أخبار المنتصف
أخبار عاجلة
مقالات

هل ازمة الاردن اقتصادية؟؟ بقلم رامي الدباس

رامي الدباس
المنتصف / الكاتب الأردني رامي الدباس

صحيفة المنتصف

تواجه الاردن ازمة اقتصادية خانقة قد بدأت بالتدريج منذ 20 عاما تقريبا, اي منذ تتويج عبدالله الثاني ملكا على الاردن و اهم الاسباب التي ادت الى هذه الازمة سوء الادارة و الفساد المستشري في الاردن و غياب الرقابة و المحاسبة و كذلك الربيع العربي حيث كان له اثار عديدة على الوضع الاقتصادي حيث نتيجة لكل هذا تقارب ديون الاردن حاليا ال 50 مليار دولار امريكي و هو رقم قياسي و كذلك نسبة البطالة تجاوزت ال 20 بالمئة و هو كذلك رقم قياسي في بلد مثل الاردن.
حيث أثر الربيع العربي على الاقتصاد الأردني من جراء تحمل عبء اللاجئين وتوقف التجارة مع دول الجوار نتيجة الأحداث التي عصفت بها, فالربيع العربي أثر على الاقتصاد الاردني لأن دول المنطقة كانت أسواق الاردن الطبيعية و قد أصبحت تعاني من أحداث أمنية داخلية مما ادى الى تراجع التجارة سواء كان مع العراق و سوريا كانت معبراً للتجارة إلى تركيا وأوروبا وكذلك ممراً لتجارة الترانزيت من سوريا إلى دول الخليج بالاضافة الى ان عائدات قطاع السياحة قد تأثر بالربيع العربي بشكل كبير.
الامر الذي ادى الى زيادة المساعدات الخارجية من الدول المانحة و على رأسها الولايات المتحدة الامريكية و الاتحاد الأوروبي حيث ان الحلفاء الغربيون للأردن يعلنون في كل مرة أن الغرض من هذه المساعدات هو دعم الاقتصاد والإصلاحات في الأردن والحفاظ على استقراره من جهة و من جهة اخرى بسبب اهمية الاردن لدولة اسرائيل من خلال علاقة الاردن الجيدة نسبيا معها.

و قد جاء في تقرير منظمة الشفافية الدولية، في تقريرها السنوي لمؤشر مدركات الفساد لسنة 2018، الذي شمل 180 دولة. والذي احتل الأردن فيه المرتبة 58 عالمي و هي مرتبة جيدة لبلد مثل الاردن، بواقع 49 نقطة من 100، مسجلا تقدما إيجابيا، بواقع مرتبة واحدة عن عام 2017 و مع ذلك الاردن يعاني من ناحية الفساد و سوء الادارة حيث ارقام المديونية و البطالة هي خير دليل و خاصة اذا ما اردنا الارتقاء بالاردن الى مصاف الدول و هنا سأكتب عن موضوع الفساد من جهة و من جهة اخرى حل مشكلة المديونية التي قد تحل مشكلة اقليمية في نفس الوقت و التي قد تتوج ملك الاردن بجائزة نوبل للسلام.
اولا, أين تكمن المشكلة في مكافحة الفساد في الأردن؟
بعض نصوص الدستور الأردني تشكل عائقا أمام القضاء على الفساد، إذ ينص الدستور الأردني على أنه لا يجوز تقديم أي وزير أو رئيس وزراء للمحاكم عن الجرائم والمخالفات التي وقع بها الوزير أثناء تأديته منصبه إلا بموافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب الذي يحق له فقط اتخاذ قرار باتهام الوزير إذا وجد أن في أعماله ما يخالف القانون.

