حتى لا تضيع البوصلة … بقلم جهاد المومني
لا يستحق الأردن الا الثناء على مواقفه المشرفة من الحرب على غزة، ولا يستحق رجل الأمن الأردني الا التقدير على دوره في الحفاظ على امن المواطنين وممتلكاتهم، هو ايضاً مفعم بالمشاعر تجاه ما يجري في غزة ويعتصره الألم حزناً على ضحايا الجرائم الاسرائيلية، لكنه محكوم بالواجب وبالحفاظ على القانون وسلامة الناس والممتلكات على ارض المملكة الاردنية الهاشمية، فكيف بنا نجرده من مشاعره ونعامله على انه خصم لنا، ونعزله عن واجباته الموكولة اليه بموجب القوانين المحلية والدولية فالحماية شاملة لا تنقسم تضمنها الشرائع الدولية التي يحترمها الاردن ويطلب من الدول الاخرى تطبيقها على دبلوماسييه وموظفي سفارته في الخارج، والمعاملة تكون بالمثل، فلكي نحافظ على وجودنا في اي مكان يجب الا نغفل عما يدور فيه، علينا ان نحترم القانون ونتصرف بحكمة وذكاء.
الأردن اليوم رسمياً وشعبياً يقوم بكل ما يمكنه القيام به نصرة لاهلنا في غزة، ويستغل كل ثغرة في جدار الخذلان العالمي المستحكم كي يوقف هذه الجريمة التي يتعرض لها أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة، يقاتل الاردن بالدبلوماسية وبالدعم المادي والانساني ويجادل العالم بالحجج والبينات التي تدعم الحلول السياسية وتغلق الابواب امام حلول للتأجيل والتسويف لأطول قضية احتلال ومعاناة وفصل عنصري في العصر الحديث، لذلك يجب دعم الاردن شعبياً بوحدتنا وتماسكنا وعدم الانحراف وراء دعوات الفوضى التي لا تفيد الا اسرائيل التي تبحث عن ثغرة في هذا الجدار الاردني الصامد، فلنتحلى بالحكمة ولنفوت الفرصة على كل من تسول له نفسه العبث بأمننا الداخلي بهدف اضعاف دورنا الخارجي ووضعنا في نفس الخانة مع الدول العاجزة عن فعل اي شيء.
أمننا الداخلي هو امن فلسطين وأهلها، هم يريدوننا ان نحافظ على الاردن كي يبقى قوياً منيعاً وقادراً على تقديم العون لهم، لأنهم يدركون انهم بدون الدور الاردني يصبحون بلا سند فاعل يشتبك مع دول العالم وينقل صوتهم الممنوع الا من عمان وعلى لسان جلالة الملك عبدالله الثاني الذي يخاطب العالم باللغة والمفردات التي يفهمها وينقل صوت الفلسطينيين ويذكر الانسانية جمعاء بحقوقهم السياسية، فلنحافظ على ما لدينا من سبل القوة مهما كانت متواضعة امام انحياز الغرب لآلة الدمار الاسرائيلية، ولنتقاسم الواجب مع رجال الامن بمدهم بسبل الثبات لحمايتنا من بعض من يعبثون بالنار ويندسون بيننا، ولنقاسم رجال الأمن اصرارهم على ابقاء جذوة الاحتجاج على جرائم اسرائيل مشتعلة في اطار الممكن والمسموح به حتى لا تحدث الفوضى ونصبح على فعلنا نادمين.
هذا الاردن ارضه وبنيانه ومؤسساته وفي المقدمة انسانه الشجاع الشهم والعروبي بطبعه وتكوينه امانة نصونها ونحميها بالمهج والارواح، فلنتجه بابصارنا وبصيرتنا الى الخطر الداهم الذي يطرق الابواب ولنعد العدة لمواجهة حتمية مع عدو غادر مبتدأها الثبات والوحدة الوطنية واليقظة وشحذ الهمم.