحمد شوقي قصيدة، نحفظُ منها هذا البيت:
قم للمعلم وفِّه التبجيلا كاد المعلمُ أن يكون رسولا
ولو كان ” شوقي ” بيننا اليوم، لقام بنظم قصيدة ترثي دور المعلم مع الأسف الشديد، ذلك لأن معظم المعلمين فقدوا مكانتهم الإجتماعية، وفقدوا مكانتهم العلمية بسبب ممارسات انتهكت حرمة مهنة التعليم، سواءً على الصعيد المهني وعلى الصعيد المجتمعي، وسواءً كانت نتيجة القرارات المجحفة بحق المعلم والتعليم، إذ أن التعليم عن بعد كان سبباً رئيسياً في الإستغناء عن خدمات عددٍ كبيرٍ من المعلمين والمعلمات في القطاع الخاص، الأمر الذي أدى إلى تراجعٍ واضحٍ في المكانة الإجتماعية للمعلم، حين يتم الإستغناء عنه مقابل تقديم خدمة التعليم عن طريق فيديوهات مسجلة، وغالبية القائمين على هذه العملية لا يؤمنون برسالة التعليم، لكنهم اتخذوا من العلم والتعليم تجارةً ليس أكثر.
وحتى لا يستمر الحال على ما هو عليه، علينا جميعاً القيام بدورٍ رئيسي ومهم للنهوض بالعملية التعليمية، بدءاً من البيئة التعليمية داخل المدارس، مروراً بالمناهج التي تراجعت منذ سنوات، مع التركيز بصورة رئيسية على حاملي الرسالة التعليمية، وتأهيلهم بشكلٍ يليق بمستوى الطموح، ورفع مكانتهم في المجتمع من خلال رفع مستوى الأداء وتقييم الأداء بشكلٍ يليق بالتعليم، وتحفيز المعلمين المميزين في أدائهم من خلال حوافز مادية ومعنوية، بحيث يتم رفع نسبة الدافعية لدى كثير من المعلمين في الميدان التربوي، عندئذ يمكننا الإحتفال بيوم المعلم.