الصراعات القبلية في إفريقيا.. روشتة الاستعمار..بقلم رحاب فضل السيد
الصراعات القبلية في إفريقيا.. روشتة الاستعمار..بقلم رحاب فضل السيد
صحيفة المنتصف
الخرطوم – ظلت قارة إفريقيا تشهد صراعات دامية نسبة لطبيعة تعدد إثنياتها وعرقياتها ودخولها في حروب أهلية تسببت في تخلف القارة اقتصادياً وسياسياً بحكم هذه البيئة المحفزة لتفريخ الحركات المسلحة وولادة الأنظمة السياسية الديكتاتورية التي تقطع طريق التحول الديمقراطي المدني عبر الإنقلابات العسكرية…
أراد الله لهذه القارة السمراء أن تكون جنة الله على الأرض بطبيعتها ومواردها، إلا أن بني الإنسان أبت نفسه إلا وأن يحيلها لجحيم لايطاق بافتعاله الحروب والنزاعات التي قضت على الأحلام فتحولت القارة إلى خراب هجرته الطيور، وتحول سكانها إلى لاجئين ضاقت بهم قيعان المحيطات وملاجئ الدول الغربية.
نزيف القارة
وبالعودة لتاريخ وجغرافيا إفريقيا القارة نجد أن إفريقيا حطمت الرقم القياسي في تكرار سيناريوهات الصراعات والنزاعات القبلية ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر : تمرد جماعة بوكو حرام في نيجيريا ٢٠٠٢ / الحرب الأهلية في الصومال ١٩٩١ ضد حكم الرئيس سياد بري / الحرب الأهلية في جمهورية أفريقيا الوسطى (2004-2007)، قاتلت حكومة الرئيس فرانسوا بوزيزيه ضد المتمردين حتى توقيع اتفاقية سلام في العام 2007. نشب الصراع الحالي بسبب اتهام تحالف جديد ضمّ عدة مجموعات متمردة، يحمل اسم سيليكا، الحكومةَ بعدم الالتزام باتفاقيات السلام، وسيطروا على العديد من البلدات في العام 2012 كما استولوا على العاصمة في العام 2013. فرّ الرئيس بوزيزيه من البلاد، وأعلن زعيم المتمردين ميشيل جوتوديا نفسه رئيسًا. اندلع القتال مجددًا بين تحالف سيليكا والميليشيات المعارضة لها والتي تُسمى أنتي بالاكا / الحرب الأهلية في ليبيا التي ظهرت مع اندلاع الثورة الليبية في ٢٠١١ التي أدت لمقتل الرئيس معمر القذافي / أعمال العنف في سيناء التي صاحبت ثورة يناير ٢٠١١ /الصراعات القبلية في مناطق دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق بالسودان / الحرب الأهلية في جنوب السودان التي بدأت في ٢٠١٣ بين قوات الرئيس سلفاكير وقوات نائبه رياك مشار الذي اتهم الأول بتكريس القبلية في حكمه وتحيزه لقبيلته دون الإثنيات الأخرى بالبلاد / التمرد الانفصالي في أوجادبن بإثيوبيا / الصراع في إثيوبيا الذي تقوده جبهة تحرير أورومو للمطالبة بحق تقرير المصير /التمرد الثاني في منطقة عفار الحدودية بين إريتريا وإثيوبيا /الصراع الإيتوري في الكونغو /الصراع على إقليم كابيندا بأنجولا /تمرد جيش الرب الأوغندي /الاضطرابات في بورند
غرس الأزمة
تختلف الأسباب للنزاعات القبلية وتتعدد باختلاف الحالة ولكن السبب الرئيسي والجوهري مرتبط بالصراع حول الأرض والموارد باعتبار أن القبائل تفترض أن لديها أراضي (حواكير) مسجلة عندما تكون هنالك مجموعات أخرى تكون شريكة معها في الأرض والتعايش وعندما تكون هنالك ثروات نفطية او معدنية يشب الخلاف بين المكونات باعتبار أن القبيلة صاحبة الأرض المتوارثة تفترض احقيتها للموارد ويصبح هذا سبباً للحروب الأهلية هكذا يقرأ الباحث في الشؤون الإفريقية دكتور حامد تورشين أسباب الصراعات القبلية في إفريقيا ويضيف في حديثه لـ(أفريكان مترس) أيضاً من الأسباب مسألة الإدارة الأهلية ومحاولة كل قبيلة فرض نفوذها القبلي، وأيضا من الأسباب التي تؤدي للصراعات الأسباب الدينية واعتداد القبيلة بأنها مسلمة اومسيحية حسب توجه الدولة مثلما حدث في إفريقيا الوسطى ونيجيريا والأصل في هذا النزاع هو السلطة، ويرى تورشين أن تكون الحلول لهذه الصراعات عبر مراحل مختلفة مثل ضرورة التعايش والمصالحات الحقيقية عبر التعاون التجاري والتزاوج والتصاهر بالإضافة لذلك يجب أن تلعب الحكومة دوراً فاعلاً وتعزيز أجهزتها الأمنية والعدلية ونشرها وتواجدها في كل البقاع لمكافحة الجريمة باعتبار أن المنظومة الأفريقية بها اختلالات كبيرة جداً مرتبطة بالقبيلة والاثنية إذ توجد جيوش كاملة تسيطر عليها قبائل معينة ممايقدح في مهنية المؤسسات العسكرية، وهنا لابد من إعادة النظر في تبعية الأرض للقبائل وهذه الجزئية لاتتوفر في دول كثيرة في إفريقيا عدا دول القرن الإفريقي وهناك مناطق لاتتوفر فيها هذه الجزئية باعتبار أن الأرض للجميع والدولة مسؤولة مسؤولية مباشرة ويجب إعادة النظر في قانون الحكم المحلي الذي يمنح القبائل حواكير ويمنحها سلطات وهذه السلطات مدخل للصراعات القبلية…
تستخدم القبيلة في إفريقيا للأغراض السياسية إذ أن المستعمر ورّث السلطة وتحديداً المؤسسات العسكرية للقبائل، حيث تجد أن معظم جيوش إفريقيا تسيطر عليها قبائل، وبناء على هذه الحالة ترفض القبائل الأخرى هذه الوضعية وتتمرد وتحدث المواجهات القبلية ذات الطابع السياسي الذي هدد إستقرار القارة السياسي والأمني والاقتصادي.