وفي حال قرر المجلس اتهام الوزير يتم محاكمة الوزير أمام المجلس العالي والذي يتم تشكيله بشكل مختلط من أعضاء مجلس الأعيان وقضاة نظاميين هذا النص دستوري يشكل حاجز ويكف يد القضاء والعدالة
عن ملاحقة فساد الطبقة التي تحكم سواء أثناء عملها أو بعد مغادرة مناصبها.
كما ينص الدستور الأردني على الجواز للنائب أن يكون شريك في الشركات التي يزيد عدد المساهمين أو المالكين للحصص فيها عن عشر أشخاص فسمح هذا الاستثناء للسلطة التشريعية بممارسة التجارة بشروط يسهل تحقيقها فنتج بهذا النص باب للتزاوج الحقيقي بين فساد السلطة التشريعية وفساد السلطة التنفيذية.
جعل قانون “هيئة مكافحة الفساد المشكل عام 2005 وبعد ذلك قانون النزاهة ومكافحة الفساد المشكل عام 2015” و هي الجهة المختصة بالتحقيق بقضايا مكافحة الفساد قبل تحويلها إلى القضاء، إذ ترأس هذه الهيئات جنرالات عسكرية ليس لديهم أي خبرات قضائية أو قانونية سابقة في محكمة عسكرية يطلق عليها امن الدولة، وهو أمر كان الأصل أن يكون من اختصاص محكمة مختصة خاصة بـ “مكافحة جرائم الفساد” تكون تابعة للقضاء المدني ويكون لها هيئة ادعاء عام وضابط عدلية يكون من مهمتها تعقب جرائم الفساد والتحقيق فيه ومحاكمته.
في الأردن هناك بيئة وظيفية واجتماعية حاضنة للفساد إذ أنه رغم الضرر الكبير الذي يهدد الدولة ويهدم أمنها الاقتصادي وما يترتب عليه من خلل في الأمن على كافة الأصعدة إلا أن المتفحص للفساد يجد أنه يحظى بشبكة علاقات اجتماعية حاضنة له، إذ أن كثير من المسؤولين الأردنيين يرتبطون بعلاقات قرابة ومصاهرة فيما بينهم مما يجعل هناك حزام أمان يحمي من يمارس الفساد من المحاكمة أو أن تطاله يد العدالة والقضاء.
ثانيا, ماذا على الاردن القيام به للتخلص من الفساد؟

الاردن يحتاج الى الاقتداء بما قام به ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي قام باعتقال كافة الفاسدين في المملكة العربية السعودية في فندق الريتز كارلتون مع اختلاف جوهري و ذلك بالقيام بمحاكمات عادلة التزاما بالمعايير الدولية و الطرق الديمقراطية و بكل حال هذا لن يتم سوى بالتنسيق مع دائرة المخابرات العامة الاردنية .

تعيين الشخص المناسب صاحب المؤهلات المناسبة في منصب رئيس الوزراء بحكومة تكنوقراط و عدم تدوير رؤساء الوزراء و الاسماء نفسها, انتهاء بتحقيق الاردن الملكية الدستورية وهي قمة الديمقراطية حيث سيقوم المواطن الاردني بانتخاب رئيس الوزراء و هذا لن يتم الا بعد ان يتم تحجيم الاخوان المسلمين في الاردن من خلال تقسيمهم بنظرية فرق تسد لخطرهم وقتها على السياسة الاردنية و السلم في الشرق الاوسط او ان يتم حظرهم بشكل كلي.
اعادة هيكلة وزارة التخطيط و التعاون الدولي لأن جزء كبير من ازمة الاردن الاقتصادية جاءت بسبب سوء التخطيط في هذه البلاد و كذلك اتباع طريقة وضع الشخص المناسب في المكان المناسب في هذه الوزارة المهمة.

استحداث نص في الدستور ينص على تشكيل محكمة خاصة بمحاربة جرائم الفساد تشكل بقانون خاص تكون تابعة للمجلس القضائي المدني ولها دائرة ادعاء عام ويتبعها ضابطة عدلية مختصة تكون مهمتها تلقي الشكاوي وتعقب الفساد وجمع الأدلة للتحقيق فيه ومحاكمته وإلغاء صلاحية القضاء العسكري -محكمة أمن الدولة- في النظر في الجرائم الاقتصادي وتحويل هيئة النزاهة ومكافحة الفساد إلى دائرة ضابطة عدلية تكون مهمتها في موضوع مكافحة الفساد محصورة فقط في تلقي الشكاوي وتعقب الفساد وجمع الأدلة دون أن يكون لها سلطة التحقيق وتكون تابعة لمحكمة مكافحة الفساد ولسلطانها.
إلغاء النص الدستوري الذي يشترط موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب حتى يتم إحالة الوزير على المحاكمة وإلغاء تلك الحصانة التي أصبحت درعا يلوذ به من يمارس الفساد.

