أخبار المنتصف
أخبار عاجلة
مقالات

“القدس مدينة لا باعة متجولين فيها”.. بقلم اسامة برهم

“القدس مدينة لا باعة متجولين فيها”.. بقلم اسامة برهم

اسامة برهم - المنتصف
اسامة برهم – المنتصف

صحيفة المنتصف

قد يكون عنوان المقالة غريبا بعض الشي ,لكن من يسكن بالقدس سيفهم ان المدينة بلا بسطات منذ سنوات , و لا باعة يحملون الخضار و يتجولون في الحواري بسيارات قديمة كباقي العواصم العربية , فمنذ ان قسم الجدار العنصري القدس و سلخها عن الضفة الغربية و تلك العاصمة بعيدة عن كل امتدادها الغزي والضفاوي , بعد ان خسرت امتدادها العربي ,فالوصول اليها بات حلما لا يحققه الا المرض و العلاج في مستشفيات القدس للحالات المستعصية كالسرطان , فالدخول للمدينة شبه مستحيل ,فكيف لبضائع الضفة و سمك غزة بالوصول الى تلك المدينة ؟

القدس - المنتصف
القدس – المنتصف

حقا؟؟ القدس بلا بضائع فلسطينية ,نعم , القدس منذ سنوات بلا بضائع عربية , و القدس مدينة صغيرة جدا , لا صناعات فيها و لا مساحات زراعية , أغلب سكانها هم موظفين بين الداخل المحتل و مؤسسات الضفة , و الاياد العاملة فيها قد تجدها بالفنادق والمطاعم و المؤسسات الاهلية و المجتمعية و قطاع البناء , لا صناعات بالقدس .
قد يتساءل أحدكم لماذا لا يتم ادخال الخضروات الفلسطينية الى القدس , و لماذا و لا يتم دعم المنتج الفلسطيني فيها , قد تكون الاجابة غريبة , “فطبق البيض” الواحد قد يتسبب بتغريمك الاف الشواقل ان تم اكتشافه عند احد الحواجز , فعند كل حاجز يفصل القدس عن الضفة ستجد كل المؤسسات الاسرائيلية متواجدة كالجمارك و الزراعة و الطبيعة و الضرائب و الجنود والامن الداخلي , فتهريب كيلو لحمة “كفتة” جريمة لا تغتفر حسب قانون الاحتلال .
من العجائب في مدينة القدس تربية الطيور , لا مجال لتربية عصفور في بيتك , ممنوع ان يكون في بيتك عصفور واحد , او حمامة , و تلك ايضا جريمة يحاسب عليها القانون , و من الجرائم أيضا تربية الدواجن و المواشي بالقدس , هذه مسؤولية “المسلخ المرخص من وزارة الصحة ” , و عليه لا يوجد ذبح مواشي بالملاحم بالقدس ولا مجال للأضاحي حتى بالأعياد الدينية , وعليه مسموح لنا بالقدس ان نربي القطط , اما الكلاب فهي لا تحصى بالشوارع في الاحياء العربية و تحديدا في ساعات الليل و الفجر الاولى .
اذن لا اضاحي و لا بسطات و لا دواجن و لا لحوم بالقدس , هذا لا يعني ان المحلات التجارية خالية من المنتج الفلسطيني , لجأ بعض أصحاب المصانع من الضفة الغربية لتسجيل شركاتهم الانتاجية في وزارة الاقتصاد الاسرائيلية للسماح لهم بترويج وتوزيع بضاعتهم بالسوق الاسرائيلية , لكن القيود و المعيقات للتسجيل و الشروط التعجيزية كانت سببا في عزوف بعض المنتجين عن الفكرة واكتفائهم بالسوق الفلسطينية .
أما الباقي المتبقي من البسطات في زقاق القدس فهي بضع بسطات مرخصة قبل احتلال عام 1976 و متوارثة ابا عن جد و هي مهددة في أي لحظة , و قد تجد بسطة كعك مقدسي هنا او هناك , تغلق عند ساعات الظهيرة , فالكعك في القدس يعتبر وجبة افطار محببة لدى السكان , و لا بد من وجود بسطات الكعك لارتباطها بالتاريخ و الثقافة و العادة في هذه المدينة .
باختصار , قد يشتكي العربي في العالم العربي من ضوضاء الباعة , و صوت السيارات التي تنادي “غسالات ثلاجات اللي عنده بضاعة قديمة للبيع” , وقد صار المشهد جزءا من الموروث العربي و جزئا من صناعة السينما المصرية و السورية ,أما بالقدس , فلم يتعود اطفالنا على بائع “شعر البنات” ولا بسطة “الفول و الباليلا” , و لا يفهم ابن تلك المدينة درس الابتدائي الذي يمنع الاطفال من شراء “زواكي” من بسطة مكشوفة , أما أنا و غيري ممن عايش تلك الظاهرة فنشتاق لها و لبائع السجاد المتجول , كم هو بؤس ان تعيش في مدينة بلا بسطات .
اسامة برهم –القدس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى