أخبار المنتصف
أخبار عاجلة
فلسطينمقالات

مقترحات صفقـــة القــرن صُرف وقت من عُمرِ كاتبها فأنبأت عن جهل مذيعها قبل كاتبها

مقترحات صفقـــة القــرن
صُرف وقت من عُمرِ كاتبها فأنبأت عن جهل مذيعها قبل كاتبها

بقلم القاضي المقدسي
فواز ابراهيم نزار عطية
31/1/2020

فواز عطية
القاضي المقدسي فواز عطيه /المنتصف

صحيفة المنتصف
اخترت بعناية عنوان هذا المقال ليكون لكل كلمة مدلولها، وبتواضع كبير اقول بأنني بصفتي خبير في مجال القانون الدولي بالنظر لدراستي الثانية كانت تصب في مجملها في القسم العام من القانون، نسي لا بل تناسى من صاغ مقترحات صفقة القرن مبدأ (الشرعية الداخلية في وطنه)، حيث أن مفهوم الشرعية في القانون الداخلي (الوطني) يتمثل في اخضاع السلطات العامة في الدولة والمواطنين للقانون، ضمن رقابة القضاء لأعمال السلطة العامة اتجاه الافراد والافراد اتجاه بعضهم البعض.
وهذا المفهوم ذات الاثر على المستوى الدولي، الذي لا يبعد كثيراً في مفهومه عن المستوى الداخلي، حيث يُقصد بالشرعية الدولية: وجوب تطبيق قواعد القانون الدولي العام على سائر التصرفات التي تصدر عن الأشخاص المخاطبين بهذا القانون وهم: الدول والمنظمات الدولية.
ولنفهم ذلك فإن مصادر الشرعية الدولية هي مصادر القانــون الدولي نفسها التي حددتها المادة (38) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية: 1 – الاتفاقيات الدولية العامة والخاصة التي تضع قواعد معترفاً بها صراحة من جانب الدول المتنازعة. 2 – العرف الدولي المقبول بمثابة قانون كما دل عليه تواتر الاستعمال. 3 – مبادئ القانون العامة التي أقرتها الأمم المتمدنة. 4 – أحكام المحاكم ومذاهب كبار المؤلفين في القانون العام في مختلف الأمم كمصدر احتياطي لقواعد القانون، مع مراعاة المادة (59) التي تنص على” أنه لا يكون للحكم قوة الالتزام إلا بالنسبة لمن صدر بينهم وفي خصوص النزاع الذي فصل فيه”، ولا يترتب على نص المادة (38) سالفة الذكر أي إخلال بما لمحكمة العدل الدولية من سلطة الفصل في القضية وفقاً لمبادئ العدل والإنصاف متى وافق أطراف الدعوى على ذلك.
لذلك يكاد أن يجمع فقهاء القانون الدولي على أن ميثاق الأمم المتحدة يتمتع بطبيعة دستورية تجعله يعلو ويسمو على جميع الأعمال القانونية الصادرة من أجهزة هيئة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التابعة لها، وكذلك تجاه التصرفات التي تأتيها الدول الأعضاء على مستوى العلاقات الدولية، بحيث أي قرار تصدره الجمعية العامة للأمم المتحدة أو مجلس الأمن الدولي ينبغي أن يكون من حيث الشكل والموضوع متفقاً مع أحكام الميثاق وإلا كان باطلاً، وإن أي خلل في تلك القواعد الدولية حتما ستشعل حربا عالمية ثالثة، بحيث ستكون نتائجها مدمرة للإنسان والطبيعة بالنظر لحجم الاسلحة وانواعها الفتاكة بالحجر قبل البشر.
تكمن المشكلة الفلسطينية منذ بداية الانتداب البريطاني، وزاد من تعقيدها عندما اصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 1947م بشأن تقسيم فلسطين إلى دولتين، عربية ويهودية بسنة 49% للعرب و51% لليهود، حيث اعتبر العديد من فقهاء القانون الدولي أن ذلك القرار باطلاً، على أساس أن الجمعية العامة تجاوزت اختصاصاتها المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، فالمادة (14) التي استندت إليها الجمعية العامة، حيث لا تخولها حق اتخاذ قرار في هذا الشأن، وإنما مجرد توصية غير ملزمة. إلا أن قرار التقسيم تجاوز حدود التوصية، فضلاً على أن الجمعية العامة لا تملك سلطة التصرف في مصير إقليم لا تملك السيادة عليه.
