المقدسيون : بين نظرية العبيد وقانون الشعوب…بقلم د امجد شهاب
: بين نظرية العبيد وقانون الشعوب. ً. المقدسيون
بقلم د.أمجد رفيق شهاب
صحيفة المنتصف
يطلق أسم المقدسييون على كل من يعيش من فلسطينيين في محافظة القدس ويقدر عددهم وفقا لجهاز الاحصاء المركزي لعام ٢٠١٩ 457 الف مواطن .لعب المقدسييون دورا أساسا بالثورة الفلسطينية ضد الاحتلال البريطاني والصهيوني.
احتلال القدس بشطرها الغربي عام 1948 والشرقي 1967 ادى الى المساس بحقوق المقدسيين وفراغ قانوني
مما ادى لتعرضهم لترسانة من القوانين لمصلحة المحتل ولتهجير أكبر عدد منهم ليحولهم تابعين للمشروع الاستعماري. بقوانينه . عبيدا
يذكر بأن القانوني الروماني غايوس كتب قبل ألفي عام تقريبا في كتابه (المؤسسات) يعرف به مصطلح العبودية : (هي الحالة التي يعرفهاقانون الشعوب وفيها يخضع شخص ما لسيطرة شخص أخر بشكل يتعارض مع الطبيعة).
ونجد جذور فكرة تطبيق نظرية العبيد في الامبراطورية الرومانية مجسدة بعاصمتها روما. لعب العبيد دورا مهما بالعديد من الخدماتالمنزلية، حيث تم توظيفهم في وظائف ومهن ذات مهارات عالي ، كالمحاسبين والأطباء ، ولم يقتصر أصل العبيد من القارة الافريقية ، بل كانهناك عبيد من أصل يوناني على وجه الخصوص قد يكونونوا متعلمين تعليمًا عاليًا ، والذين حكم عليهم بالعبودية كعقاب، عملوا حينها فيالمزارع والمناجم، والمطاحن…ألخ.
واذكر جيدا اثناء دراستي لقانون العقوبات الروماني بالجامعات الفرنسية ان أقدم مدونة قانونية بمدينة روما كانت نظرية العبودية ، حيث انأحد جوانب قانون الشعوب اي القانون الدولي العرفي المشترك بين جميع الشعوب ويوازيه اليوم الأمم المتحدة التي مقرها نيويورك.
وركزت هذه القوانين على موضوع المنتصر الذي له الحق في استعباد السكان المهزومين ، وتتطور هذا المفهوم اليوم ليدخل في سياقه التوصلالى تسوية من خلال المفاوضات الدبلوماسية أو الاستسلام الرسمي وهذا واقعنا مع الاحتلال الصهيوني اليوم .
الذي يدخل اليوم ضمن سياق المنأى عن العنف والاستعباد وفق ( الامتثال المعقول لمعايير السلوك الدولي).
كانت اهمية وجود العبيد بالإمبراطورية الرومانية تكمن بحاجة الاقتصاد حيث يقدم العبيد دورا مهما بازدهار الاقتصاد لزيادة قوةالامبراطورية في توسيع حدودها لو قارنا الوضع بالإمبراطورية الرمانية ودولة الاحتلال لوجدنا نقاط كثيرة تشبه العلاقة بين الاسياد والعبيد، فعلى سبيل المثال إسرائيل اليوم تعتمد على الأيادي العاملة الفلسطينية . وطبقت النظرية بحذافيرها حيث عملت على بناء الجدارالعنصري حتى لا يزيد سكان المدينة المقدسة على 30% من سكانها الاسرائليين لي
وهو تماما ما كان يحدث في عهد الإمبراطورية الرومانية حيث تم تحديد عدد العبيد ب 30% من عدد السكان الكلي.
اما سياسة التهويد التي يتبعها الاحتلال الصهيوني وخاصة تعليم الهدف منها هو ايجاد العمالة المؤهلة لسوق العمل الاسرائيلي فتقريباجميع الاموال التي تنفق على القدس تدخل بضمن مشاريع استهلاكية وغير منتجة حيث تهدف الى ابقاء المجتمع المقدسي كمجتمعمستهلك خاضع لمصطلح المفعول به وبعيد عن الفعل والاعتماد على الذات.
كان الهم الاول للإمبراطورية الرومانية هو التركيز للحفاظ على الاستقرار والحفاظ على قوة العمل المستعبدة وهذا ما نلاحظه من خلال الدورالذي يلعبه اكثر من 180 الف عامل فلسطيني في إسرائيل وما لاحظناه ان اسرائيل وضعت ترسانة كاملة من القوانين لإبقاء الوضع كما هوعليه حيث يصب في مصلحتها ، ان استخدام اسلوب المكافئة لمن يتعاون معها أكثر قد ادى الى ظهور عبيد أغنياء كما كان في عهد الامبراطورية الرومانية وعمال فلسطينيين أغنياء .
اعتمدت نظرية العبيد في روما عاصمة الامبراطورية على ان لا يزيد عدد السكان على 30% وهذا ما فعلته العصابات الصهيونية عنداحتلالها لفلسطين عام 1948 بعد تدميرها مئات القرى وتهجير معظم سكانها فلقد عمدت على إبقاء عدد من السكان الاصليين على ان لايتعدى عددهم عن 30% وعند احتلالها للشطر الشرقي لمدينة القدس عام 1967 فقد عمد الاحتلال حتى الان باجراءاتها من الاستيلاء علىالاراضي وهدم البيوت وبناء الجدار العنصري وكل ذلك من اجل تحقيق هدف ديمغرافي واحد الا وهو تقليل من عدد سكان المدينة المقدسةبحيث لا يتجاوز عددهم عن 30% كحد أقصى .
نلاحظ هنا أيضا ان اهتمام الامبراطورية الرومانية في العبيد هو ليس فقط في خدمة البيوت حيث تعدى ذلك الى وظائف ومهن ذات مهاراتعالية مثل المحاسبون والاطباء الذين كانوا في كثير من الاحيان عبيدا ، لو قارنا اليوم المستشفيات الاسرائيلية لوجدنا ان عددا كبيرا منالاطباء والممرضين والمحاسبين هم من العرق المقدسي الفلسطيني وهناك ايضا فلسطينيون من مناطق الضفة ومن فلسطينيون الداخلالمحتل .
فنظرية العبيد لا تعني فقط ان العبيد لهم أصول معينة ونقصد هنا (أفريقيا ذوي العرق الاسود ) ولكن عدد من ذويكبير من العبيد كانوا فيالإمبراطورية الرومانية ذو أصول يونانية وذلك نتيجة هزيمتهم عسكريا أو معنويا وكان هذا يدخل ضمن مصطلح العقاب الجماعي وهذايطابق كليا الوضع في مدينة القدس وفلسطين . لو لاحظنا العلاقة بين المفاوض الفلسطيني و والمفاوض الاسرائيلي لوجدنا ان هذه العلاقةوصلت الى قاعدة العلاقة بين السيد والعبد في عملية تلقين الاوامر وفي حالة الامتناع او المقاومة يتم فرض العقاب حتى لو أتى تدريجيا.
إن لم يستطع العبد تحرير نفسة بالقوة فعلى الاقل عليه الحفاظ عن هويته وثقافه وتعليمة ولقمة عيشه وحقوقه القانونية مستقلا عن سيدهحتى يتمكن من الاستقلال عنه بأول فرصة تتاح له .
مايهمنا نحن المقدسيين المرابطين الى يوم الدين ، ان نمهد للحظة الانعتاق للحرية ، والتخلص من عبودية المحتل ، وهذا سيتحقق عبر تمسكنابكرامتنا وحريتنا وهويتنا وحقوقنا في مدينة عمر وصلاح وتنفيذ وصية رسولنا صاحب معجزة الاسراء والمعراج بالمرابطة فيها .