“تخفيضاتٌ دراسية، أم تنزيلاتٌ موسمية “بقلم بشرى عربيات
تخفيضاتٌ دراسية، أم تنزيلاتٌ موسمية
بقلم المستشارة التربوية : بشرى سليمان عربيات
صحيفة المنتصف
على أبواب نهاية الفصل الدراسي الأول، يستعدُّ أبناؤنا الطلبة لامتحان نهاية الفصل، والذي من المفروض أن يكون تقييماً إلكترونياً، والذي من المحتمل أن لا يتقدم له الطالب، بل إن هناك العديد من مقدِّمي الخدمة والذين صاروا معروفين في المجتمع، إضافةً إلى أنهم معروفين لدى وزارة التربية والتعليم، والتي بدأت تناشدُ أولياءَ الأمور عبر الفضائيات أن لا يتقدموا للإمتحانات النهائية بدلاً عن أبنائهم.
لكن ليست هذه هي المشكلة الرئيسية التي تواجه التعليم في هذه الفترة من معاناة التعليم، ومعاناة الطلبة على حدٍّ سواء! بل إن هناك تنزيلات موسمية على المادة العلمية المقررة للإمتحان النهائي، خصوصاً في عددٍ كبيرٍ من المدارس الخاصة، التي أرسلت للطلبة جدول الإمتحان النهائي، والمادة المطلوبة منهم في كل مبحث، لتجدَ وأنتَ تقرأُ كيف تم اختزال المادة المطلوبة إلى وحدة أو اثنتين من أصل أربع وحدات دراسية، وهذا فيما يتعلق بالمواد العلمية والرياضيات، ويزدادُ الأمرُ سوءاً للمادة المقررة للإمتحان في اللغة العربية والتربية الإسلامية،بحيث لا تزيد عن درسٍ واحد أو إثنين، وبالطبع الملعب مفتوحٌ أمامهم،إذ لا توجد رقابة من وزارة التربية والتعليم، أو ربما هي رقابةٌ عن بُعد !!
نعم، أعتقد أنها رقابةٌ عن بعد، فكيف يمكن لوزارة التربية والتعليم أن تراقبَ أداءَ كلِّ مدرسةٍ في هذه المرحلة التي نعيشها، من تعليقٍ لدوام المدارس، إضافةً إلى التعليم عن بعد، بحيث أصبحت كل مدرسة تمتلك قراراتها التي تعملُ من خلالها على الإحتفاظ بأكبر عدد ممكن من الطلبة للأعوام القادمة، فقامت تلك المدارس باختزال المادة المطلوبة لامتحان نهاية الفصل الحالي ، كي تعملَ على إرضاءِ الطلبة وأولياء أمورهم بعلاماتٍ ونتائجَ تقييمةٍ زائفة، لا تصبُّ في مصلحة الطلبة،بل ربما تكونُ سبباً لتراجع مستوى أداء الطلبة في الأعوام القادمة نتيجةً للفاقد التعليميّ الذي سوف ينتج عن هذه الممارسات ، وذلك لأن المفاهيم الأساسية تتدرج في المناهج الدراسية بحسب المرحلة.
بالطبع لا يمكن لأي مسؤول مناقشتهم في هذه الممارسات، فقد كانت وزارة التربية والتعليم سبَّاقةٌ في هذا المجال، من خلال نتائج الثانوية العامة لعامين متتاليين، وخصوصاً العام الماضي حين كانت نوعية الأسئلة إختيار من متعدد، وكانت المفاجأة في معدلات المائة التي أحرزها عددٌ كبير من الطلبة !
ويبقى السؤال ، ما الذي يحدث للتعليم؟ أم أنها تجارةٌ في عقول ومصلحة هذا الجيل؟ ربما يقولُ البعض أني متشددة نوعاً ما، فالطلبة ليسو على مقاعد الدراسة، ولديهم نسبة كبيرة من الفاقد التعليميّ، وأنا أقولُ، نعم هذا صحيح، ولكن أن يصلَ الحالُ بنا إلى عروضٍ موسمية للمادة العلمية، بحيث تكون نتائجها سلبية على الأجيال القادمة، فهذه مصيبةٌ كبرى أصابت التعليم، إضافةً إلى أن التعليم قد أصابه وباء يلزمه العناية الحثيثة، وربما يلزمه غرفٌ للإنعاش في قادم الأيام، إذا استمرَّ الحالُ على ما نحنُ عليه.
تخفيضاتٌ دراسية، تماماً هي مثل التنزيلات الموسمية المتعلقة ببضاعةٍ كسدَت، ويرغبُ التاجرُ في التخلص منها وبيعها بأقل من سعر التكلفة أحياناً كي لا يقولُ أنه خسر! وهكذا يقومُ بعضُ تجار العلم بعرض موسمي للمادة المقررة للإمتحان النهائي، من غير ذمَّةٍ ولا ضمير، ولا يأبه لمصلحة الطلبة،بل يفكر في نهاية المطاف في سجلّ الأرباح،ويعتبر الطلبة مجرد أرقام في هذا السجلّ.
وهكذا انتهى الفصلُ الدراسيّ الأول بتنزيلاتٍ موسمية، لم يتعرضَ لها التعليمُ من قبل، ونخشى أن يزدادَ عددُ العروضِ الموسمية التي تهدمُ التعليم.