“الآثار السلبية للتعليم عن بعد” بقلم بشرى عربيات
الآثار السلبية للتعليم عن بعد
بقلم المستشارة التربوية: بشرى سليمان عربيات
صحيفة المنتصف
لقد اقتربت فترة التعليم عن بعد من نهايةِ فصلٍ دراسيّ آخر دون اهتمام صانعي القرار للآثار السلبية الناتجة عن هذا النوع من التعليم والوقتُ يمضي على الطلبة، وتزدادُ معاناتهم من الجلوس أمام الشاشات ومن تأثيرات نفسية عديدة عليهم، ولعل من أهم هذه التأثيرات العزلة التي بدأ الطلبة يعانون منها، ذلك لأن التعليم عن بعد لا يعطيهم فرصة اللقاء معاً،والضحك والمشاغبة أحياناً، لقد حرموا الطلبة من أبسطِ حقوقهم وهي الحركة في ملاعب المدارس وفي الإنتقال من الغرفة الصفية إلى مشاغل مختلفة لتطبيق العديد من الأنشطة، الأمرُ الذي انعكس بشكلٍ سلبي على صحتهم الجسدية والنفسية.
تترددُ على مسامع أولياء الأمور والمختصين عبارات طفولية بريئة عن كره الدراسة، والإشتياق إلى المدرسة، حتى لو قام الأهل بتعويض أبنائهم عن بعض الأنشطة، لكن هذا لا يكفي مقارنةً بالدفء النفسي الذي يشعر به الطلبة بين أقرانهم داخل الحرم المدرسي.
لقد جاء قرارُ تعليق الدراسة داخلَ المدارس مبكراً دون تجهيزٍ حقيقيّ يعمل على تعويض الطلبة – ولو جزئياً – عن ما يمكن أن يتعرضوا إليه وإن ما تصرِّح به وزارة التربية والتعليم عن وجود أنشطة لامنهجية وحصص ترفيهية عن بعد، لا يسدُّ حاجات الطلبة النفسية، لقد ساهمت الوزارة وبعناية فائقة في تجهيل الجيل، إضافةً إلى التسبب في مشاكل صحية ونفسية للطلبة، ومن أهم المشاكل الصحية عدم القدرة على الجلوس ساعات كثيرة أمام الشاشات، بسبب تراجع في التركيز، وتعب في عملية الإبصار، ناهيك عن آلام في العمود الفقري نتيجة ذلك.
أما بالنسبة للآثار النفسية، إضافةً إلى العزلة المجتمعية، هو عدم مقدرة الطلبة على متابعة الدراسة بشكلٍ سليم، لقد غفلت وزارة التربية والتعليم عن المراحل التأسيسية، كما غفلت عن مراحل أخرى عليها أن تتقدمَ لامتحاناتٍ دوليةٍ في نهاية العام، ولم تدرك بعد أم معظم الطلبة ليسو معزولين عن المجتمع، لم ولن تحميهم الوزارة من خطر فيروس بتعليق الدراسة داخل المدارس، بل إن الوزارة ساهمت في خلق مشاكل نفسية للطلبة والأطفال سوف تكون لهم عائقاً كبيراً في حياتهم العلمية والعملية في قادم الأيام.
لو كنتم مكان أحد أولياء الأمور الذي يسمع من أطفاله عبارة ” صرنا نكره المدرسة” ، بعد أن كانوا متفوقين ، ماذا عساكم تجيبون؟ إن النجاح والفشل لا يقاس بوجود منصات، ولا يقاس بوجود أجهزة تكنولوجية، ولا يقاس بتقييماتٍ إلكترونية لا تشيرُ إلى أي نجاح يُذكر! إن النجاح يكون في حماية الجيل من الجهل بأسلوب يتوازن مع حمايتهم من فيروس، وحماية الجيل من التبعات النفسية للتعليم عن بعد، فأنتم لم تسمحوا لأولياء الأمور باتخاذ قرار عودة أبنائهم إلى مقاعد الدراسة، ولم تمنحوهم حق الإختيار، لقد قمتم يا وزارة التربية والتعليم بتدمير جيلٍ، بل أجيال، ولم تعملوا على حمايتهم من فيروس – كما ادَّعيتم ذلك – ، بل ساهمتم في تعريضهم لأخطار نفسية كبيرة، فهل أنتم مدركون؟
أنتم آباء قبل أن تكونوا مسؤولين، فهل تدركون حجمَ معاناة أولياءِ الأمور نتيجة قراراتكم؟ وهل تدركون أهمية حركة الطفل بين أقرانه، ضاحكاً أوباكياً؟ وهل تدركون الاآثار النفسية المتعلقة بقراراتكم هذه؟ لقد اشتاق الآباء والأمهات إلى طفولة أبنائهم، إلى مزيجٍ من الشقاوة والمرح، إلى سلامة الصحة النفسية لأبنائهم، والتي لا يمكنُ أن تتحقق عن بعد.
أين الضجيجُ العذبُ والشغبُ
أين التدارس شابَهُ اللعب ؟
أين الطفولة في توقدها
أين الدمى في الأرض والكتب ؟
أين التشاكس دونما غرضٍ
أين التشاكي ماله سبب ؟