وما هو مستغرب أن ما تم رفضه بالامس يقبله العرب اليوم، بمعنى أن العرب رفضوا هذا القرار وقت صدوره لعدم شرعيته، بينما قبله اليهود وأسسوا دولتهم “إسرائيل” بناء عليه، ثم لاحقا اصبحنا نتمسك بأي قرار يصدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة فيما إذا كان يخدم القضية الفلسطينية، وبعيدا عن حرب عام 1948 ونكبة اللجوء وآثارهما، وبعيدا كذلك عن حرب عام 1967 والنزوح وآثارهما، فموازين القوى بعد الحربين اصبحت تصبّ لصالح اسرائيل، مما أدى إلى قبول منظمة التحرير الفلسطينية بضغط من بعض الدول العربية المؤثرة على المنظمة بتسوية سياسية للقضية الفلسطينية أكثر بخساً مما قرره قرار التقسيم، وفي نهاية المطاف ابرمت اتفاقية مختلة التوازن على جميع الاصعدة تحت مسمى أوسلو وما تبعها من اتفاقيات مجحفة بحق الوجود الفلسطيني وحقه في استعمال واستغلال والانتفاع بالمصادر الطبيعية التي خلقها الله عزوجل من مياه وطاقة وغير ذلك، إلا بالقدر المسموح به بموجب تلك الاتفاقيات وببدل!
وكنتيجة لعدم التكافئ في صياغة الاتفاقيات، ولحجب المتخصصين في مجال القانون الدولي من الفلسطينيين المتمكنين في تلك الفترة وعلى وجه التحديد في العام 1998، نشأت التزامات تفوق تحمل منظمة التحرير الفلسطينية ظنا منها أنها ستكون لمرحلة مؤقت لا تتجاوز 5 سنوات، وها هي المرحلة الانتقالية المؤقتة جاثمة على صدورنا حتى اليوم، حيث مضى عليها اكثر من 27 سنة وإسرائيل تفسر الاتفاقية وفق قناعاتها، بل وترفض الانتقال للمرحلة النهائية وتستمر في سياسة التوسع وإقامة المستوطنات وهدم منازل الفلسطينيين وترحيلهم من ديارهم ومحاولة تغيير الوضع القائم في المسجد الاقصى وغير ذلك من اجراءات احادية الجانب جميعها مخالفة للقانون الدولي.
ليس من المستغرب أن تأتي ادارة امريكية كالتي تقود البيت الابيض اليوم، وتنقلب على مفاهيم الشرعية الدولية وتُعرّض لا بل تضعُ السِّلم والأمن الدوليين على حافة الانهيار، لإرضاء دولة الاحتلال على اساس غير اخلاقي، الادارات الامريكية الحالية والسابقة لا تختلف سياساتها الخارجية اتجاه اسرائيل، فجميعها تسير على خط مستقيم في سبيل تعزيز الوجود الغير شرعي لدولة الاحتلال والتذرع بحمايتها من محيطها العربي لتحقيق مآربها ومصالحها الخاصة في المنطقة العربية ونهب ثرواتها.
فقد سبق أن هدد بيل كلينتون الرئيس الامريكي السابق في العام 2000 المرحوم الرئيس ياسر عرفات في منتجع كامب ديفيد، بإجراءات وعقوبات مادية ومعنوية في حال عدم التوقيع على اتفاق مع رئيس الوزراء السابق ايهود براك، وخرج كلينتون على الملئ وادعى أن ما هو مطروح من ادارته لن يتكرر.
في اقل من عقدين من الزمن تأتي ادارة امريكية جديدة برئاسة دونالد ترامب، وتعيد ذات جملة بيل كلينتون وتقول “بأن المقترح في صفقة القرن لن يتكرر”، لتعلن ما لا تملك لمن لا يستحق – وهو سيناريو قديم جديد يسير على نهج وعد بلفور- بحيث تتخذ هذه الادارة اجراءات واعمال سياسية تخالف ما استقرت عليه قواعد القانون الدولي، فتنقل السفارة الامريكية من تل الربيع إلى القدس، وتنشأ قواعد سفارتها على خط الحرام الذي كان يقسم شرقي القدس عن غربها في منطقة قريبة جدا من جبل المكبر- موقع السفارة تحدي لأسم الجبل وتحدي سافر لعمر بن الخطاب رضي الله عنه بأنه لا مكان لعهدته- ، بل تتجاوز تلك القواعد لتدخل حدود القدس الشرقية، وفي ذات السياق تعلن أن هضبة الجولان السورية اراضٍ اسرائيلية، ويكتمل اعلانها بأن القدس موحدة وعاصمة دولة الاحتلال “اسرائيل”، ولا تمانع في أن يضم الاحتلال الضفة الغربية وغور الاردن بعد الانتهاء من الانتخابات العامة في اسرائيل المكررة للمرة الثالثة في شهر آذار من عام 2020، لتستفز مشاعر الفلسطينيين والعرب الاحرار وباقي احرار العالم، ليخرج علينا بمقترحات لا تليق برجل سياسة محنك ولا تليق بمكانته كرئيس لدولة عظمى.