إلغاء الاستثناء بالنص الدستوري الذي يبيح لأعضاء لسلطة التشريعية ممارسة التجارة وذلك لمنع أعضاء السلطة التشريعية من ممارسة أي أعمال تجارية أو تأسيس مؤسسات أو شركات أو المساهمة فيها بجميع أنواعها وأغراضها أثناء شغلهم مغادرة مناصبهم لخمس سنوات على الأقل.

العمل إعلاميا ودينيا على صناعة الضمير والوعي المجتمعي بخطورة الفساد على استمرارية الدولة ومستقبل أجيالها ومحاصرة هذا السلوك ونبذه.

إطلاق حياة سياسية توافقية راشدة فيما بعد ذلك وفقا للمعايير العالمية للحياة السياسية الناضجة يتم بها فصل السلطات وسيادة القانون فالإصلاح السياسي الخطوة الأولى على طريق تحقيق الإصلاح في كل مناحي الإصلاح الأخرى
قبل الختام, إعادة هيكلة الاقتصاد الأردني
على الاردن توفير الحوافز لتشجيع المستثمرين العرب لدخول السوق الأردني، بإعفاء مدخلات الإنتاج والمواد الغذائية الأساسية من ضريبة المبيعات، وتوجيه النفقات الرأسمالية الحكومية للمشاريع الانمائية المولدة للدخل، واستثمار موارد البلاد الغنية “البوتاس والفوسفات والصخر الزيتي والنحاس و غيرها باعتبارها مدخلات إنتاج.

حيث يجب تحويل الاقتصاد الأردني من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد انتاجي، وتوفير فرص العمل وخاصة في مجالات الصناعة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات والسياحة، وتنظيم سوق العمل، واتباع سياسات ضريبية تصاعدية تسهم في إعادة توزيع الدخل.
كذلك يجب توجيه المساعدات الخارجية نحو الاستثمارات والمشاريع التنموية وتطوير الخدمات الصحية والتعليم والنقل العام.

ختامأ, حل مشكلة المديونية الكبيرة الخارجية في الاردن و دور الاردن في عملية السلام

عندما وقع الاردن معاهدة السلام مع اسرائيل عام 1994 قام الرئيس الامريكي بيل كلنتون وقتها بحذف جزء من مديونية الاردن الخارجية للولايات المتحدة و بل قامت الولايات المتحدة بزيادة المساعدات الخارجية للاردن نتيجة لعملية السلام. ما يحتاج اليه الاردن الان هو التدخل لحل قضية الشرق الاوسط الرئيسية اي ( الصراع الفلسطييني الاسرائيلي ) بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية و الاطراف المعنية, و نتيجة لذلك يجب في هذه الحالة وجود ضمان و وساطة امريكية و اسرائيلية في نفس الوقت على ان تثمر عن حذف مديونية الاردن الخارجية كاملة حيث هذا سيكون جزء كبير من الثمن التي سيأخذه الاردن من كلفة تدخله لأحلال السلام في قضية عمرها اكثر من 70 عام و احد اقدم الصراعات في العالم الحديث, على ان يكون الاردن هو وطنا للعرب اجمع, اي للاردني و الفلسطيني على حد سواء و التخلي عن حق العودة من قبل الفلسطينيين حيث ان الاردن هو فلسطين و فلسطين هي الاردن و هذا ما قاله الملك الراحل الحسين بن طلال و الملك المؤسس عبدالله الاول بقبول دولي و اشراف دولي. و ايضا ان يتم زيادة الدعم الدولي و الخليجي للاردن من الناحية الاقتصادية و العسكرية, و وجوب ضمان عدم انهيار الاردن في المستقبل و ضمان عدم دخول الاردن في صراعات داخلية و هذا كله لضمان استقرار الشرق الاوسط ككل من خلال التنسيق من قبل الدول الغربية على رأسها الولايات المتحدة و المملكة المتحدة لضمان بقاء الهاشميين على عرش الاردن الذين يعتبرون هم صمام امان الاردن و استقراره و دورهم في السلم الاقليمي و الدولي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى