خواطر من رحلتي الاذاعية ٨
عمالقة عرفتهم “سحوم المومني ” … بقلم عصام العمري
صحيفة المنتصف
كان سحوم المومني شخصية بسيطة ويشعرك باحترام بالغ ويتعامل مع الصغير والكبير بذات المستوى ويحمل قلباً كبيراً وموهبةً فريدةً لن تتكرر على المدى الحالي او القريب وكذلك يمتلك اللغة العربية بقدرة فريدة وعجيبة ويبهرك خلف المايكروفون مذيعاً مميزاً وصوتاً جميلاً عميقاً متفرداً .
لم يكن المرحوم سحوم المومني والذي غادر الحياة مبكراً وهو في ريعان الشباب يطمح كثيراً في المناصب ولا كان يهتم بالموقع الوظيفي بل على العكس كان يتعفف ويحاول جاهداً حمل المسئولية لأنها أمانة ثقيلة ويبدو أنه كان يعرف أن نهايته المحتومة قريبة فكان متواضعاً جداً ومحباً للكل وقلما تجد له عدوا او حاسداً بل الجميع يحبه ويكن له الاحترام .
عرفته كمذيع محترف ثم مساعد كبير المذيعين جبر حجات ومساعداً ايضا لكبير المذيعين جودت مرقة ثم كبيراً للمذيعين او رئيساً لقسم المذيعين آنذاك .
كانت مبادئ سحوم المومني وقيمه الانسانية مستمدة من بيئته البسيطة وكنت تشعر بابن القرية الطيب المؤمن والذي لا يحسد إحداً ولا ينظر الى ما لدى الآخرين بل على العكس عطاؤه غير محدود وفي قلبه حب غريب ومكان متسع للجميع .
عدد من البرامج نفذها سحوم المومني ولكن ابرزها واطولها عمراً كان برنامج ” الشرطة في خدمة الشعب ” ونجح كثيراً هذا البرنامج الذي كان حلقة الوصل بين المواطن والشرطة وكان يلقي الضؤ على جهد وعمل الشرطة وينقل رسالة الشرطة في خدمة المواطن في ظروف متغيرة ومتعددة كانت تمر بها البلاد آنذاك .
كان سحوم المومني ضاحك الوجه دائما وتعلوه وجهه حمرة تضفي عليه رونقاً خاصاً لشخص لا تملك الا ان تكون صديقاً له وتحترمه وكان مميزاً في علاقاته الضيقة وكان مشواره الصباحي اليومي من مدينة الزرقاء التي احبها كثيراً الى ام الحيران حيث الاذاعة هذا مشوار العمل اليومي الذي كان يتيح لي فرصة لقاءه والتحدث اليه في الطريق الى الاذاعة وتعرفت عليه عن قرب فأحببته واحترمته وأكبرت فيه تدينه وبساطته ومحبته للجميع .
سحوم المومني غادر مبكراً جداً وبشكل مفاجأ ودون مقدمات وكان خبر وفاته كالصاعقة على الجميع ولم املك ان امنع دموعي وانا انعيه في إخبار الساعة العاشرة صباحاً حيث كنت المذيع المناوب وقُدر لي ان أقرأ نعيه فاختنقت العبرات واختفى الصوت ألماً على رفيق الدرب الانسان والصديق الوفيّ ، رحمه الله تعالى وتغمده بواسع رضوانه.