ما لفت انتباهي وبحكم المؤكد القارئ الكريم، كثرة التصفيق والعناق بين ترامب وبيبي نتنياهو رئيس وزارء اسرائيل، فذكرني تصرفهما بتصرف بعض طلاب مدرستي في الصف السادس الابتدائي، عندما كان بعضهم ينازع لاعبي كرة السلة، فيمسك احد الطلاب بالكرة ليقطع المباراة بين اللاعبين، وكان يصفق له الاخرون ليزداد غضب اللاعبين منتظرين في ذات الوقت تدخل استاذ الرياضة أو شخص كبير لمنع المهزلة.
الجميع سمع آراء الخبراء والمحللين لمقترح ترامب، والسجال لم ينتهي بين معارض للمقترح وبين مؤيد له، بل هناك من أبدى النصح للقيادة الفلسطينية لقراءة المقترح ودراسته، وكنتيجة لهذا السجال تم كتابة مئات المقالات حوله، وبعيدا كل البعد عن تلك الآراء، اعتقد جازما أن معظم القيادات العربية اليوم لا تولي اهتماما للقضية الفلسطينية لاسباب مختلفة لا مجال لذكرها.
الامر الذي يستدعي من الفلسطينين مواجهة ذلك المقترح بكل جرأة وصلابة في الثوابت، لأن عين المحتل ومن يؤازه على مواقف اصحاب القضية وقياداتهم، فالاحتلال بحكم الواقع والقوة العسكرية يحتل جميع اراضي عام 1967 وقبلها اراضي عام 1948، وبحكم ذلك الواقع فإن الاحتلال يفرض شروطه ونظامه على كل شيئ، فعندما يتم اصدار مخالفة سير للفسلطيني الذي يسير بسيارته في مناطق مصنفة “ج” من قبل شرطة الاحتلال، يتم ملاحقته ولو بعد حين، بحيث يُمنع الفلسطيني من دخول اراضي عام 1948 ويمنع من مغادرة جسر الملك حسين إلا بعد دفع الغرامة، وهذا ابسط مثال يُمكن ذكره لتبيان كيفية السيطرة على الانسان الفلسطيني وأرضه.
لذلك اعتقادي الجازم أن مقترح هزيل لا يقوم على اساس الشرعية الدولية، ولم يراع حق الوجود التاريخي لشعب فلسطين على ارضه منذ آلاف السنين الثابت بأوراق رسمية عرف أولها بالعهدة العمرية التي صيغت باتفاق عالمي مسيحي اسلامي قبل 14 قرنا “على ألا يبقى أي من اليهود الذين افسدوا في بيت المقدس فيها…” ، سيؤدي لرفض قاطع من الجانب الفلسطيني لذلك المقترح.
وبالتالي لا يمكن الوصول لهذا الرفض، إلا من خلال بوابة القدس التي شرفها الله بأبناء مخلصين أثبتوا على مرّ التاريخ حبهم وولائهم لمدينتهم المقدسة باعتبارها جزء من العقيدة، وقد سبقنا في ذلك السلف الصالح على ما أفصحت عنه سجلات المحكمة الشرعية إبان الفترتين المملوكية والعثمانية لمدة تزيد عن 600 عام وقبلهما الفترة الايوبية، فالرباط في القدس وزيادة نسل اهلها تتم ببركة من الله ، حيث كان ولا زال اهلها حصن حصين لأي قيادة فلسطينية، مما يجب استغلال هذا الحصن بزيادة مداميك قوته وثباته.
وعليه فقد أصرف في الجهد والمال من قام بصياغة المقترح، واضاع قيمة الحبر والورق، لأن لنا في أمم الارض عبرة وعظة منها: حرب فيتنام والولايات المتحدة ليست ببعيدة زمنيا عنا، وخسارة المانيا الحرب العالمية الثانية، يؤكد على واقع عدم انهاء شعب فيتنام والشعب الالماني الذي اصبح قوة اقتصادية عالمية بعد أن هُزم جيش هتلر، فالحكومات والحروب في زوال – وهذه سنة الله على الارض- وما يمكث إلا الناس وعملهم الصالح، ولنتذكر جميعا موقف السلطان العثماني عبد الحميد – رحمه الله – الذي فقد ملكه مقابل عدم تنازله عن شبر واحد من ارض فلسطين التاريخية، فالتاريخ انصفه واثنى على موقفه، بخلاف مصطفى اتاتورك الذي يلعنه اللاعنون وركنه التاريخ في غيابة الجب دون ذِكرٍ واثر.
لذلك، لا حاجة لقدح وذم بعض القيادات العربية وشعوبها واتهامهم بالخذلان والخيانة، لأن قراءة التاريخ واخذ الدروس والعبر يحتاج لوقت ثمين وتكتيك بذهن وعقل صافي، ومادام أن عقيدة الشعب الفلسطيني اليوم اقتنعت بأن الموت على اعتاب الارض افضل وأشرف من لجوء ونزوح جديدين، فإن وجود فلسطيني واحد مخلص لقضيته وارضه سببا كافيا لعدم تمرير مقترح يمتاز بالمحاباة وعدم الرغبة الجدية في تثبيت حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وارجاع الحق لاصاحبه، مما ينم عن جهل صاحب المقترح لأنه اصرف من عمره خلال الثلاث السنوات السابقة ومن عمر الادارة الامريكية الحالية في اتقان فن الكتابة ليذيع جهله على الملئ، الامر الذي يجب تعديل قواعد اللعبة والبدء في تغييرها بقواعد قانونية تميل لصالح الحق الفلسطيني، بعد القيام بالواجبات التالية الأول: عدم استخدام مصطلح القدس الشرقية فالقدس بشطريها هي القدس، وعلى أن يكون الحديث فقط عن القدس بالمجمل دون تحديد وتجزئة، والثاني: استشارة اولي الاختصاص من اصحاب الرأي في مجال القانون المحلي والدولي وهم كثر في فلسطين، الثالث: والابتعاد كل البعد عن مصطلح الراعي الامريكي.
واخيرا فلنتذكر جميعا أن شرف الوجود في بيت المقدس واكنافه، شرف عظيم لن يناله احد من ابناء الامة العربية والاسلامية، إلا بتقديم الدعم والتسهيل والتيسير لأبناء فلسطين في مختلف المجالات ولو بكلمة طيبة، وهو صعب المنال والادراك لبعض اذناب الفكر الغربي – الصهيوني من بني جلدتنا.

ما لفت انتباهي وبحكم المؤكد القارئ الكريم، كثرة التصفيق والعناق بين ترامب وبيبي نتنياهو رئيس وزارء اسرائيل، فذكرني تصرفهما بتصرف بعض طلاب مدرستي في الصف السادس الابتدائي، عندما كان بعضهم ينازع لاعبي كرة السلة، فيمسك احد الطلاب بالكرة ليقطع المباراة بين اللاعبين، وكان يصفق له الاخرون ليزداد غضب اللاعبين منتظرين في ذات الوقت تدخل استاذ الرياضة أو شخص كبير لمنع المهزلة.
الجميع سمع آراء الخبراء والمحللين لمقترح ترامب، والسجال لم ينتهي بين معارض للمقترح وبين مؤيد له، بل هناك من أبدى النصح للقيادة الفلسطينية لقراءة المقترح ودراسته، وكنتيجة لهذا السجال تم كتابة مئات المقالات حوله، وبعيدا كل البعد عن تلك الآراء، اعتقد جازما أن معظم القيادات العربية اليوم لا تولي اهتماما للقضية الفلسطينية لاسباب مختلفة لا مجال لذكرها.
الامر الذي يستدعي من الفلسطينين مواجهة ذلك المقترح بكل جرأة وصلابة في الثوابت، لأن عين المحتل ومن يؤازه على مواقف اصحاب القضية وقياداتهم، فالاحتلال بحكم الواقع والقوة العسكرية يحتل جميع اراضي عام 1967 وقبلها اراضي عام 1948، وبحكم ذلك الواقع فإن الاحتلال يفرض شروطه ونظامه على كل شيئ، فعندما يتم اصدار مخالفة سير للفسلطيني الذي يسير بسيارته في مناطق مصنفة “ج” من قبل شرطة الاحتلال، يتم ملاحقته ولو بعد حين، بحيث يُمنع الفلسطيني من دخول اراضي عام 1948 ويمنع من مغادرة جسر الملك حسين إلا بعد دفع الغرامة، وهذا ابسط مثال يُمكن ذكره لتبيان كيفية السيطرة على الانسان الفلسطيني وأرضه.
