ينقصنا الدفء… بقلم ليث عكروش
ينقصنا الدفء… بقلم ليث عكروش
صحيفة المنتصف
يرمي معظمنا بسهام نقده ، على الدنيا ، وحالتها الصعبة، ويعلق أخطائه وعثراته على شماعتها.. قائلا ان الدنيا تغيرت ،متمنيا بكل شغف العودة لزمن اول ، لكنه يتغاضى هنا ، مع سبق إصرار وترصد، عن أن العلة ليست بالدنيا بل فينا ، فالدنيا لم تتغير ، إنما القلوب والاخلاق والمبادئ هي التي من تغيرت.
فالحضن الدافئ في العائلة ، لم يعد موجودا الا ما ندر، فالاب يتحجج بمسؤولياته الحياتية، ومتطلبات العيش المرهقة لكاهله، متهربا بذلك من واجباته ، والأم على ذات الشكل، تتعذر بكثرة الواجبات الملقاه على عاتقها داخل وخارج المنزل .. متناسين أهمية احتواء الأبناء وبأن يكونوا الملجئ و الحضن الدافئ لهم باللمسة الحانية، على أكتافهم ، وعطفهم وحنانهم الأسري المجبول بالكلمة الطيبة ، لنصل بالمحصلة لتنشئة جيل صحي وقوي يبني المجتمع، فالأسرة ككل، هي عماد المجتمعات.
وأذا توسعت الدائرة ،وخرجنا إلى المجتمع ، فالملاحظ أن علاقاتنا الاجتماعية جامدة باردة، جافة كأوراق الخريف ، يغلب عليها الخشونة، فغابت الابتسامة عن الوجوه، وحل مكانها التجهم و العجرفة والتعالي والانانية وحب الذات، فتعاملتنا اليومية بعيدة كل البعد عن اللطف وطيبة القلب ودفء اللسان الا ما ندر.. مما زاد من حجم القسوة والخلافات و الفجوة بيننا، فنحن لا نرى الآخرين وان رأينا الآخر فنستصغر وجوده .
وصار لسان حال الواحد منا، يقول انا ومن بعدي الطوفان، فالنفس الإنسانية تعاني الان علو الأنا، والنرجسية و من بعدها الكبير عن دفء المشاعر.
والسمة الغالبة علينا نحن بني البشر ،هي غياب الدفء في التواصل مع الاخرين أيضا ، فتواصلنا أصبح عبر الشاشات ومواقع التواصل التي تتسم بالجمود و العزلة ووهم التواصل الافتراضي، الذي ابعدنا عن واقعنا، وعن اقرب الناس لنا، فقد وصل بنا الحال وبعائلاتنا في البيت الواحد أن تتواصل مع بعضها من خلال مواقع التواصل ، غير ابهين أو مهتمين بقضاء أوقاتهم مع بعضهم البعض، وما له من من جوانب إيجابية لا تعد ولاتحصى .
فما (ينقصنا هو الدفء) الدفء في القلوب وفي التعامل والتواصل وفي العلاقات و الكلمات وفي الانفعالات وحتى النظرات..