لذلك اعتقادي الجازم أن مقترح هزيل لا يقوم على اساس الشرعية الدولية، ولم يراع حق الوجود التاريخي لشعب فلسطين على ارضه منذ آلاف السنين الثابت بأوراق رسمية عرف أولها بالعهدة العمرية التي صيغت باتفاق عالمي مسيحي اسلامي قبل 14 قرنا “على ألا يبقى أي من اليهود الذين افسدوا في بيت المقدس فيها…” ، سيؤدي لرفض قاطع من الجانب الفلسطيني لذلك المقترح.
وبالتالي لا يمكن الوصول لهذا الرفض، إلا من خلال بوابة القدس التي شرفها الله بأبناء مخلصين أثبتوا على مرّ التاريخ حبهم وولائهم لمدينتهم المقدسة باعتبارها جزء من العقيدة، وقد سبقنا في ذلك السلف الصالح على ما أفصحت عنه سجلات المحكمة الشرعية إبان الفترتين المملوكية والعثمانية لمدة تزيد عن 600 عام وقبلهما الفترة الايوبية، فالرباط في القدس وزيادة نسل اهلها تتم ببركة من الله ، حيث كان ولا زال اهلها حصن حصين لأي قيادة فلسطينية، مما يجب استغلال هذا الحصن بزيادة مداميك قوته وثباته.
وعليه فقد أصرف في الجهد والمال من قام بصياغة المقترح، واضاع قيمة الحبر والورق، لأن لنا في أمم الارض عبرة وعظة منها: حرب فيتنام والولايات المتحدة ليست ببعيدة زمنيا عنا، وخسارة المانيا الحرب العالمية الثانية، يؤكد على واقع عدم انهاء شعب فيتنام والشعب الالماني الذي اصبح قوة اقتصادية عالمية بعد أن هُزم جيش هتلر، فالحكومات والحروب في زوال – وهذه سنة الله على الارض- وما يمكث إلا الناس وعملهم الصالح، ولنتذكر جميعا موقف السلطان العثماني عبد الحميد – رحمه الله – الذي فقد ملكه مقابل عدم تنازله عن شبر واحد من ارض فلسطين التاريخية، فالتاريخ انصفه واثنى على موقفه، بخلاف مصطفى اتاتورك الذي يلعنه اللاعنون وركنه التاريخ في غيابة الجب دون ذِكرٍ واثر.
لذلك، لا حاجة لقدح وذم بعض القيادات العربية وشعوبها واتهامهم بالخذلان والخيانة، لأن قراءة التاريخ واخذ الدروس والعبر يحتاج لوقت ثمين وتكتيك بذهن وعقل صافي، ومادام أن عقيدة الشعب الفلسطيني اليوم اقتنعت بأن الموت على اعتاب الارض افضل وأشرف من لجوء ونزوح جديدين، فإن وجود فلسطيني واحد مخلص لقضيته وارضه سببا كافيا لعدم تمرير مقترح يمتاز بالمحاباة وعدم الرغبة الجدية في تثبيت حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وارجاع الحق لاصاحبه، مما ينم عن جهل صاحب المقترح لأنه اصرف من عمره خلال الثلاث السنوات السابقة ومن عمر الادارة الامريكية الحالية في اتقان فن الكتابة ليذيع جهله على الملئ، الامر الذي يجب تعديل قواعد اللعبة والبدء في تغييرها بقواعد قانونية تميل لصالح الحق الفلسطيني، بعد القيام بالواجبات التالية الأول: عدم استخدام مصطلح القدس الشرقية فالقدس بشطريها هي القدس، وعلى أن يكون الحديث فقط عن القدس بالمجمل دون تحديد وتجزئة، والثاني: استشارة اولي الاختصاص من اصحاب الرأي في مجال القانون المحلي والدولي وهم كثر في فلسطين، الثالث: والابتعاد كل البعد عن مصطلح الراعي الامريكي.
واخيرا فلنتذكر جميعا أن شرف الوجود في بيت المقدس واكنافه، شرف عظيم لن يناله احد من ابناء الامة العربية والاسلامية، إلا بتقديم الدعم والتسهيل والتيسير لأبناء فلسطين في مختلف المجالات ولو بكلمة طيبة، وهو صعب المنال والادراك لبعض اذناب الفكر الغربي – الصهيوني من بني جلدتنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى